المقالات

الحياة.. طابور بانتظار الإعــدام!!


احمد عبد السادة

 

نُعِدُّ المشرفيَّةَ والعوالي..

وتقتـلُنا المَنونُ بلا قتـالِ

بيت شعر للمتنبي العظيم يرن في رأسي دائماً، وخاصة حين أتفاجأ وأصدم وأفجع بوفاة أحد الذين أحبهم.

مكمن إعجابي بهذا البيت بالذات هو استخدام المتنبي لصفة "القاتــل" في توصيف الموت!!.

الموت بالنسبة للمتنبي هنا هو "قاتــل" غــادر مع سبق الإصرار والترصد وليس مجرد سارق للحياة أو مجرد موظف مكلف بقبض الأرواح، ولهذا هو كان دقيقاً حين قال: "وتقتـلنا المنون" ولم يقل "وتخطفنا المنون" أو "وتقبضنا المنون".

الموت بالنسبة للمتنبي نوع من أنواع القتـــل، بل هو أبشع أنواع القتــل. الموت هنا ليس "المقاتــل" الفارس الشريف الذي يواجهك ويبارزك، بل هو "القاتــل" الخسيــس الذي يكمن لك ويتربص بك لينقض عليك فجأة ويغتالك بشكل غــادر ويرديك قتــيلاً مغدوراً!!.

نحن نموت بشكل إجباري ومفاجئ وبلا رغبة، بل نحن نموت في ظل تشبث أيادينا بأثواب وحقائب الحياة الراحلة، ونموت كذلك في ظل تعلق وتوسل عيوننا بأضواء وألوان الحياة التي توشك على الإنطفاء والذبول، الأمر الذي يجعل الموت ليس قتـلاً فقط، وإنما يجعله كذلك حكماً مسبقاً بالإعــدام!!.

نعم. نحن محكومون بالإعــدام بشكل أو بآخر، بل نحن محكومون بالإعــدام قبل ولادتنا أصلاً!!، ووجودنا في هذه الحياة يشبه تماماً الوقوف في طابور بانتظار الإعــدام!!، وهذا هو سبب رفضي القاطــع والحاسم لفكرة الإنجاب ولفكرة أن أكون أباً!!، إذ لا يمكن أن أسمح لنفسي بأن أكون طرفاً مساهماً في إنجاب و"إيجاد" أي شخص في هذا العالم، وذلك لأنني أشعر بأنه ليس من حقي أن أقترح وأقرر "الوجود" للآخرين و"أورطهم" وأجبرهم على الوقوف معي في طابور إعـــدام طويل!!.

ومن المحتمل جداً أن هؤلاء "الآخرين" الذين أفترض جدلاً بأنني سأوجدهم قد يرفضون الوقوف في طابور الإعــدام هذا كما فعل الشاعر العظيم أبو العلاء المعري حين قال: "هذا جناه أبي عليّ.. وما جنيت على أحد".

الوجود هو طابور بانتظار الإعــدام، ولهذا سأبقى واقفاً وحدي بدون أبناء "ضحايا" في هذا الطابور حتى تحين لحظة إعـدامي!!

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك