🖊🖊ماجد السويلي
صحيح أن العملية السياسي في العراق نشأت في ظل ظروف استثنائية حرجة تمخضت فيها عن توافقات اثنية وعرقية ومكونات سياسية يجمع بينها الشئ الكثير من التناقضات والتقاطعات .
ومقتضى الانصاف يلزمنا بضرورة الاعتراف بانها حققت مستوى من النضج يعتد به بلحاظ ما اسلفنا ذكره من تحديات ومصاعب ومعرقلات مر بها العراق .
ولعل انعطاف تيار الحكمة باتجاه منحا المعارضة السياسية يعد مؤشرا على ذلك النضج بعيدا عن الخوض في النوايا والحكم على الدوافع .
لكن من الواضح وهو المتوقع كذلك ان التحول للمعارضة في ظل النظام السياسي الحالي شئ وممارستها عمليا شئ آخر .
فكما ان مستوى النضج الذي اشرنا له سابقا في العملية السياسية جاء عقب مخاضات عسيرة وتجارب مريرة فان مزاولة المعارضة السياسية السلمية يلزمها وقت لتنضج وتتضح معالمها اكثر ولتكون مثمرة بالفعل(وليست معارضة لاجل المعارضة فحسب)
والحقيقة هذا مالمسناه بالانعطافة الحادة لتيار الحكمة نحو المعارضة والمبادرة دفعة واحدة للنزول الى الميدان بتظاهرات جمعت بين المطلبية والتلويح باسقاط الحكومة التي كانوا جزأ رئيسيا مهما في تشكيلها .
وكان الاجدر بهم هو ترسيخ مفهوم المعارضة البرلمانية وهي الاساس قبل الاحتكام للشارع وان كان بمظاهرات مطلبية ،
فان ترسيخ دعامات العمل المعارض داخل قبة البرلمان بحاجة لمرحلة تاسيسية تعتاد فيها الحكومة على وجد الرأي الناقد والمرشد لها والمحذر فيما لو تمادت بخطأ ما بعيدا عن تجاذبات المحاصصة والمكاسب،
وكذلك الشعب بحاجة لهذه المرحلة ليعتاد النظر بعين المعارضة الحقيقية البعيدة عن المساومات التي ضجر فيها من سماع المهاترات والمناكفات داخل البرلمان، من كتل ممثلة في الحكومة ولكنها تمارس المعارضة باشدها في مجلس النواب.!!
فالشعب بحاجة ماسة لان يعتاد المصداقية في مدعيات الزهد بالمناصب والعمل لخدمته .
كلنا بحاجة لوجود معارضة تشعرنا جميعا بانها جزء متمم للحكومة يصوب لها نجاحاتها ويؤشر على اخفاقاتها ومواطن الضعف فيها ويضع بين ايديها وايدي الشعب الحلول والبدائل لمشاكل البلد ويساند الحكومة اذا ماتعرضت لتحديات خارجية ...
معارضة تضع يدها بيد الحكومة لتعزيز سيادة البلد وتعمل لازاحة كل عقبة تحول دون استقراره لانها ستصل الى سدة الحكم يوما ما بحسب ماتضعه لنفسها من برامج وخطط.
إن المعارضة الناجحة هي المعارضة التي تستوفي كافة الطرائق والسبل لمعالجة الخلل الحكومي والتردي الخدمي قبل ان تفكر بالاحتكام الى الشارع وتعمل على تحويل رؤيتها وماتطرحه من حلول ومعالجات لازمات البلد رأيا عاما لمختلف شرائح الشعب وليس لطيفها السياسي فحسب .
نعم لو عمدت المعارضة من خلال حسن ادائها في البرلمان واكتسبت ثقة الجماهير واستفرغت الوسع في المطالبة بحقوقهم لوجد الناس انها معذورة في اللجوء الى التظاهر والاعتصامات ولهبوا معها ولخرجت مطالبهم عن اطارها الحزبي والفئوي الضيق.
أن ما قام به الاخوة في تيار الحكمة يعد خطأ ستراتيجا يهدد اصل وجودهم ككتلة معارضة في البرلمان وكتنظيمات شعبوية وسيفقدهم الكثير من التاييد الشعبي وخاصة في محافظة البصرة ،فمن تابع ردود الافعال الشعبية وحجم تاييد الناس للمحافظ يعرف جيدا ان خطوة المظاهرات كانت مستعجلة وجاءت بنتائج عكسية على تيار الحكمة فضلا عما ستتسبب به من دفع للحكومة المحلية واغلب جماهير البصرة باتجاه الاقلمة .
فقد تمكن المحافظ العيداني ببراعة من توظيف المغبونية التي تعيشها البصرة واثارة النزعة المناطقية في عدد من الاوساط النخبوية والعشائرية وتاليب الناس على تيار الحكمة بصفتهم احد اهم الجهات التي كانت مسؤولة مسؤولية مباشرة بتعيين المحافظ السابق.
وقد نجد انفسنا امام تداعيات جديدة جراء اتخاذ الحكومة المحلية في البصرة قرار (جعل البصرة اقليم) يدخل البلد ردحا من الزمن في دوامة يعرف اولها ويصعب التكهن في مآلاتها
لذا اعتقد بان تيار الحكمة قد ارتكب خطأ في تقدير الموقف من الحكومة والدعوة للتظاهر على النحو الذي خرج فيه وافقد نفسه بل افقد العملية السياسية قيمة نجاح جديدة اضافية كان يمكن لها ان تسهم باضافة نوعية لاداء الحكومة والبرلمان فيما لو وضعت بنصابها الصحيح.
لكن يبدو ان {الازاحة الجيلية} التي اعتمدها تيار الحكمة باقصاء كثير من القيادات المخضرمة فيه افقدته كثيراً من {الحكمة }!!!
https://telegram.me/buratha