المقالات

الفيدرالية الصراع القادم

1211 17:15:00 2008-02-02

( بقلم : علاء الخطيب )

بات الحديث عن الفيدرالية في العراق مفردة يومية تقسَّم الشارع العراقي بين مؤيدٍ ومعارض, فمنذ سقوط النظام البائد ودخول قوات الأحتلال الامريكي قفز السؤال الأكثر أهمية في أذهان العراقيين وهو ( العراق الى أين؟ ) هل يبقى واحدا ً موحداً أم هو سائر للتقسيم أم أنه سيأخذ شكل الدولة الفيدرالية الأتحادية؟ وهذا السؤال نابع أحيانا من الحرص على وحدة البلد وبقاءه بالصورة التي أعتاد العراقيون أن يشاهدوها منذ تاسيس الدولة العراقية عام 1921م , وأحيانا ً كان وراء القصد تلميحات أن هناك مشروع تفتيت وحدة العراق وتحويله الى دويلات وكانتونات ,

 وتزداد التساؤلات بصدد الفيدرالية مع إقتراب موعد إنتهاء المهلة التي أعطاها البرلمان العراقي كما نص على ذلك الدستور ,وكما يصرح به بعض السياسيين في نهاية الشهر الثالث من العام 2008م , والتساؤلات هذه نتيجة الرؤية المشوشة لفكرة النظام الفيدرالي لدى أغلبية الشعب , وإعتقاد البعض الآخر أنها فكرة أفرزها الواقع الحالي في العراق نظرا ً لما طفى على السطح من نزاعات طائفية وعرقية بعد سقوط النظام , أو أنها مشروع قادم من وراء الحدود ,

ولكن المتتبع للوضع العراقي وأذ بان الحكومات المتعاقبة على حكم العراق سيرى عكس ذلك و أن الاهمال والتهميش كان واضحا ً وأحيانا ً متعمداً لأجزاء كثيرة من العراق من ناحية المشاركة السياسية في حكم البلد فثقافة الاقصاء علامة بارزة في السياسة العراقية منذ تأسيسها وبنسب متفاوته فقد سيطر ولمدة طويلة أقلية على حكم هذا البلد ولم يُعهد بالمناصب الحساسة والمهمة بالدولة الى أشخاص من خارج دائرة تلك الاقلية مما ساعد هذا على الصراع المزمن الذي أنهك البلد وآل به الى الاحتلال,

ولعل من الطريف أن أنقل حديث جرى بيني وبين أحد الاشخاص حينما تعرضت الى هذه قضية الاقصاء والتهميش في المشاركة السياسية رفض صاحبي كلامي بشدة ووصفة بعدم الدقة والموضوعية و تسائل لماذا أعترض وأنتفض الشيعة والاكراد عام 1991م على (الرئيس المقبور)؟ وراح يسرد عليًّ حكاية والده حينما كان مسؤولاً في كربلاء قال ان والدي كان يزور المواكب الحسينية ويقدم لهم المساعدات فتعجبت من كلامه فقلت له أتعتقد أننا أنتفضنا من أجل ان نُخرج مواكب حسينية أو اننا محتاجين لمساعدات والدك المتفضل ياللسذاجة .

أما من ناحية الخدمات البلدية , فعلى سبيل المثال, ما أن تخرج من بغداد بأتجاه الجنوب سيتعذر عليك ان تجد مطعماً أو استراحة طريق مقبولة وينتقل بك الشعور الى أنك تسير في بلد أفريقي أو أحد البلدان المتخلفة مع العلم ان العراق يمتلك ثالث أكبر أحتياطي نفطي في العالم ويعتبر من البلدان الغنية. فهذا التفاوت والحرمان جعل الفيدرالية إفراز طبيعي لديموغرافية المجتمع العراقي, فالمجتمع العراقي كما يصفه الدكتور الوردي في كتابه دراسة في طبيعة المجتمع العراقي ( أن العراق بلد متعدد القوميات متعدد الطوائف والثقافات ) وهذه من أهم الاسباب والدوافع في قيام النظام الفيدرالي وأفضل الحلول لأدارة الدولة العراقية, ومما لا شك فيه أن الاحداث الأخيرة ساعدت على حصول تغييرات ديموغرافية جديدة جعلت فكرة الفيدرالية أقرب الى التحقيق وأكثر قبولا ً ,

إلا أن المعارضين للفيدرالية يعتقدون أنها البداية لتقسيم البلد على اساس طائفي , والمتمعن في معنى الفيدرالية سيجد أن هذا المصطلح يعني المعاهدة أو الاتفاق( وهو مشتق من مصدر لاتيني) طبقا ً لدستور ترتضيه الشعوب والطوائف المتواجدة في البلد الذي يتبنى الفيدرالية , فيطلق على الدولة اسم الاتحادية أو الاتحاد الدستوري, ولا يتكون هذا الاتحاد بمعاهدة دولية لأنه ليس بين دولتين وهو أشبه بالحكم الذاتي,والحكومة الفيدرالية , حكومة ثنائية –أو مركبة فتنقسم فيها السلطات وتوزع بموجب الدستور الاتحادي بين الجكومة المركزية وحكومة الاقليم ( الحكومة المحلية) وأهم اسباب قيام مثل هذا الاتحادهوالرغبة في قيام هذا الاتحاد ويعدها منظروا الفيدرالية شرط اساسي لها, وهناك أيظاً شروط أخرى مثل:

التجانس باللغة والدين والمصلحة السياسية ,والوحدة الجغرافية أي التجاور الجغرافي وهو ضروري لنجاح اي اتحاد فيدرالي .التشابه بالنظم الاجتماعية والسياسية, المساوات قدر الامكان بين المختلفة لهذا الاتحاد .امتلاك أعضاء الاتحاد الى موارد اقتصادية ملائمة . وهناك اسس مهمة وجوهرية للحكومة الفيدرالية وهي : دستور دائم مكتوب وهو لعموم الاتحاد الفيدرالي يوضح فيه المواد الخاصة بالاتحاد . وجود محكمة اتحادية عليا .

فخلاصة القول أن الفيدرالية هي عملية تحرك الجماعات الانسانية نحو التجمع لا الانفصال كما يصورة المعارضون , وهي بالتالي تؤدي الى التوفيق بين أتجاهين مختلفين ليعيشا على اساس قوامه التحالف, وقد أثبت التاريخ جدارتها في العمل على مستوى الدولة الواحدة, وهناك تجارب عالمية كثيرة وناجحة مثل المانيا و السويد والنرويج والولايات المتحدة وبلجيكا وهولندا وغيرها ,فهل سلتحق العراق بالركب الفيدرالي و يشهد قيام أتحاد فيدرالي حقيقي أم سيطول الجدل والصراع حوله هذا ماستكشفه الايام القادمة, أعتقد أن الصراع قادم وستغذيه دولا ً تتضرر من عمل كهذا ولكن الفيدرالية قادمة فهي النظام الافضل للعراق ولشعبه.

علاء الخطيب

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
ابو يوسف
2008-02-03
كل الشكرللأخ مزاحم على تعليقاته التي تعطي إنطباعا ً لن الناس يتفاعلون مع الرأي السائد وهو أهم ما يجب علينا ان نعمله في هذه الفترة المهمة من تاريخ العراق حقأ ان الفيدرالية والامركزية هي افضل الطرق لحكم بلد مثل العراق الحبيب مع التمسك بالثوابت الوحدوية للعراق من شماله الى جنوبه من زاخو الى الفاو
مزاحم الحجاج
2008-02-02
بسمه تعالى شكرا للاح السيد علاء الخطيب على هذا الموضوع المهم بلا شك ان الفيدراليه التي ينادي بها العراقيين هي من افضل الفيدراليات في العالم فهم لم يتبنوا النموذج القائم في دوله الامارات والذي يحصر تملك خيرات البلاد بالارض التي تحتها مثلا ليس لاماره الفجيره حق دستوري يذكر في بترول ابو ظبي وهكذا نرى ونلمس البون الشاسع في مشاريع التنميه وكذلك في مستوى المعيشه لسكان كل اماره اما العراقيون فكانوا اكثر انصافا مع بعضهم واكثر حرصا على وحده بلادهم واكثر التزاما برفاهيه انفسهم جميعا دون تمييز ...........
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
مهدي اليستري : السلام عليك ايها السيد الزكي الطاهر الوالي الداعي الحفي اشهد انك قلت حقا ونطقت صدقا ودعوة إلى ...
الموضوع :
قصة السيد ابراهيم المجاب … ” إقرأوها “
ابو محمد : كلنا مع حرق سفارة امريكا الارهابية المجرمة قاتلة اطفال غزة والعراق وسوريا واليمن وليس فقط حرق مطاعم ...
الموضوع :
الخارجية العراقية ترد على واشنطن وتبرأ الحشد الشعبي من هجمات المطاعم
جبارعبدالزهرة العبودي : هذا التمثال يدل على خباثة النحات الذي قام بنحته ويدل ايضا على انه فاقد للحياء ومكارم الأخلاق ...
الموضوع :
استغراب نيابي وشعبي من تمثال الإصبع في بغداد: يعطي ايحاءات وليس فيه ذوق
سميرة مراد : بوركت الانامل التي سطرت هذه الكلمات ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
محمد السعداوي الأسدي ديالى السعدية : الف الف مبروك للمنتخب العراقي ...
الموضوع :
المندلاوي يبارك فوز منتخب العراق على نظيره الفيتنامي ضمن منافسات بطولة كأس اسيا تحت ٢٣ سنة
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
غريب : والله انها البكاء والعجز امام روح الكلمات يا ابا عبد الله 💔 ...
الموضوع :
قصيدة الشيخ صالح ابن العرندس في الحسين ع
أبو رغيف : بارك الله فيكم أولاد سلمان ألمحمدي وبارك بفقيه خراسان ألسيد علي ألسيستاني دام ظله وأطال الله عزوجل ...
الموضوع :
الحرس الثوري الإيراني: جميع أهداف هجومنا على إسرائيل كانت عسكرية وتم ضربها بنجاح
احمد إبراهيم : خلع الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني لم يكن الاول من نوعه في الخليج العربي فقد تم ...
الموضوع :
كيف قبلت الشيخة موزة الزواج من امير قطر حمد ال ثاني؟
فيسبوك