ضياء أبو معارج الدراجي
كثيراً ما تغنى شعراؤنا وأدباؤنا بالأخلاق وبمحاسنها، وكثيراً ما استغلها بعض سياسيينا، فضحكوا بها على صغار القوم ضعاف العقول منهم، فتسلقوا بها على أكتاف الوطن.
ولكن، ألم يتساءل ويلاحظ أحد ما إذا كان من تغنى بها ولاكها واجترها بأنها لم تتعد عند بعضهم جيوب أنفه، وأنها لا تعدو أن تكون للاستهلاك وقضاء الحاجة؟ فلنقرأ معاً أبياتاً وحكماً عربية قيلت على مر العصور والدهور، لو التزم العرب بعشرها لما انحدروا إلى هذه الهوة السحيقة التي هووا وهوينا معهم إليها :
قال الجاحظ :
لا مروءة لكذوب ، ولا ورع لسيئ الخلق .
وقال جعفر الصادق :
حسن الخلق أحد مراكب الحياة .
وقال المهلب بن أبي صفرة :
أدنى أخلاق الشريف كتمان سره، وأعلى أخلاقه نسيان ما أسر إليه .
وقال معروف الرصافي :
«هي الأخلاق تنبت كالنبات ... إذا سقيت بماء المكرمات
فكيف تظن بالأبناء خيراً ... إذا نشأوا بحضن السافلات»
وقال حافظ إبراهيم :
«وإذا رزقت خليقة محمودة ... فقد اصطفاك مقسِّم الأرزاق»
وقال المتوكل الليثي :
«لا تنه عن خلق وتأتي بمثله ... عار عليك إذا فعلت عظيم»
وقال أحمد شوقي :
«إنما الأمم الأخلاق ما بقيت ... فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا»
وقال : «صلاح أمرك للأخلاق مرجعه ... فقوّم النفس بالأخلاق تستقم»
وقال : «إذا أصيب القوم في أخلاقهم ... فأقم عليهم مأتماً وعويلاً»
فالأمم تضمحل وتندثر إذا ما انعدمت فيها الأخلاق، فساد فيها الكذب والخداع والغش والفساد، حتى ليأتي يوم يصبح فيها الخلوق القوي الأمين غريباً منبوذاً لا يؤخذ له رأي، ولا تسند إليه أمانة، فمن يريد الأمين في بلد عم فيه الفساد وساد فيه الكذوب الخدّاع المنافق؟!
وهل هناك أصدق من كلام الله ، عندما قال في كتابه « ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ»، وتحذيره عندما قال «قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ».
ــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha