🖊ماجد الشويلي
تنقسم الروايات الواردة عن أهل البيت ع بحق الكوفة إلى قسمين الأول منها جاء فيه ذمها وقدحها والآخر أتى على مدحها والثناء عليها فانقسم الباحثون والمحققون تبعا لذلك لسماطين على مائدة البحث فكان فيهم من يؤكد على انها افضل مقام واهلها خير ملأ وساق من الادلة الروائية والتاريخية ماشاء الله وقبالة ذلك ساق من يعتقد بانها مذمومة منحوسة مالديه من الشواهد والبراهين المعززة بالوقائع التاريخية فضلا عن الروائية مايثبت صوابية موقفه .
ومابين هذا المنحى وذاك احتدم الجدال حد المماراة بينهما حتى انسحب لعوام الناس واثر نوعا ما في نشأة جيل تتقاطع قناعاته وتتضارب قراءاته للتاريخ ومواقف اهل الكوفة من الاحداث المفصلية التي مرت بها تلك المدينة المثيرة للجدل .
والاهم من ذلك كله ان كلا الفريقين يحاولان احيانا ان يجعلا من منهجهما ملاكا دائما لمواقف هذه المدينة وطبيعة لها فمن كان يرى انها مذمومة اعشي عن رؤية اي حسن فيها منذ غادرها امير المؤمنين ع شهيدا في محراب مسجدها الى هذه الساعة .
ومن كان يرى عكس ذلك اخذ يبرر لها كل سقطاتها(الكوفة) ويبرئها من كل عيب وكان لها العصمة .
ولعل الروايات الواردة في ذم اهل الكوفة تارة ومدحهم تارة اخرى هي التي اسهمت بتعميق هذا الشرخ .
وعززه الفهم غير المتأني والمتدبر بظروف وملابسات هذين الصنفين من الروايات .
فقبل كل شئ يجب علينا ان نعرف بان المدح والقدح في الروايات جاء على خلفية المواقف وليس جزافا.
فحين يحسن اهل الكوفة ياتي الثناء عليهم والمدح لهم وحين يسيئون وينكصون حتما سيذمهم الامام ويوبخهم وهذا ما دأب عليه القرآن في مدح الانسان وذمه !
بل هذه سجية الانسان وماجبل عليه فهو يتقلب بطبعة في العادة بين المواقف ،
ولو تاملنا في الروايات التي جاءت في ذم اهل الكوفة لوجدنا ان اغلبها صدرت عن الامام علي ع والحسين ع والسجاد والسيدة زينب ع .
وهو امر طبيعي فلم يكن اتباع اهل البيت ع في الكوفة يشكلون اغلبية بل حتى التشيع في زمان امير المؤمنين ع لم يتبلور بالنحو الذي اصبح عليه في زمن الباقرين ،كما ان الكوفة كانت تعيش مخاضات سياسية عسيرة وتقلبات في المواقف تبعا للاحداث المهولة التي مرت بها ولذا كان الذم لاهل الكوفة هو ذم لموقفهم ومدحهم انما هو ثناء على موقفهم ايضا ولان الغالب على مواقفهم في زمن امير المؤمنين ع والحسن والحسين ع هو الخذلان فقد كانت الروايات التي تذمهم اكثر وخاصة بعد موقفهم من مقتل الحسين ع .
اما في زمن الباقرين ع وبعد ان تعمق التشيع لاهل البيت ع بعد ان استفاقت الكوفة من صدمتها باستشهاد الحسين ع وخذلانها له .
وكان لما جرى عليها من سلاطين الجور الذين حكموها بعد الامام الحسن ع الى زمن الباقرين اثر بالغ بتعزيز ولائهم لاهل البيت ع فمقارنة حكم هؤلاء الطغاة مع حكم الامام علي ع والحسن ع اظهر من هو الاحق بقيادة المسلمين ومن هو الاعلم والاعرف بشؤون الدين والامة ومنه انتشر التشيع في الكوفة حتى غدت معقلا لمحبي اهل البيت ع فجاءت الروايات متواترة بمدحهم والثناء عليهم والاشادة بمواقفهم لان مواقفهم كانت مؤيدة للباقرين ع والائمة من بعدهم .
ولذا لا ينبغي الامتعاض اذا ما راينا رواية او حديث يحذر من تكرار موقف اهل الكوفة من الحسين ع لدرجة ان بعضهم ذهب في الطرف للدفاع عن اهل الكوفة آنذاك وزعم بان الجيش الذي قتل الحسين ع كان جله من الروم واهل الشام وتناسى كيف كان الحسين ع يناديهم باسمائهم ويخرج لهم كتبهم ورسائلهم التي يدعونه فيها لنصرتهم !!
وتناسى لماذا قامت ثورة التوابين ومن الذين قاموا بها ولماذا ان كان اهل الكوفة لم يخذلوا الحسين ع
وان كان الروم واهل الشام هم من قتل الحسين ع فمن خذل الحسن ع وقتله ياترى ؟!
للاسف البعض يصر على التغاضي عن ذلك كله ترجيحا لرايه فحسب
كما لاينبغي تجميل صورة اهل الكوفة وتبرئتهم من قتل الامام الحسين ع بالكامل ايضا لا ينبغي تحميل اهل العراق اليوم تبعات ماجرى على الحسين ع في ذلك الحين ع ((ولا تزروا وازرة وزر اخرى))
نعم ،الاتصاف بصفات اهل الكوفة في ذلك الحين
وان كان اليوم فهو يعد انتماء للكوفة حتى وان اتصف بهذه الصفات شعب باكستان او ايران او الهند فهو شعب كوفي الموقف .
والعكس صحيح ايضا فشعب الكوفة اليوم والمراد به العراق هنا حينما يتبرأ من صفات اهل الكوفة ويخلص منها كما حصل باستجابته لفتوى المرجعية الدينية لمواجهة داعش فانه ابعد مايكون عن الكوفة وعن صفاتها ذلك الحين.
هذا هو الفهم الذي ينبغي لنا ان تعاطى فيه مع دور الكوفة في الماضي والحاضر ويكون مدحنا وذمنا لها على هذا الاساس بحسب اعتقادي
https://telegram.me/buratha