🖊ماجد الشويلي
كثيرة هي المرادفات للفقدان في لغة الضاد التي مافتئت تتحفنا بمداليل شتى لمعنى او اسم واحد ، بصياغات يجنح الذهن فيها لاحتساء تأويلاتها غرفة بعد غرفة بنشوة وتلذذ كبيرين.
ولعل من مرادفات الفقدان هو الضياع ،والحرمان ،والغياب ،وحتى البذل ، والانفاق في جانب من جوانبه .
كل غزارة الوصف هذه يعييها أن تمنح الفقدان معنى الايجاد والربح ، كما يفعل الواقع وألاثر الوضعي ،حين يكون الفقد بذلا في سبيل الله ، وحين تكون الخسارة نحو من انحاء التأديب وإعادة لصياغة الذات والمكنون على الاسس الصحيحة .((لن تنالوا البر حتى تنفقوا مماتحبون)) 92آل عمران
ومن هنا نفهم كيف أن الله سبحانه قد حبس النصر عن المسلمين في معركة حنين بشكل وقتي، لعلة ماكان يمكن علاجها الا (بالفقد) ولو كان ذلك الفقد آنياً ومؤلماً .
فالغرور والزهو الذي رافق المسلمين ، واستصحابهم الشعور بالغلبة والتفوق والركون للكثرة، مرض فتاك وداء عضال لابد من استئصاله قبل استفحاله ، وقبل أن ياتي على الروح الايمانية ويقضي عليها بشكل نهائي.
فكانت تلك العقوبة التأديبية مدعاة لان يلتفت المسلمون لاهمية تخلصهم من داء الغرور والخيلاء . لانها ليست من سجاياهم ولاينبغي لهم ،وليعودوا بعدها لرشدهم وينطلقوا نحو مارسم لهم من سبيل يرقى بهم لمراتب رفيعة .
قال تعالى(( وَيَوْمَ حُنَيْنٍ ۙ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ))
التوبة (25)
إن الفقد يحفز بالانسان غريزة التعويض ويدفع به لتكثيف طاقاته تماما كما يحصل لاغلب الايتام ، فنجدهم في العادة اشد اعتمادا على انفسهم من الاولاد الذين يعيشون الدعة والرخاء في احضان ابويهم ،ولعل تذكير القرآن للنبي الاكرم (ص)باليتم فيه اشارة لهذا المعنى، كما هو واضح في سياق التذكير باليتم وكأنه نعمة ومنة {وهو كذلك مادام في كنف الله ورعايته}
فقال سبحانه
((الم يجدك يتيما فآوى))
6 الضحى
اشبه مايكون بنباتات الصحراء العطشى للماء على الدوام لكنها ((اصلب عودا وقوى وقودا وابطأ خمودا))
كما ورد في النهج الشريف
بل لولا الفقد ماكان للانسان ان يتعرف على مايتمتع به من نعم وافضال .
وقد ورد في حديث الامام علي ع
((تجهل النعم ما اقامت فاذا ذهبت عرفت))
فياترى ما الذي غفلنا عنه بوجود الحاج قاسم سليماني وابي مهدي المهندس وكان لزاما علينا فقدهما حتى نعرف ما كنا نتمتع به من نعمة بوجودهما ؟!
لاشك أن لفقدهما وقع كبير في النفوس سيلفتنا حتما لاثرهما البالغ في صناعة النصر ويحفز فينا البحث الجاد عن تعويض هذه الخسارة .فلعلنا قد اصبنا بآفات النصر التي اصيب بها المسلمون يوم حنين ، وكان لابد لنا من صعقة قوية تهز بنا الوجدان وتستثير فينا دفائن الروح الجهادية من جديد ، وتلفتنا لاهمية اعادة تنظيم صفوفنا مرة اخرى ومغادرة الروح الاتكالية والتوجه لضرورة أن تكون لنا رحم قيادية ولود تصنع الافذاذ وتنجبهم . وان نوطن انفسنا على الهزات العنيفة ونكيف اوضاعنا للتعامل معها بثبات وحزم .
إن لفقد الشهيدين الكبيرين الحاج قاسم سليماني والمهندس رضوان الله عليهما لوعة وحسرة لكنه كذلك ذو بركات عجيبة ماكان لمسيرة الحشد بل لعموم قوافل الاحرار في هذا البلد أن يضمنوا بقائها دون هذه الدفعة المعنوية التي سفهت الدنيا وزخرفها باعين الجميع .
واثارت فينا الغبطة للشهداء . وفتحت اعيننا على حقيقة أن المعركة لم تنته بعد وأن المواجهة الحاسمة لم تبدأ ولابد لها من متاع شاء الله سبحانه يكون فيها متاعنا الفقد العزيز ...
رحم الله الشهيدين (الحاج قاسم سليماني) والحاج (ابو مهدي المهندس)
واسكنهما فسيح جناته واخذ بايدينا لمواصلة دربهم والطريق الذي ساروا عليه انه سميع مجيب
https://telegram.me/buratha