🖊ماجد الشويلي
رغم جسامة وعظم الاحداث التي عاشها الامام علي علي السلام بكل فصولها المؤلمة والمعقدة الا ان تعاطيه مع تلك الاحداث لم يتسم برغبة عارمة كما هو حال غالبية البشر لانتزاع حقه المسلوب .وانما طوى عنه كشحا حينما عز عليه الانصار ولم يسجل للامة حضور في الميدان لمعاضدته كحضورها لمبايعته في الغدير .
لكن الذي حصل بعد مقتل الخليفة عثمان كان مختلفا تماما فقد حضرت الامة بقضها وقضيضها لتنثال حول امير المؤمنين ع طالبة منه التصدي للقيادة واصلاح ما فسد من امرها جراء ابتعادها عن منهجه .
لكن على ما يبدو كان لهذا الحضور اثره البالغ بقبول الامام على ع لاسترداد حقه وان جاءت هذه المرة على غير المعايير التي بايعته عليها في الغدير بصفته المنصب الـٰهيا عبر النبي ع . وعلى غير ماكانت عليه الامة ابان الغدير باعتمادها منهجية واحدة في العبادات والمعاملات التي كانت تستقيها مباشرة من معينها الصافي المتمثل بالرسول القائد (ص)
لكن بكل الاحوال كان لحضور الامة الدور الاساس بتصحيح المسار واعادة الامور الى نصابها.
ولولا ذاك ماكان لامير المؤمنين ع ان يعبأ او يكترث لامرهم دون اماطة الظلم واشباع سغب المظلومين كما عبر هو سلام الله عليه
((لولا حضور الحاضر وقيام الحجة بوجود الناصر وما اخذ الله على العلماء ان لايقاروا على كظة ظالم وسغب مظلوم لالقيت حبلها على غاربها))_الخطبة الشقشقية_
لكن هذا الحضور يجب ان يكون حضورا واعيا حتى يمكن التاسيس عليه وليس كالحشد الذي اجتمع حول مسلم بن عقيل في الكوفة وهم كغثاء السيل حين يذهب ادراج الرياح.
بل ان للحضور الجماهيري الواعي دوره الكبير في توجيه بوصلة الاحداث والوقائع نحو وجهتها الصحيحة .
كلنا يتذكر حينما تعرض جيش المهدي (اتباع السيد مقتدى الصدر) للمحاصرة في النجف الاشرف وكانت القوات الامريكية حينها وبامر الحكومة العراقية قد عزمت على التخلص نهائيا منهم ، وجه السيد السيستاني بحضور الامة المكثف في النجف للتغطية على مقاتلي جيش المهدي وخروجهم من المدينة المحاصرة بامن وسلام .
هذا نموذج من الحضور الواعي والفاعل الذي مارسته الامة وقدمت فيه مواقف مشرفة .
نموذج آخر للحضور الواعي هو مرابطة الشعب البحريني حول منزل اية الله الشيخ عيسى قاسم ومنع السلطات البحرينية من اعتقاله او المساس به .
وما اكثر مواقف الحضور الواعي والمتميز التي وقفها الشعب الايراني لمساندة نظامه وقيادته وافشاله للمؤامرات التي يخطط لها اعداء الجمهورية الاسلامية
وكما عبر القائد الخامنئي في احدى محاضراته
((ان ايران دائما ماتتعرض للمؤامرات لكن الشعب الايراني يفشلها بحضوره الميداني)) (بتصرف)
ولذا فسواء كانت التظاهرات التي تجري في العراق بفعل مؤامرة خارجية ام كانت ردة فعلا حقيقية على مايجري من فساد وخراب في البلد او الاثنين معا فان لحضور الاغلبية الصامتة في الميدان دور كبير للفرز بين الخطين خط المؤامرة وخط المطالب الحقة .
ولان الاغلبية الصامتة مغفول عنها وعن اهمية حضورها فاننا لا نجد لها صوتا في الميدان الا النزر اليسير .
ان على التشكيلات التي تريد الاستمرار ببقائها وعملها قوية وقادرة على تحدي الصعاب ان تعزز من حضورها الجماهيري وتبني لها حاضنة مجتمعية تشكل لها حصنا حصينا بوجه غوائل الزمن ، فالحاضنة المجتمعية من اهم اسرار قوة حزب الله لبنان وليس كما يتصور بان قوته مردها لتسليحه فحسب على اهمية سلاحه وتدريبه ، فكم من فتنة ومحنة يقف فيها السلاح عاجزا عن فعل شئ بل تحول الى عبء ثقيل بعض الاحيان، وتمكنت الجماهير من حسم الموقف بحضورها الفاعل في الميدان
اننا في زمن ارادة الجماهير ...
ــــــــــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha