🖊ماجد الشويلي||
نداءات ،وخطابات ،وتفاوض ،وحوارات.
اعلام ،ومؤتمرات، صفقات سياسية وغيرها .
كلها تنادي بوضع العراق على الحياد، والنأي به عن سياسة المحاور ، ولم يتفضل علينا احد ويقدم لنا شرحاً عن ماهية الحياد هذه .
هل هو الوسطية ام انه الانعزال والانكفاء،
هل ان المطالبات بوضع العراق على الحياد واقعية ام لا ؟
هل الحياد هذا متعلق بالصراع الدائر بين محور يقف مع فلسطين ويعارض سياسات الولايات المتحدة الامريكية والسعودية والكيان الصهيوني في المنطقة ، أم ان المقصود من الحياد هو النأي بالعراق عن اي موقف مهما كان ذلك الموقف صغيرا أو كبيراً ؛ أكان يتعلق بأمن جيرانه أم أمن المنطقة !
ولست ادري ايمكن ان يعقل مثل هذا الامر ويجد له تطبيقا على ارض الواقع؟
انا بالنسبة لي لا اجد امكانية لتطبيق هذا الامر لاسباب جمة،
اولا لان الحياد المطلق لاوجود له في قاموس السياسة ولا في منظومة العلاقات الدولية، لانه يعني وبالضرورة شلل الدولة وفقدانها الارادة .
اما الحياد الجزئي فهذا مايمكن الحديث فيه وكذلك حدوثه . ولذلك ولاجل ان يكون الحديث مستندا لاساس منطقي لابد ان نفصل ونفكك عبارة الحياد لنسبر اغوارها ونقف على ماهيتها وكنهها .
إذ أن مجرد الحديث الفضفاض عن الحياد لا يفضي لنتيجة الا اذا كان المراد منه هو وضع الناس في دولاب الحيرة وممارسة التعمية على الحقائق...
المهم ان الحياد اذا كان يعني بان تترك مصلحتك مع الطرف الفلاني لمجرد ان الطرف المتنازع معه لايرضى لك بذلك فهذه عين العبودية والاستهتار بسيادة الدولة .
فمثلا حين تكون مصلحة العراق مع اقامة علاقات تجارية مع الصين لاينبغي للساسة العراقيين ان يتخلوا عنها لمجرد ان امريكا تعتبر أن هذا الامر يعد اضعافاً لنفوذها في المنطقة ومضاعفة لقدرات الصين الآخذة بالتنامي على كل الصعد .
أو حينما تجد السعودية ان التقارب مع ايران وفتح قنوات التعاون معها يدخل في اطار فك الحصار الذي تفرضه عليها هي وامريكا ، فان ذلك ليس حياداً بل هو عين الانحياز والرضوخ لطرف دون طرف آخر.
ان الحياد بهذا المفهوم يفقد العراق هويته واصالته بل ويفقده مصالحه كدولة لها استحقاقاتها الاقتصادية والامنية والثقافية الخ...
كان يمكن ان يقال للعراق اننا نريد منك كدولة ان تقف على الحياد في مسألة محددة كالصراع المحتدم على فلسطين
لكن حتى هذا لم ولن يحصل.
الامريكان يريدون للعراق الرسمي ان يقف متفرجاً على مايجري في سوريا رغم ان الارهابيين يرفعون شعارات الموت والذبح
للشيعة ويتوعدونهم الهلاك.
يريدون للعراق ان يقطع علاقاته بايران لكن تستمر علاقاته بهم .
يريدون للعراق أن ينخرط في صفقة القرن المشبوهة حتى يتكرموا عليه بتوصيفه حيادياً.
المطلوب من العراق ان يكون حيادياً على حساب مصالحه ، وان يقاطع الدول التي دعمته في مواجهة داعش حتى وان لم تكن له مشاكل معهم .
ألمطلوب من العراق ليس الحياد وانما الانحياز التام لامريكي والرضوخ لاملاءاتها
، فايران لم تطلب من العراق قطع علاقته بامريكا ولم تفرض عليه سلوكاً معينا مع السعودية ، الا أن المحور الامريكي وهو من يطالب بحيادية العراق في اعلامه المسموم يعمل على جر العراق عنوة لمعسكره .
عندما اختلفت تركيا مع السعودية اختارت قطر الالتحاق بالحليف العثماني .
لم تجبرها الولايات المتحدة على العودة لاحضان السعودية وتعاملت مع قطر بانها دولة ذات سيادة وعلى الاقل احترمت رأيها وخصوصياتها.
الا انها تعاملت مع العراق بازدراء كبير حينما سعت عنوة لارغامه على الدوران في فلكها في اكثر من مناسبة .
وعليه فنحن نقول ان الحياد لا يعني أن تتخلى الدولة عن مصالحها كي ترضي حلفائها ،
هذا من وجهة نظر براغماتية اما اذا اردنا ان نتحدث عما يليق بالعراق كدولة لها تاريخها وارثها العقائدي فلايليق به الحياد ان كان هذا الحياد يساوي بين من وقف معه ومن وقف ضده