ضياء ابو معارج الدراجي ||
يحكى ان ملك غافل عن رعيته تاركا امورها بيد بطانته وحواشيه متفرغا لملذاته اراد ان يتفقدها يوما فخرج مع الحاشية والبطانة والحرس يتجول في ارجاء المملكة ورغم علم الناس بخروجه لم يخرج منهم احد لاستقباله وهذا الامر احرج البطانه والحواشي امام الملك الذي كان يظن انه عادل وتحبه الرعية وكلما طال المسير زاد غضب الملك على الحواشي والبطانه حتى وصولوا قرية كان قد خرج منها جمع من الناس يعزفون ويغنون ويدقون الطبول لعرس فيها ،هرول الحواشي مع الحرس وجمعوا الناس حول الملك وطلبوا منهم الرقص والغناء احتفالا به ،فرح الملك بذلك وانقذ الموقف الحواشي من عقابه و هناك اعلن الملك المسرور بمنح القرية مكافئه ١٠٠ دينار ذهب ليضع في كل باب بيت منها فانوسا زيتا يضيء شوارعها ليلا وعمال يديمون الاشعال والاطفاء وملئ الفوانيس بالزيت رواتبهم من قصر الملك.
عاد الملك سعيدا الى قصره ونادى وزيره وقال له خذ هذه ١٠٠ دينار ذهب وضع في كل باب بيت من القرية فانوسا زيتا مضيئا اريدها قرية منيرة خلال اسبوع
خرج الوزير من عند الملك واستدعى قائد الحرس وقال له خذ هذه ٥٠ دينار ذهب وضع في كل باب بيت من القرية فانوسا زيتا مضيئا اريدها قرية منيرة خلال اسبوع ،ذهب قائد الحرس الى نائبه وقال له خذ هذه ٢٥ دينار ذهب وضع في كل باب بيت من القرية فانوسا زيتا مضيئا اريدها قرية منيرة خلال اسبوع،ذهب نائب قائد الحرس مع مجموعة من الحرس الى مسؤول القرية وقال له خذ هذه ١٠ دينانير ذهب وضع في كل باب بيت من القرية فانوسا زيتا مضيئا اريدها قرية منيرة خلال اسبوع.
وضع مسؤول القرية الدنانير الذهب في جيبه واصدر صباحا امر باسم الملك وقال على كل بيت ان يضع فانوسا زيتا مضئيا في بابه ومن يمتنع سيكون السجن مصيره نريدها قرية منيرة خلال أسبوع.
وبعد اسبوع طل الملك ليلا من شرفة قصره يشاهد كرمه وسخائه قد اضاء القرية وهو يشعر بالانتعاش والفخر بينما ينال الشتم والسباب من اهلها الذين باعوا أغراضهم وزاد عبئهم بتوفير اموال الفوانيس وزيتها غالي الثمن حتى لا يكون مصيرهم السجن بامر الملك الظالم .
هذا هو حال العراق اليوم اموال تصرف لتختفي قبل ان تنفق وخزينة بلد خاوية يطلب من شعبه ان يملئها من عرقه ضرائب ورسوم وتقشف واستقطاع رواتب وخدمات عالية الثمن عديمة الفائدة .
اما ان يكون الملك غافلا او يكون مشتركا بالجريمة والبطانه والحواشي تتقلب في الاموال والمنافع فسادا والشعب يتقلب من الحر والجوع والمرض والعوز.