ضياء ابو معارج الدراجي
لم اكن اعرف الموز في طفولتي لكن ابي رحمه الله احضر معه اصابع ذهبية كبيرة في احد الايام وكنت في حينها في الخامسة من العمر اجبرت على تذوقها فاصبحت مدمن عليها .
كانت امي حفظها الله كلما تذهب الى السوق تشتري لي الموز وتحفظه في محمل الافرشة (النضيدة) حتى لا اقضي عليه .
فارقت الموز عند اندلاع الحرب العراقية الايرانية عام 1980 كنت حينها في الثاني ابتدائي ولم اشاهده منذ ذلك الحين .
كبرت وتخرجت من الاعدادية لأدخل عالم الجامعة الجميل في اصعب وقت وهو الحصار المفروض بسبب تهور هدام ودخوله الكويت 1990 فأصبح كل طعام صعب المنال حتى الخبز اما الموز فقد اصبح ذكرى منسية لا اذكرها ابدا وأصبح همي الوحيد العمل للحصول على المال.
كانت اكثر الاعمال التي امارسها هي العمل كسائق اجرة لكن بعد مهاجمتي وسرقة سيارتي عام 1995 اصبح الامر خطيرا لذلك اشتغلت كسائق نقل خاص حيث يصبح الوضع امين بوجود اكثر من زبون لا يعرف احدهم الاخر ليشتركوا بسرقة باص نقل خاص.
مرت الايام وتزوجت وأصبحت ابا لفتاة وولد وزوجتي تنتظر مولودها الثالث وفي عام 2001 تقريبا تم استئجاري من قبل طلبة وطالبات الى جامعة بغداد في الجادرية وهناك في الكرادة شاهدت صديق الطفولة الموز معلق في احدى دكاكين بيع البقالة حددت المكان وبعد ان اوصلت الطلاب الى الجامعة عدت الى ذلك الدكان لأسال عن من فارقته منذ 21 عام فكان سعر الموزة الواحدة الف ونصف دينار وانا بمشواري هذا لم احصل سوى على الف دينار فلمن اشتري الموزة الواحدة لي ام لامي ام لابي ام لزوجتى واولادي ام لاخوتي الصغار فكان هذا الفراق القسري الثاني بسب غلاء السعر .
بعد سقوط هدام كان اكثر ما انتشر في السوق المشروبات الغازية والموز وبأسعار بخسة جدا بحيث اصبح كيلو الموز بسعر 750 دينار اي نصف سعر الموزة الواحدة بعهد صدام وفرحت باني سأعود الى صديق الطفولة بعد فراق دام 23 عام وأكثر لكن موزتان سببت لي جفاف الحلق والاختناق وعند مراجعة الطبيب اتضح اني مصاب بحساسية الموز لذلك كان الفراق الثالث والأخير لصديق الطفولة !
ـــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha