عمار محمد طيب العراقي ||
في خضم الصراعات التي تسود الساحة السياسية العراقية، يتراجع الإهتمام والتفكير بأوضاعنا الأقتصادية، ويتصاعد بالمقابل التفكير بعقلية أمنية لحلول مالية، مع أن الترابط وثيق جدا، بين الأمن والأقتصاد والمال والسياسة، لكن المعنيين بالأمر يفكرون دائما، بحل ينطلق من أحد هذه الأربعة فقط!
من الواضح أن واقع الحكومة الراهن، يجعل الأولويات السياسية تتقدم على ما سواها، ليس لأسباب واقعية ومنطقية، بل لأن الساسة لا يستطيعون التفريق بين مفهومين مختلفين، أحدهما هو الإدارة الإقتصادية والثاني هو الإدارة المالية، متصورين أنهما من سنخ واحد، مع أن الحقيقة العلمية، تقول أن المال في خدمة الإقتصاد وليس العكس، لذلك فإن الساسة، وبالأخص المنخرطين منهم بالجهاز التنفيذي؛ لا يعيرون الأقتصاد الإهتمام المستحق، ويتصورون أن الإقتصاد يعني فقط؛ توفير الرواتب لجيوش موظفي الدولة والمتقاعدين في آخر الشهر!
هذا الطريق بالتفكير؛ حول الدولة من مجموعة مؤسسات تدير أمور الشعب، وفقا لعقد إجتماعي مكتوب هو الدستور، الى جهاز للرعاية الأجتماعية، مهمته توفير الأموال للعاملين في الدولة، لغرض أن يعيشوا يومهم، ولذلك وبمجرد أن تتلكأ الدولة في توفير المال، ينقلب عليها جيشها ويريها يوما أسودا، كما هو حاصل هذه الأيام!
غالبا ما يرى الساسة الأشياء تحدث أمامهم، لكنهم يتركونها تتفاعل تلقائيا، معتقدين أن تفاعلها بهذه الطريقة، يتيح لهم قطف الثمار باللحظة المناسبة، لكنهم سرعان ما يكتشفون، أن الثمار المقطوفة، كانت غير ناضجة فيحتارون كيف يتصرفون معها فيرمونها، وبذلك تضيع الثمار على محتاجيها!
نحاول هنا أن نرسم صورة واقعية، لبعض ملامح إقتصادنا؛ عسى أن نتعلم قطف الثمار في أوانها!
• بُعَيدَ تفيير عام 2003العاصف؛ حصل نمو للإقتصاد العراقي، لكن التعثر السياسي، حول هذا النمو الى خدعة، إبتلعناها طيلة سبعة عشر عاما، واليوم؛ وصلنا إلى نهاية النمو الخادع، فأكتشفنا أننا أكلنا كل ما تحت يدنا، ولم نترك لأبنائنا إلا المشكلات!
• غياب التفكير الأقتصادي، أو إناطته الى ساسة، ليسوا متخصصين بالشأن الأقتصادي، فوت علينا صياغة وتنفيذ سياسات اقتصادية سليمة، لصالح شعب طال عذابه المعيشي والإنساني!
• مثله تكليف إدارة المال العراقي، بمن لا يتوفرون على الحد الأدنى من التفكير المالي، ولذلك تآكلت مدخراتنا بشكل سريع، وأستنزفت في مزادات العملة، التي يطلقها البنك المركزي العراقي بشكل يومي، لصالح غسيل المال السياسي؛ هذا هو الملمح الثالث!
• الملمح الرابع؛ ارتفاع معدلات البطالة، وتدني الإنتاجية والأجور الحقيقية، بسبب الحاق الإقتصاد العراقي بإقتصاد السوق، ضمن بروتوكول باريس الاقتصادي، لذلك فإن إقتصادنا؛ يواجه نفس ضغوطات التحرير التجاري والاقتصادي والمالي العالمي، دون القدرة لاستخدام تلك الأدوات، السياساتية الاقتصادية والتجارية والنقدية بالشكل المفيد للعراق.
• يمثل تآكل الدخول الحقيقية، وتزايد الفقر بسبب التضخم وتفشي الفساد، معضلة خامسة تحول الأزمة الأقتصادية، الى أزمة ثقة بالنظام القائم، وهكذا فإن الحقيقة؛ هي أن الأزمة الاقتصادية ليست وحدها خطرا على مستقبلنا، إذ اصبحنا نواجه أزمة سياسية وأزمة ثقة، بل أزمة وجود سلطة قادرة على إدارة البلاد، ما يمكن عدها مقدمة، لعاصفة قد تطيح بكل شيء، أو تقلبه رأسًا على عقب!
• السادس؛ إن نفاذ البدائل السياساتية المالية والاقتصادية، مشكلة كبرى تجعل نظام الحكم القائم، في موضع ضعيف.
• السابع؛ اليوم وفي غياب أي حل اقتصادي للأزمة المزمنة، تواجه الدولة العراقية خيارات صعبة؛ أما ان تسعى لضبط الأمور، وتصحيح بعض التشوهات هنا وهناك، أو الدخول في صراع مع شعبها، لكن دون القدرة على معرفة التكاليف أو احتسابها..
• الخيار الثامن؛ ان تغلق الأبواب والنوافذ؛ بانتظار مرور العاصفة التي ستطيح بكل شيء!
هل يمكن لأعمى أن يحدث أطرشاً عن بلبلِ فوق شجرة؟!
شكرا
18/6/2020
ـــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha