أحمد عبد السادة
يذكر الكاتب حسن العلوي في كتابه "عبد الكريم قاسم.. رؤية بعد العشرين" تفاصيل عدة عن "كيفية حسن يعقوب" والدة عبد الكريم قاسم، من منطلق علاقة الجيرة التي كانت تربط بيت العلوي ببيت "أم حامد" والدة عبد الكريم في منطقة "كرادة مريم"، ومن ضمن ما ذكره العلوي هو قيام "كيفية" الشيعية الطيبة بتفقد كل بيوت جيرانها وتشخيص احتياجاتهم لتذهب بعدها إلى السوق لشرائها من مالها الخاص وإعطائها إليهم (كان عبد الكريم يعطي مصروفاً شهرياً لأمه مقداره 30 ديناراً).
يذكر العلوي كذلك كيف تأخر ذات يوم في العودة من المدرسة إلى البيت بسبب غياب زميله الذي يعود معه بدراجته الهوائية، فوجد والدته ووالدة عبد الكريم "كيفية" في الشارع يملؤهما القلق عليه بسبب تأخره، وعندما علمت "كيفية" بسبب تأخره أمسكت بيده واصطحبته لمحل بيع الدراجات الهوائية واشترت له دراجة.
هكذا كانت "كيفية" التي ربت ابنها عبد الكريم على الشفقة على الفقراء ومساعدتهم فكبر وهو يحمل في داخله قلب أمه الطيب والشفوق والحنون، فأصبح فعلا زعيم الفقراء وابنهم البار.
لقد ورث عبد الكريم كل طيبة "كيفية" وأكمل مسيرة رحمتها وكانت عباراته الشهيرة مثل "الرحمة فوق القانون" و"عفا الله عما سلف" هي من وحي تربية تلك الأم العظيمة، رغم أن العديد من القوميين العروبيين الطائفيين كانوا يعيرونه بإسم أمه وبانتمائها الشيعي ويسمونه "ابن كيفية"!!
في كتابه "العراق" يورد الكاتب حنا بطاطو قول المقدم محمد يوسف طه التالي: "لدى تفحص أوراق قاسم بعد الاستيلاء على مكتبه اكتشف أنه كان يوزع راتبه بانتظام على بعض الأسر المحتاجة في بغداد".
"ابن كيفية" الذي ظل يتقاسم غرفته المتواضعة مع أمه حتى وفاتها كان يشبه أمه في كل شيء إلى درجة أنه قتل على يد البعثيين والقوميين القتلة في اليوم نفسه الذي توفت فيه والدته قبل 10 سنوات من مقتله وهو يوم (9 شباط)!!
ـــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha