السيد محمد باقر القبانجي
تمر علينا سنويا اعياد كثيرة، منها شرعية كعيد الاضحى وعيد الفطر ومنها غير شرعية ومرادنا انه لم يرد نص خاص فيها، ونظرا لكثرة الاعياد واعادتها سنويا ينبغي علينا ان نتساءل ما هي فلسفة العيد والاعياد وفق الرؤية الدينية؟
لدراسة فلسفة العيد علينا ان نبين المفهوم اللغوي للعيد.
العيد مفردة مشتقة من (عاد) (يعود)، وفي لسان العرب:(والعيد: كل يوم فيه جمع، واشتقاقه من عاد يعود كانهم عادو اليه، وقيل: اشتقاقه من العادة لانهم اعتادوه). ((ج٣، ص٣١٩)).
اذن يمكن ان يقال كما يرى المفكرون ان فلسفة العيد هي معاودة استحضار الفضل الالهي والنعم الالهية والذي ينبغي علينا ان نقابله بالشكر والصلاة.
وعلى هذا الاساس يعتبر الاسلام العيد فرصة مناسبة لاعادة الانسان علاقته مع الرب من جهة ومع المجتمع من جهة اخرى، لذا يمكن ان يقال ان للعيد اثرين، الاثر العبادي والاثر الاجتماعي، ففي الاول نجد تاكيد وتحفيز الاسلام لاقامة الصلوات والادعية في ايام العيد. وفي الثاني نجد ان الاسلام يحث المسلمين للتواصل الاجتماعي كصلة الرحم وزيارة المرضى، ويلزم المسلمين بمساعدة الفقراء من خلال زكاة الفطرة التي اوجبها الله تعالى في عيد الفطر.
واما فيما يخص عيد الغدير الاغر ونحن نعيش اليوم هذه الذكرى العظيمة والذي سمي بعيد الله الاكبر، اذ اكتمل به الدين وتمت به النعمة، (اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا)(المائدة:٣)، وقد تم ذلك بتعيين الخليفة من بعد الرسول(ص) ولو لا ذلك لن تكتمل الشريعة وبالتالي لم يكمل الدين.
وباعتبار عيد الغدير هو من الاعياد الشرعية ، فلابد وكما تقدم ان نجد فيه الاثرين العبادي والاجتماعي، ففي الجانب العبادي نجد ان هناك اعمال كثيرة مخصصة في يوم الغدير منها الصوم انه كفارة ذنوب ستين سنة وان صيامه يعدل صيام الدهر. واما الجانب الاجتماعي فيمكن ذكر توصية الامام الرضا(ع) التي شملت الجانبين العبادي والاجتماعي والذي يخاطب ابن ابي نصر: (يا بن ابي نصر..... افضل على اخوانك في هذا اليوم، وسر فيه كل مؤمن ومؤمنة....).
الا انه ما يتميز به عيد الغدير عن باقي الاعياد ان له اثر ثالث وهو الاثر الاعتقادي، اذ الايمان يكمل في هذا اليوم (قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) والولاية هي كمال الايمان كما قال الرسول (ص) بحق الامام علي(ع):(برز الإيمانُ كلُّه الى الشركِ كلِّه).
هذه هي الجوانب التي تحملها اعيادنا بشكل عام وعيد الغدير بشكل خاص والتي جمعت بين البعد الغيبي والمادي، على عكس المجتمعات المادية التي ركزت بالبعد المادي دون الغيبي لذا نجدهم منغمسون في شهواتهم وملذاتهم.
https://telegram.me/buratha
