🖊ماجد الشويلي ||
لماذا على أيران أن تتبنى قضية القدس وفلسطين، في بواكير ثورتها الفتية التي لم تستقر بعد(آنذاك) وتعلن انها تتبنى قضية تحرير فلسطين من البحر الى النهر. في الوقت الذي انسحبت فيه أكبر الدول العربية (مصر)من معادلة الصراع مع الكيان الصهيوني وووقعت اتفاقية السلام الدائم معه. لتستمر عقبها الاتفاقيات واحدة تلو الاخرى بدءً منها ومروراً باتفاقية وادي عربة وأوسلو ،ووصولاً الى صفقة القرن المشؤومة الان .
فالم يكن من الاولى منطقياً أن تستقر الثورة الاسلامية وتتشكل حكومتها وتترسخ دعامات النظام الاسلامي السياسي الفريد من نوعه على مستوى العالم والذي لم يتكئ لا على المعسكر الشرقي ولا الغربي
(جمهورية اسلامية لاشرقية ولا غربية)
أوما كان بأمكان هذه الدولة لوكانت فعلا تريد أمنها القومي أن تتجنب الصدام مع الولايات المتحدة والكيان الصهيوني. على الاقل في مرحلة التأسيس لنظامها السياسي الجديد لعقد او عقدين من الزمن .
كما فعلت بعض ثورات الربيع العربي وفي مقدمتها مصر التي ابقت على اتفاقية (كامب ديفيد) على حالها بذريعة أن الاوضاع الداخلية ومصلحة الامن القومي العربي والمصري لايستدعيان الغاء اتفاقية السلام مع الصهاينة ولا التصعيد معها .وليس هذا فحسب بل وجدت مصر _ألثورة الجديدة_ أن مصلحتها تكمن بالتضييق على المقاومة في غزة وتنفيذ كافة الالتزامات الامنية مع الجانب الاسرائيلي .
أما ايران فلم تعمد للقيام بأيٍ من هذا بل على العكس ضربت مبدأ البراغماتية من الاساس وأعتمدت مبدأ (أداء الواجب الشرعي وإيكال النتائج الى الله)
ولقد كان بأيران _الثورة الاسلامية _أن تعيد تسنم قيادة المنطقة من الامريكان من جديد ولكن بسمة شيعية ، خاصة أن أمريكا لايهما من يتسيد المنطقة ويكون شرطياً فيها مادامت مصالحها محفوظة مأمنة .
مع وجود اعتبارات عدة داعمة لهذا التوجه .
فالعراق ذو الاغلبية الشيعية يطفو على بحر من النفط والمنطقة الشرقية في بلاد نجد والحجاز ذات أغلبية شيعية وكذلك البحرين وبشكل وآخر فان اليمن زيدية ولها مشتركات كثيرة مع الشيعة . وفي ظل هذا التوجه لن يكون لبقية الدول الخليجية ذلك الاثر في معارضة هذا التوجه.
أما مصر التي ارهقتها تبعات تبني القضية الفلسطينية وتنصلت عنها بشكل واضح، وشعبها بعقيدته الولائية لاهل البيت وفقهه السني لن تجد ضيرا في الانخراط والتماهي مع قيادة إيران للمنطقة بطابع شيعي .
خاصة أن هذه العلاقة ستدر على مصر منافع اقتصادية كبيرة وتتخلص معها بشكل ابدي من حراجة السلام مع إسرائيل .
وسيكون حينها بحوزة إيران الكثير من المسوغات والمبررات لانتهاج هذا المنحى .
فهي بلد ليس عربي والعرب هم من تخلوا عن فلسطين وليس هي .
كما وان فلسطين ذات طابع مذهبي سني والشيعة مضطهدون من انظمتهم .
وما أن يجد الشيعة بان هذه الثورة قد تبنت قضيتهم المذهبية وتمتعوا بحقوقهم وتنعموا بثرواتهم حتى يلتفوا حولها ويعاضدوها بكل ما اوتوا ، ولعلنا لن نسمع أي رأي فقهي معارض لقيام هذه الدولة الشيعية الكبرى في المنطقة. وقد قلنا بان امريكا ستجد ضالتها فيها وتكون هي والكيان الغاصب من أكثر الداعمين لها، بل وحتى السعودية فالملك سلمان الذي رقص ترحيباً بزيارة الشاه لارض الحجاز سنجده راقصا ومرحبا بزيارة خاتمي او روحاني .
وشيعة المنطقة سيجدون في هذا التوجه الخيار الامثل لانصافهم من السنة وتعويضهم عن قرون خلت من الحرمان والاضطهاد الذي عاشوه تحت وطأة الامبراطوريات الظالمة التي حكمت باسم السنة (زوراً) بدلا من وضعهم وزجهم في مشروع المواجهة مع امريكا ومعها اسرائيل أكبر دول العالم واقواها ومن خلفهم المنظومة العربية بما تحمل من قدرات وامكانات .
الامر الذي تسبب بالفعل بوجود تبرم وتذمر وانتقاد شيعي حوزوي وجماهيري واضح لسياسات الجمهورية الاسلامية هذه في المنطقة والعالم .
فكثير من الشيعة لايرون ضرورة لقيام ايران بمعاداة امريكا واسرائيل والانظمة العربية في آن واحد ، ورغم انهم يؤيدون قيام دولة شيعية قوية في المنطقة تحفظ لهم مكانتهم وتمنحهم حقوقهم إلا أنهم لايؤيدون قيام هذه الدولة بمغامرة الوقوف بوجه العالم الغربي والشرقي على حد سواء .
لانهم يعدونها مغامرة بوجودهم ومصيرهم فبشكل وآخر سيجدون أنفسهم (اي الشيعة) أما مضطرين للدفاع عن دولتهم هذه ولو بغير قناعة منهم أو تحمل تبعات مواجهتها لسياسة دول الاستكبار العالمي التي وضعت الشيعة كلهم بالفعل في خانة واحدة . وهذا ماحصل فقد تآمرت دول الاستكبار على التشيع حتى طحنت ابناءه في حرب ضروس لثمان سنوات بين العراق وإيران وكان الغرب والمنظومة العربية ينتظرون نتائجها التي صبت لمصلحتهم في النهاية.
لكن ذلك كله لم يثن إيران عن مبدأها الاسلامي بل والانساني .
واختارت ان تكون ثورتها اسلامية وليست شيعية ووضعتها ووضعت معها كل مقدرات ايران في خدمة الاسلام والقضايا الانسانية
وكما عبر الامام الخميني (رض)
عن خلافه مع مهدي بازرگان حينما قال (إختلفت انا ومهدي بازرگان لانه اراد الاسلام لايران وانا اردت ايران للاسلام)
وبهذا قد تحطمت وتتحطم كل يوم اباطيل واضاليل وارجاف المرجفين التي نصبت العداء للثورة الاسلامية وتبين للجميع أن إيران وثورتها انسانية عالمية اسلامية وان نصرتها واحيائها ليوم القدس العالمي قائم على هذا الاساس . وهي ماضية في مشروعها العالمي هذا حتى النهاية ولهذا السبب وجدنا ان جموعا غفيرة من احرار العالم قد ساروا في ركبها وانتهجوا نهجها كما نصب لها العداء الكثير الكثير ممن ارتضوا لانفسهم السير في ركب المستكبرين
سواء كانوا شيعة ام سنة مسلمين ام غير مسلمين شرقيين ام غربين
لان الحق بات هو الفيصل في حب ايران وبغضها . فمن احب واراد الحق احب ايران ومن تنصل عن الحق وابغضه أبغض أيران
وفلسطين ويوم القدس العالمي قد اختزل هذا الصراع كله
ـــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha