🖊ماجد الشويلي
من الواضح أن المقاومــة قبل أن تكون أي شئ آخر فهـي نزعة فطـرية جُبل عليها الناس وهي قائـمة على أساس رفض الظلم والخضوع والخنوع للعدو أو تقبل الذل والهوان منه.
كما أنها ردة فعل طبيعية وغريزية في الدفـاع عن الحقوق والممتلكات والخصوصية وغيرها . فهي خصلة مودعـة وطبيعة مودعة في كل المخلوقات كالحيوانات التي رأينا كيف أنها تدافع عن نفسها وكيانها بشكل فردي وجماعي بل وحتى النباتات والحشرات وكل مادي على وجه الارض أوحلق في السماء .
إلا انها في الانسان هذا المخلوق المركب من عدة ابعاد وقوى تاخذ منحى آخر ؛فالانسان لايدافع عن ممتلكاته ومقتنياته المادية فحسب بل يستميت بالدفاع عن كرامته وعقيدته وعرضه وسمعته ،وهي امور معنوية لاتشاركه فيها المخلوقات الاخرى .
كما ان الانسان المسلم له فهم والتزام وعلقة وثيقة بالمقاومة تختلف عن غيره من اصحاب الديانات الاخرى عمقا وتنوعا وشمولا مع جل الاحترام لاتباع الديانات الاخرى .
فالاسلام الزم الفرد المسلم بضرورة مقارعة الظالمين وجعل هذا الامر مقدمة لسلامة الايمان
((فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى))
آية الكرسي
ولم يحصر الظلم والطغيان فيما لو وقع على الفرد المسلم نفسه او على مقدراته ،بل اوجب عليه التصدي للظلم والاستكبار إن وقع على الآخرين .
وكما عبر امير المؤمنين الامام علي ع في وصيته للحسن والحسين عليهما السلام
((كونا للظالم خصما وللمظلوم عونا))
وأياً كانت هوية وانتماء ذلك المظلوم فلابد من نصرته ،فالمعيار هنا وفقاً للمنظومة القيمية الاسلامية وتحديدها للموقف بين قطبي الصراع _أي صراع_ انما هو الوقوف مع الحق ضد الباطل !!
ومن هنا فان التنكر والتنصل عن المقاومة هو نوع من الانسلاخ عن الفطرة الانسانية ،بل لعله خروج عن الانتماء للموجودات الحية ،الى الموجودات الصماء كالحجر وماشاكله .
وعليه فان التخلي عن المقاومة في احد معانيه هو تخليٍ عن الحياة ، او لعله اختيار للموت العمودي قبل حتمية حصول الموت افقياً.
ومع أن هذا الفهم غير عصي عن الادراك نجد ان البعض من ابناء هذا البلد يحاول التنكر للمقاومة والنأي بالنفس عنها مثل (الكورد )وهم من عرف بالمقاومة الشرسة للانظمة المتعاقبة على حكم العراق منذ انطلاق اول رصاصة لهم عام 1919_1946
حين رفضوا ان تقيم الحكومة العراقية مخافر لها في شمال العراق حتى حصولهم على اقليمهم عام 1991.
فكيف استحقت الهوية القومية عندهم هذا العناء والتضحية ولم يستحق الوطن او الدين هذه المقاومة او جزء منها ؟!!
وكيف أن المقاومة للاستقلال عن البلد مسوغة ولاتكون مبررة لاستقلال البلد عن الاحتلال ؟!!!
والامر ذاته ينطبق على الاخوة السنة الذين انبروا لمقاومة الاحتلال الامريكي مع بواكير سقوط الطاغية صدام عام 2003 دفاعا عن النظام وانتقاما من الولايات المتحدة التي اسقطته .
ولكن سرعان ماتحولت المقاومة من مقارعة الامريكان الى استعداء الحكومة المركزية عند الكثير منهم .
وهذا التحول تحول براغماتي صرف طال مبدأ المقاومة وتسلل اليها حتى غدت المقاومة وسيلة اكثر بذاءة من السياسة التي توصم بعبارات نابية شتى لتحقيق المكاسب الفئوية الضيقة.
فكيف يمكن أن تهضم فكرة ان يكون المحتل مرحباً به وانتزاع المكاسب السياسية الضيقة مقاومة ؟!
وهكذا كان نصيب بعض الساحات من الشعارات التي لوحت بالولاء لامريكا والرغبة ببقائها باساطيلها وقواعدها العسكرية .
إن المقاومة اليوم تظلم كثيرا حتى من اصحابها الخلص الاكثر التحاماً بها وتضحية لاجلها حين تم حصرها في البعد العسكري فحسب دون الالتفات الى انها ثقافة ووعي وايمان عقائدي لابد من صيانتها وتعاهدها كل حين وأوآن قبل تتحول عبء يثقل كاهل المقاومين قبل غيرهم .
ولو أننا اعتمدنا جلاء وايضاح حقيقة المقاومة وعمدنا مسيرتها الثقافية بالدرجة التي منحنا ميادينها العسكرية من الدماء الزكية لباتت خيارا لكل ابناء الامة وما امكن التنصل او التخلي عنها لانها نداء عظيم من نداءات الفطرة النقية التي تضمنا جميعا
ـــــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha