علي الخفاجي
مع بداية كل عام و حلول شهر محرم الحرام ، ولاسيما مع اقتراب يوم فاجعة عاشوراء، تعودنا على إطلاق صيحات من هنا وهناك، تحاول أن تكون المعادل النوعي للشعائر الحسينية في التأثير على محبي الامام الحسين ع من كل الأديان والملل ، وقد اتأخذت هذه التوجهات والصيحات أشكالا عدة،فقد نسمع ونرى ترديد ( روايات) الاحتفاء المزعوم للنبي ص في يوم عاشوراء و( فرحه) في ذلك اليوم الذي نجى الله تعالى فيه موسى ع وكيف انه قرر صوم تاسوعاء وعاشوراء في السنة القادمة بعدما علم صيام اليهود شكرا على نجاتهم من الهلاك ، فتعرض شبكات التواصل والقنوات الفضائية مظاهر الاحتفال وأهداء وتقديم الحلوى في يوم عاشوراء احتفالا مع اليهود بمناسبة نجاتهم من فرعون في شتى البلاد.
وبعدما استنزفت واستهلكت هذه الدعايات الإعلامية واثبتت فشلها ولو في التأثير النسبي على محبي سيد الشهداء ع حتى من قبل كثير ممن لاينتحل التشيع ، يلجأ اصحاب هذه الصيحات المتخوفين من تداعيات فاعلية الشعائر الحسينية وقابليتها لايصال صوت الحسين ع إلى أبعد مكان في العالم ،إلى طرح مشروع بديل يصطبغ بالطابع الوعظي المنادي بالرجوع إلى الفضائل والمباديء وقيم الخير التي نهض واستشهد من أجلها الأمام الحسين ع وعدم التركيز على الدمعة والعبرة وإقامة المجالس، والمفارقة الطريفة أن هؤلاء أبعد الناس عما ينادون به من قيم الفضيلة ، في الوقت الذي يكون اغلب ميقيمي هذه الشعائر ،هم المظهر الاجلى لهذه القيم، لكن احساسهم الإنساني المرهف في مساعدة اليتامى والمحوجين لايهيج ويرتفع في ضمائرهم منسوب الإنسانية ، إلا عندما تخترق اسماعهم نداءات ياحسين في شهر الفاجعة الأليمة .
وقد نرى هؤلاء يحلقون في عالم المثل والإنسانية في موسم العزاء ليتحولوا الى فلاسفة في الأخلاق ويدعون خدام الحسين ومحبيه إلى التمثل بمباديء الحسين ع وأخلاقه في إغاثة الملهوف ونصرة المظلوم وعدم التركيز على الدمعة والعزاء، زاعمين أن الحب وحده لايمثل ثمرة تستحق العناء ، بل إن ما يستحق العناء بزعمهم هو مابعد الحب من قطف الثمار ، والحال أن هؤلاء قد يلتمس لهم العذر في تخرصاتهم التي صدعوا بها رؤوسنا، لوضوح انهم لم يعرفوا للحب معنى الذي هو اساس الدين والدنيا ولم يعرفوا له مذاقا، ولو تذوقو الحب الفطري الصادق لعلموا أن هذا الحب هو الثمرة ، ولكنه ثمرة الفطرة السليمة من الادران وليست الفطرة الملوثة ، والذي لا يتوفر على شجرة الفطرة السليمة لاتتدلى منه أغصان المحبة .
ليجرب من يحاول فلسفة الحب،أن يطلق لقلبه العنان في عشق الجمال من دون تفيقه، بالنظر إلى الجمال الإلهي في الحسين ع ، وأن لم ينجذب إليه ويغفل عنه ويحاول أن يبحث عن الثمرة فليراجع فطرته، لأن قانون الحب الذي أطبقت عليه الإنسانية جميعا يقضي بأن الحب الحقيقي لايحتاج إلى ترتب ثمار ولايرتبط بقصد أو شرط، فمحبوا الحسين ع يحبونه لأنه اهل للحب ، وحتى لو لم تترتب اي ثمار مما يدعونها، فأن للقلب حرم ومملكة لا يدخل إليها إلا من فتحت له الابواب، وقد فتحت القلوب أبوابها على مصراعيها للحسين ع من غير قيد أو شرط أو ثمرة .
علي الخفاجي
https://telegram.me/buratha
