المقالات

الأحزاب العراقية، قدم في الجنة وقدم في الجنة!

1584 2019-07-26

ضياء المحسن

 

     الأحزاب السياسية تختلف عن بعضها في برامجها السياسية وهذا أمر لا يكاد يختلف عليه إثنان، وهي تتمتع بحس وطني في رؤيتها للواقع الذي يعيش البلد، لذلك فهي تنطلق من هذه المتبنيات للنهوض بالواقع الذي يعيشه الناخب (في عموم البلدان التي تتمتع بحرية التعبير ومنح صوتها لمن يتماشى مع مصالح الناخبين عموما)، إلا في الدولة العراقية بعد عام 2003، فأنت ستجد عندما تقرأ البرنامج السياسي لأي حزب يعمل في الساحة العراقية؛ بأنه نسخة مكررة من برامج أحزاب سياسية تعمل في هذا البلد الذي لا يتجاوز عدد سكانه الأربعين مليون نسمة.

ملاحظة: يقترب عدد الأحزاب اليوم من 240 حزب، الأمر الذي يعني أن جمهور كل حزب لا يتجاوز المائتين ألف ناخب.

لسنا هنا أزاء عملية حسابية، فلو طبقنا الرياضيات في الإنتخابات، كنا سنجد أن عدد الأحزاب اليوم لا يتجاوز عدد الأصابع، لكن عملية التفريخ التي تحصل بعد كل إنتخابات نيابية، وصراع المصالح يجعل العدد يعمل في متتالية عددية غير منطقية أبدا.

سقنا هذه المقدمة فقط لكي يكون مدخل لما نريد لاحقا، حيث أن المتعارف عليه في الأنظمة الديمقراطية وجود معارضة تقوم بتقويم عمل الحكومة، وهناك زعيم للمعارضة يجتمع مع رئيس الحكومة ومع الكتلة النيابية التي إنبثقت منها الحكومة، وهذا الأمر يعني بالضرورة عدم وجود أي ممثل للمعارضة في السلطة التنفيذية، كونه سيتعارض مع مبدأ المعارضة الذي تتبناه منذ البداية.

السبب فيما تقدم يكمن في جزئية مهمة قد تكون غائبة عن البعض، ألا وهي أن المعارضة لا تبحث عن المغانم الضيقة لأنصارها، بل هي عندما تصرح وتشخص الأخطاء للحكومة، إنما تعمل على كسب ود الناخب وتزيد من حظوظها الإنتخابية في المرة القادمة، وهذا ما تحاول تجنبه الأحزاب التي في السلطة، من خلال ردم الهوة وتصحيح الأخطاء التي تحصل في عمل الحكومة، من قبيل محاربة الفساد وتقديمهم للمحاكمة، وتقديم أفضل الخدمات للمواطن وإنجاز المشاريع التي يأمل الناخب في مشاهدتها والتمتع بهذه الخدمات.

في العراق الأمر يختلف بالمطلق، فمع أن الدستور منح الحق للنائب أن ينتقد الحكومة ويستجوب من يشاء من أعضائها؛ بما فيهم رئيس الحكومة نفسه، لكن هذا لا يحصل إلا عندما تكون هناك محاولة للإبتزاز ليس إلا، لذلك فأنت تجد جميع الأحزاب تشارك في الحكومة، ونفس الأحزاب تعارض الحكومة، بل هي تتهم الحكومة بعدم مراعاة مطالب المواطن، فتقوم بتجييش ناخبيها (الذين في أفضل الحالات لا تتجاوز نسبتهم الى المجموع 10ـ17%) وهذه النسبة لا تعطي الحق لهؤلاء بفرض إرادتهم على النسبة الأكبر، لكن وبسبب إمتلاك بعض الأحزاب للسلاح الذي في الغالب يباع في شوارع معروفة للأجهزة الأمنية، بالإضافة الى دور العشائر التي غطت على الدور الحكومي، تجد أن هؤلاء يفرضون أراداتهم على الأغلبية.

بعض الأحزاب السياسية تحاول اليوم السير في نفس المنهج، من خلال استخدام جمهورها بالضغط على الحكومة للحصول على مكاسب هي رفضتها عندما نأت بنفسها عن الحكومة وارتأت أن تكون في المعارضة، وأول دروس المعارضة التي يجب أن تفهمها جميع الأحزاب (سواء في السلطة أو المعارضة)، أنك لا يمكن أن تضع قدم الجنة وقدم في النار، فعندما تسلك طريق المعارضة، فأنت قطعا تحاول أن ترسم خارطة طريق لعملك المقبل، من خلال تشخيص الأخطاء ووضع الحلول للحكومة، الأمر الذي يزيد من حظوظك في الإنتخابات القادمة، أما أنك تقول إنك في المعارضة وتطالب (بحصتك) من المناصب الحكومية، فهو محاولة اللعب على الحبلين.

يفترض أن تكون الأحزاب واعية جدا لمسألة مهمة وهي ضرورة مغادرة قاعدة التوافق الذي ساد عمل حكومات ما بعد عام 2003، وأن يكون البرلمان واعي لعمله الحقيقي، والذي يكمن في مراقبة عمل الحكومة وتشخيص الأخطاء التي ترافق هذا العمل، مع ضرورة التنبيه على تصحيح هذه الأخطاء كونها تمس بمصالح المواطن.

إن المعارضة الحقيقية والفاعلة تكمن في تفعيل آليات الرقابة على السلطة التنفيذية، وليس من خلال إتفاق الكتل المؤثرة على تمرير هذا المشروع أو ذاك بما يتماشى مع مصالحها الضيقة.

نعتقد جازمين إن هذه الإرهاصات التي تحدث في الساحة السياسية، ما هي إلا مقدمة لموت كثيرا من الأحزاب التي سئم منها الناخب، والتي كانت عبارة عن دكاكين لبيع وشراء المناصب وإبتزاز هذا المسؤول أو ذاك، وهذا الأمر يجب أن تلتفت إليه السلطة التنفيذية، من خلال الكشف عن بؤر الفساد المرتبطة بالأحزاب، والتي تقوم بفبركة كثير من القضايا لصالح الأحزاب التي ينتمون إليها.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك