لازالت تداعيات اعتقال الجاسوسة الاسرائيلية الالمانية الاصل (هيلا مفيس) في العراق ؛ تحافظ على وتيرتها الاعلامية التي اخذت حيزا كبيرا في القنوات الفضائية ومواقع التواصل الاجتماعي خاصة. فبين التكهنات التي حامت حول اعتقالها والدوافع التي ادت لذلك؛ وبين من اراد أن يجعل منها مادة اعلامية لتصفية حساباته مع غرمائه ، بقيت حصانة أمن البلد ودور الاجهزة الامنية المختصة بمكافحة التجسس والاختراقات الدولية الخارجية ، رهينة التغاضي المزمن الذي تعيشه الجهات المعنية لمتابعة مثل هذه الملفات الحساسة . فكلنا يعلم علم اليقين ان تأثيرات المحاصصة السياسية التي انسحبت لتطال الاجهزة الامنية الحساسة ، وآفة المحسوبيات والمنسوبيات التي نخرت عملها، بل وعمل الهيئآت الحكومية بشكل شبه كامل ، لها الاثر البالغ بتوهين دور هذه الاجهزة المهمة واضعاف قدراتها على النهوض بابسط واجبتها وايسرها على الاطلاق . وهي التعرف على جاسوسة عملت لمدة طويلة أمام الملأ وجنبا الى جنب مع شخصيات رسمية دون التعرف عليها. فضلا عن معرفة ان تواجدها في العراق دون موافقات رسمية واصولية. أن مايدعو للاستغراب هو تغاضي الحكومات المتعاقبة عن عمل منظمات المجتمع المدني او بالاحرى المنظمات المشبوهة ، التي تتخذ من منظمات المجتمع المدني غطاء لها . فرغم ان البرلمان قد شرع قانون المنظمات غير الحكومية رقم 12 لسنة 2010 الا ان أحد لم يعلم حقيقة هذه المنظمات وطبيعة عملها ومهامها التي تضطلع بها خاصة الاجنبية منها . ولولا هذا الاغفال والاهمال ولعله التغاضي المتعمد لما كان ل(هيلا مفيس) ان تبقى طوال هذه المدة دون ان يتعرض لها احد بسؤال اين اوراقك الرسمية .؟! منظمات المجتمع المدني التي يربو عددها على 4500 منظمة موزعة على جغرافية العراق كافة ، 400 منظمة منها فقد هي من تقدم كشوفاتها السنوية، ولعل هذا العام لم تقدم فيه الا 100 منظمة كشوفاتها وحساباتها الختامية. لايمكن لاحد ان يحدد بالضبط مواقع هذه المنظمات وخارطة انتشارها . لاسيما انها متسلقة عمودياً ومتزحلقة افقياً وهذا ما أمنه لها القانون وفقاً لبعض الثغرات في فقراته . والملاحظ أن بعضاً من هذه المنظمات قد اتُخذت كستار لاعمال اخرى كصالات (الروليت) وتجارة (المخدرات) . والملفت ان أغلب هذه المنظمات تتمركز في الاحياء والمناطق ذات الطابع الشيعي !! لذا فمن الطبيعي جدا ان تنشأ وتترعرع ظاهرة التجسس وتجد لها اجواء ملائمة للتغلغل في ادق تفاصيل حياتنا .
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha