🖊ماجد الشويلي
كما هو معلوم فان التفاوض يعرف بأنه ؛((عملية تستهدف الوصول إلى حلول مقبولة أو اتفاق يسهم في تحقيق مصلحة طرفين أو أكثر يربطهم موقف مشترك))
واليوم يجري الحديث عن عزم الحكومة العراقية (المؤقتة) على إجراء التفاوض مع الجانب الامريكي بناء على طلب ألاخير .
وقد لايجدر بنا إصدار الاحكام المسبقة على هذه المفاوضات ونتائجها برغم أن لدينا وفرة من الدلائل والقرائن التي تضعها(المفاوضات) في دائرة الشك وتدفع بنا لسوء الظن تجاهها .
وكما قال الامام علي عليه السلام :-
((عليك بسوء الظن فإن اصاب فالحزم وإن أخطأ فالسلامة))
فسوء الظن هذا هو الذي يدفع بنا لمحاولة استكشاف طبيعة هذه المفاوضات والدوافع التي تقف وراء الطلب الامريكي لاجرائها.
كما أننا نجد أنفسنا ملزمين ببيان مايكتنف هذه المفاوضات من مواطن ضعف تشكل تهديدا وجوديا على أمن ومستقبل العراق.
فالتفاوض الذي بات يمثل علماً وفناً مستقلا بحد ذاته ؛ له اساليبه وفنونه ومدارسه .
حتى عرف (بفن ادارة الصراع)
يدفعنا للبحث بالدوافع التي دعت الولايات المتحدة للطلب من العراق التفاوض معها . والبحث بما يمتلك العراق من مقومات التفاوض الناجح (ولانقول التفاوض الرابح حتى لانتهم بالمبالغة) .
فمن المعلوم أن الاسباب التي دعت الولايات المتحدة للتفاوض كثيرة ، واهمها هو تنامي قدرات محور المقاومة في المنطقة والعراق ، والانتصار على داعش . إضافة لارتفاع منسوب الوعي والسخط الشعبي على الولايات المتحدة، والذي توج بقرار مجلس النواب، القاضي بانهاء التواجد الاجنبي على أرض العراق .
ما يعني بالضرورة إجهاضاً لمشروع ستراتيجي عميق ؛ بذلت لاجله الولايات مليارات الدولارات من أجل تحقيقه .
وخروجها من العراق يعني التخلي عن اسرائيل ، وتركها لقمة سائغة لايران ومحور المقاومة، لان العراق يمثل عقدة الوصل بين أيران وخط المقاومة الممتد من طهران الى بغداد عبر دمشق وبيروت وصولا للوقوف على أعتاب فلسطين المحتلة .
بل أكثر من ذلك فإن انسحاب امريكا من العراق يهدد بانهيار المنظومة العربية الرسمية بالكامل ، وسيطرة الجمهورية الاسلامية على منطقة غرب آسيا ،الغنية بالنفط والثروات الطبيعية، والمشرفة على أهم المضائق المائية في العالم .
هذا باختصار هو السبب الذي يدفع أمريكا للتفاوض مع العراق ، ضماناً لبقاء تأثيرها في المنطقة ،والحصول على مبررات شرعية إضافيةلتواجدها هنا.
أما مقومات التفاوض الناجح التي ينبغي أن يتوفر عليها العراق ؛ فيقف في مقدمتها ضرورة تحقق الندية بين الطرفين !
فكل مفاوضات تجري بين طرفين، تعتمد بالاساس على نقطة الانطلاق . ومالم تنطلق من نقطة الندية، فان النتائج سوف لن تكون لصالح العراق مطلقاً.
ومن الواضح جدا أن العراق حالياً، لايملك الندية للولايات المتحدة على المستوى السياسي . وجميع الظروف التي يمر بها لاتجعل الحكومة في مورد الاهلية لاجراء التفاوض والنجاح فيها.
فالحكومة مؤقتة ومؤطرة بمهام محددة ، تنحصر باعادة هيبة الدولة التي فقدتها جراء الحراك الشعبي الاخير، والتمهيد لاجراء انتخابات برلمانية مبكرة وتمرير الموازنة العامة.
والملاحظ أن المفاوضات لم تكن على اجندة تشكيل الحكومة ، بل ولا من ضمن مطالب المتظاهرين منذ 1/اكتوبر/2019 لحد اللحظة . لكنها دخلت على الخط ، وكأنها ضرورة ملحة لاغنى عنها ، في الوقت الذي كان من المفترض ان تسعى الحكومة لتنفيذ قرار مجلس النواب القاضي بجلاء القوات الامريكي من العراق بالكامل.
وهو مايثير الشك والريبة لدى جميع المراقبين والمحللين السياسيين.
ومع ذلك قلنا بان العراق لايملك العنصر والركيزة الاساس لانطلاق التفاوض . فامريكا لاتتعامل مع العراق على انه بلد ذو سيادة كاملة ، ففي الامس القريب عمدت لاغتيال شخصية رسمية هو الشهيد ابي مهدي المهندس (رض) وضيف العراق المكلف بمهمة رسمية وطلب رسمي من العراق الشهيد الحاج قاسم سليماني (رض).
فكيف يمكن والحال هذه ان ينطلق التفاوض من أُسس صحيحة .
العنصر الآخر ؛ هو عنصر القوة والزخم المعنوي الذي تمتلكه الجهة المفاوضة. فاقوى قوى المتفاوضين هي القوى الشعبية والزخم الذي يوفره تاييدها ودعمها للمفاوضين.
وهذه القوة قد تم تنحيتها جانبا على مايبدو. فلا توجد صلة وثيقة بين الحكومة والجماهير ، خاصة تلك الجماهير الموتورة من الامريكان الذين اغتالوا الشهيدين وضربوا معسكرات الحشد وقتلوا ابناءه.
رغم انها خرجت بالملايين في جمعة السيادة للمطالبة بخروج الامريكان .
ولا اتصور بان حكومتنا المؤقتة، تدرك اهمية الزخم الجماهيري بالضغط على الامريكان للخروج من العراق.
وخير من عبر عن الزخم الجماهيري الذي ينبغي أن نلتفت اليه هو الامام الخامنئي الذي قال (أن هذا التأييد الشعبي هو الحشوة التي انطلقت بها الصواريخ التي دكت قاعدة عين الاسد الامريكية انتقاما للشهداء)).
فأين نحن من هذا الفهم والعمق بتوضيف البعد الجماهيري لترسيخ السيادة الوطنية.
ــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha