ضياء ابو معارج الدراجي||
في عام ١٩٩٤ كنت طالب في المرحلة الرابعة لقسم علوم الحاسبات كلية التربية الجامعة المستنصرية وتعرفت على زميل جديد كان يسبقني بمرحلة وقد اعاد السنة للتهرب من الخدمة العسكرية لنصبح في نفس المرحلة زملاء دراسة.
كنت في مرحلة توطيد العلاقات معه .
وفي يوم رأيت صديقي منزعج وعندما استفسرت عن سبب انزعاجه اخبرني بانه ليلة امس قد حصل على نصف كيلو زنود الست(حلويات عراقية) لكن القدر قد اسقط كيس (سماگ) مالح حامض بالخطأ عليها واختلطوا مع بعض فتركهما فوق الدولاب بعد ان افسد السماگ طعم(زنود الست).
كانت الساعة تمام التاسعة صباحا وبسرعة ودون تردد قلت لصديقي الذي يسكن السيدية قم نذهب الى بيتكم اريد هذا النصف كيلو من زنود الست مهما حصل وجررته مم يده وركبنا سيارتي المسيوبيشي موديل ١٩٨٢ وتوجهنا الى بيته في السيدية رغم ان جامعتنا في منطقة شارع فلسطين.
زنود الست تلك الحلويات التي كان يزخر بها البلد قبل غزو صدام للكويت الذي سبب بفرض حصار دولي قاتل على العراق نهاية ١٩٩٠ تلك الملفوفة الذيذة التي ادمنتها منذ اول يوم تناولتها فيه والتي هجرتني بطعمها الذيذ على مدار ٤ سنوات بعد بداية الحصار الامريكي على العراق عام ١٩٩٠ لتصبح من الصناعات الممنوعة قد تصل عقوبة من يصنعها او يتاجر بها الى الاعتقال والسجن وربما الاعدام كانها حشيشة او مخدرات ومن الممنوعات على الشعب المحاصر من قبل الحاكم لان الطحين والسكر والزيت يدخل في صناعتها وهي مواد نادرة الوجود في العراق المحاصر.
دخلنا دار صديقي وكان البيت فارغ وتوجهنا الى غرفة نومه وهناك وضعت يدي على النصف كيلو من الزنوت الست التهمه بشغف المدمن دون ان اكترث لحموضة السماگ وملوحته فحلاوه السكر والمذاق الافلاطوني القديم لها حجبت عني اي طعم اخر قد يفسد مذاق تناولها الممتع.
تلك كانت واحده من مئات الحكايات التي مرت علينا في زمن البؤس الذي يصفه الصداميون بزمن الخير ويخدعون بكلامهم أجيالا لم تعش ذلك الزمن المر الصعب المذل الذي سحق سنوات شبابنا بين خدمة العلم وطاحونه الجوع في امبراطورية الخوف وقطع الاذن والمعصم والرقبة لاتفه الاسباب بحجة عداوة النظام الحاكم .