ضياء ابو معارج الدراجي ||
قمة النزاهة والعلم تردي الى قعر النسيان فقد اصبح مقياس النزاهة والامانة والعلم يتناسب تناسبا عكسيا مع تعينك او تدرجك الوظيفي فكلما ارتفعت معدلات نزاهتك وامانتك وعلمك انخفض منصبك الوظيفي والعكس صحيح والمشكلة ليست فيك ولا في نزاهتك وامانتك لكنها في من تسلط على الامر العراقي بواقع الحال واصبح يمتلك مفاتيح التعين والتكليف والتثبيت ويمتلك مقدرات البلد ليصبح قمة اللصوصية وهرم الفساد على راس المؤسسة يامر وينهي وقمة النزاهة والخبرة والعالم في قعر المؤسسة يضيع تحت ركام أتربة الارشيف يُنسى كما تنسى اوليات السنوات الماضية التي تم ترحيلها رغم المعلومات المهمة والخبرات المتراكمة والحلول المنطقية التي تكتنف طياتها الورقية المثقبة.
لقد انحدر البلد الى اسوء منحدراته الاقتصادية والعسكرية والفنية والعلمية والتعليمية ليس بعد ٢٠٠٣ فحسب وانما منذ تسلط البعث الساقط خلال حكمه الخمسة والثلاثيني البغيض فكانت المحسوبية والعشائرية والتبعية حد الانغماس هي الحاكمة في مؤسسات الدولة اما الخبرات والعقول فكان يستفاد منها فترة وجيزة لا تتعدى السنتين بأحسن الحالات كتابعين باجور زهيدة ثم يتم تصفيتهم جسديا او فكريا او عقليا او نفسيا ويصبحوا نسيا منسيا وتبقى العوائل السياسية متسلطة على الوضع تضع من تضع من ابنائها الفاشلين في قيادات البلد جيلا بعد جيل كاّن الحكم والقيادة قد فصلت عليهم والخدمة والتبعية مقدرة لغيرهم من الرعية، ان عوائل الحكم ما قبل ٢٠٠٣ استبدلت بعوائل حاكمة جديدة ما بعد ٢٠٠٣ بنفس النمط ونفس العقلية والاسلوب.
عندما اتكلم عن التفاصيل الدقيقة ربما اؤثر على نفسي فقط واتعرض للمضايقات من هنا وهناك واصبحت كيس الملاكمة الذي يفرغ فيه كل متسلط ضرباته ليخيف منافسية من باقي المتسلطين ويرعب من يتجرأ عن كشف فسادهم من المستضعفين لكن احببت ان اتكلم بالعناوين بعيدا عن التفاصيل فلا يحتاج الناس الان اكثر من العنوان لقد فهموا اللعبة وعرفوا المستور وكشفوا تقريبا كل الخفايا رغم انهم مشاركين في لعبة الفساد ايضا من حيث يعلمون او لا يعلمون بسكوتهم وغفلتهم وعدم مبالاتهم وتركهم للصوص والقتله يتسلطلون عليهم وهتافهم للمنتفعين منهم بحثا عن بقايا دقيق في حجر المطحنة.
فمن ذبح الناقة وفصيلها شخص واحد لكن الله عاقب قوم صالح بجمعهم لانهم سكتوا عن ذلك وزوجة لوط لم تكن فاجرة لكنها رضيت بما كان يفعل قومها فعوقبت معهم وزوجة نوح كذلك ولنا في القرآن الكريم قصص شتى ان كنتم مؤمنين.
ما يعجبني في امبراطورية الصين قبل الميلاد تطورها ورقيها وتجارتها وقيادتها الحكيمة انهم كانوا يوزعون المناصب حسب الاعلمية وكان الابن والاب والجد يتنافسون في الامتحانات الوظيفية للحصول على المناصب في وقت واحد ومكان واحد ومن يحفظ اكبر عدد ممكن من تعاليم كتاب الكونفوشيوسية الصيني يحصل على منصب يتوافق مع مقدار ما يحفظه قد يصل الى درجة وزير ولا يمكن لاحد فاشل ان يحصل على وظيفة او منصب كونه قريب فلان او اخ زوجة فلان او ابن فلان او ينتمي لحزب فلان او دفع كذا مبلغ وانما علمك هو مقياس حصولك على المنصب لان قيادة البلد تحتاج للعلم وليس للأقرباء الفاشلين واللصوص الدافعين للحصص المالية المسروقة من قوت الشعب.
واخيرا نقول ان ضاع العالم النزيه الامين ضاع البلد وحال بلدنا اليوم قياس واضح لتحكم الفاشلين دراسيا والمزورين لشهادتهم بمقدراته الكلية وازاحة العلماء والخبراء عن ممارسة حقهم الشرعي في إدارته بصورة صحيحة نحو الكمال والرفاهية.
ونحن تقنيا لا نتكلم عن شاغلين بعض المناصب حاليا كاستحقاق وظيفي وعلمي لهم لكنهم ايضا اضطروا الى الدفع السياسي او المالي للمحافظة على مكتسباتهم الشرعية النظامية في ظل موجة عالية من فساد اداري ومالي واخلاقي تحتاج الى كاسر امواج بأساس قوي يعيدها الى قعر المحيط و يمنعها من الصعود الى السطح من جديد
ــــــــــــ
https://telegram.me/buratha