🖊 ماجد الشويلي
مع بدء انطلاق العملية السياسية التي اعقبت سقوط الطاغية صدام ونظام البعث المقبور في العراق، برزت معالم ثقافة جديدة تمثلت بالتواري والانزواء خلف المدعيات الوطنية البراقة والكثيرة ، هربا من بروز الهوية الطائفية ، فبتنا نشفق احيانا على بعض الساسة والمحللين السياسيين وهم يتكلفون انتقاء التعابير ويتوجسون مداليلها خشية اتضاح تشيعهم فيُشَكَّكُ بوطنيتهم !!
صحيح أن هذه الظاهرة طرأت على اغلب المنخرطين في العملية السياسية على اختلاف انتماءاتهم، الا ان الحظ الاوفر فيها كان من نصيب الشيعة.
والملفت رغم أن الاميركان كانوا يصرون على تقسيم البلد على اسس طائفية ويستعملون هذه التعابير بشكل فج ووقح احيانا الا انهم في الوقت ذاته يسوقون لشخصيات ذات خطاب وطني واكثرهم من الشيعة . فكلما ابتعد الشيعي وتنصل عن انتمائه الطائفي كان بنظرهم اكثر وطنية واكثر ملائمة للمرحلة الراهنة .
في حين راح يتعمق الخطاب القومي الكردي والطائفي السني بمباركة وترحيب من الولايات المتحدة بحجة المطالبة بالحقوق والحصول عليها .
فماذا يعني ذلك غير ان ثمة استهداف ممنهج لالغاء تأثيرات منظومة القيم الشيعية في صياغة هوية هذا البلد بماضيه وحاضره ومستقبله .
انها محاولات لمحو تاريخ مرير من القمع والبطش
والحرمان والتشريد عاشتها الامة الشيعية في هذا البلد على يد القوميين والبعثيين ومؤسستهم العسكرية .محاولات لتبرئة اميركا لنفسها من جريمة إتيانها بالبعث لحكم العراق وارساء دعائم الطائفية فيه ، واشتراكها في جرائم قمع الانتفاضة الشعبانية وقتل مراجع الدين وتدمير العراق باحتلاله.
فما هو التشيع هذا غير انه منظومة فكرية وعقائدية واخلاقية صيغت بابهى حلة وضمخت بازكى الدماء ?
نعم ؛ ليس التشيع الا منهاج عمل وسلوك وتكامل ليس فيه ادنى مخالفة للمنطق او خروج عن حدود الشريعة .
منهج نسجته براعة اهل البيت ع بصنعهم للانسان الكامل ، تقدموا فيه للبشرية بنماذج كانت ولازالت وستظل قناديل تضئ سماء البشرية جمعاء.
لماذا يراد له ان يكون سبة ولعنة اذاً ؟
لاشك أن اعداء العراق وفي مقدمتهم الصهاينة والاميركان حينما ارادوا محو هويته تمهيدا لغرس قيمهم فيه وتحويله لعراق خانع طائع لسياساتهم البغيضة، ادركوا جيدا ان ذلك لن يتاتى لهم مالم يتم محو التشيع بكل السبل سواء بالارهاب ، او المكر ،والخديعة، والاستغفال، ام بالتوهين والتشكيك ،والتعيير وغيره .
وسواء شاءوا ام ابوا فان التشيع على مستوى الفكر والعقيدة ام على مستوى التنظيم والامكانيات هو اللاعب الرئيس في مسرح الاحداث بالمنطقة ،
وهو العقبة الكأداء في طريق المشاريع الصهيواميركية !!.
ما الفارق ياترى بين من يجاهر بانتمائه القومي ومن يصرح بهويته الطائفية ؟
ما الفرق بين من يلتزم بايدلوجية يسارية لسيت من نتاج بيئتنا حتى ، ومن يلتزم بعقيدة دينية من صميم واقعنا وفطرتنا؛ اليس كلاهما اعتقاد بالنتيجة والتحضر ينادي باحترام المعتقدات؟
لماذا يحق لليساريين والليبراليين والعلمانيين عموما ان يتفاخرون بايدلوجياتهم ويدعون اليها ولا يحق للشيعي ان يفخر ويعتز بمبادئه التي تربى عليها وهي من اسمى القيم على الاطلاق؟
لماذا على الشيعي الذي قدم كل شئ للوطن أن يتنازل عن تشيعه حتى يكون وطنيا ؟!
انها مفارقات عجيبة
قد يقال ان هذا الكلام فيه مبالغة ، لكن ما ان نستعيد شريط الاحداث حتى يظهر لنا كيف تراجع الاعتزاز بهوية الانتماء للتشيع . ويظهر لنا ذلك التنصل والتخلي عن الشعارات المستمدة من روح التشيع . والتخفي بستار الوطنية .
إن السؤال الاهم الذي يجب أن يطرح وتتم الاجابة عليه بجرءة ووضوح ؛متى كان التشيع ضد الوطن بل متى كان التشيع غير الوطن حتى يكون ذكره مدعاة لايقاع الفرقة والتشتت في البلد ؟!
إن الوطنية وعاء يحتضن كل اطياف البلد ومكوناته
لتترعرع فيه وتنموا وتتكامل وليست الوطنية تخليا عن قناعة او مغادرة لمبدأ وسجية وإرث عقائدي
https://telegram.me/buratha