علي عبد سلمان
ثمة أسئلة كبرى، يمكن أن تحدد إجاباتها مستقبلنا؛ ومن بين أكبر هذه الأسئلة هو هل أننا في أزمة؟!
يبدو هذا السؤال ساذجا بعض الشيء، لأننا فعلا في أزمة مستدامة، فعن أي مفصل من مفاصل أزمتنا؛ يمكن أن نجيب؟! ثم هل أن السؤال إختباري، أم جاء في سياق البحث عن حلول؟!
يبدو أن مشكلة العراق ليست في الديمقراطية، ولا في شكل الحكومة، وليس في من يرأس هذه الحكومة، بل تكمن المشكلة، في كيف يحكم هذا البلد، الذي تشكل على بطاحه، أول نظام حكم عرفته البشرية، وبناءا على ذلك؛ فإنه يفترض أن يكون لدينا نظام حكم راسخ وسليم.
هذا الأفتراض لا وجود له، ليس على أرض الواقع فحسب، بل أننا وعلى إمتداد تاريخنا، لم نعرف نظاما مستقرا للحكم، إلا لفترات إستثنائية وقليلة.
رغم تراكم التجربة، ورغم عظم معاناتنا بسبب أنظمة الحكم السيئة، إلا أن تغيير نيسان 2003، لم يجلب لنا نظام حكم كفء، ولم يحقق النظام الجديد، الحد الأدنى من مصالحنا العليا، ولم يوفق الى بناء منظومة تعايش مشترك صالحة، ولم يتمكن من صيانة وحدتنا الوطنية، فأين الخلل؟!
الحقيقة الأولى؛ هي أن السنوات المنصرمة أثبتت أن العراق، ما زال يسير على طريق صياغة جديدة، وهذا ليس تصورا سوداويا، فشبح تقسيم العراق أبتعد كثيرا، لكن العراق بشكله الذي كان عليه لغاية 2003؛ لم يعد قائما!
الحقيقة الثانية؛ هي أن الصياغة القائمة، وإن كانت جديدة لم يمض عليها سوى بضع سنوات، إلا أن الزمن قد عفا عليها، ولم تعد قادرة على مواجهة مشكلاتنا المستحدثة، كما أن أدوات هذه الصياغة، وأعني بها القوى السياسية النافذة، لم تعد ملائمة للقادم الصعب، كما أن الصياغة القائمة، تحتاج الى عراق آخر مبني على معادلة مغايرة تماماً.
يعني هذا؛ أن العراق اليوم يخضع لسيناريو جديد، يتعرض معه للتغير الجذري, في إعادة صياغة أصوله، ويتعرض لقلب موازينه وموازناته ومعادلاته.
إذا وضعنا بحساباتنا؛ أن الكورد ذاهبين الى وضعهم الخاص وو بعد حين، وأن السنة لا يمكنهم تصور العيش إلا بروج السلطة، وأن ثمة لاعبين خطرين في المنطقة، وهؤلاء اللاعبين شكلوا حلفا قويا، عماده الراديكالية التركية المتعطشة إلى سلطنة جديدة، والمال القطري المتشارك مع الصهيونية بالبزنس، والأصولية الوهابية السعودية، التي تشكل ارتدادا بشريا نحو عصر قابيل.
إذا قرأنا الأمور هكذا، وكي لا يسقط العراق ضحية الأدوار الإقليمية، والإرادات المحلية العبثية، فإن المصلحة الوطنية تحتاج إلى مزيد من الجهود، وتقديم التنازلات، بما يسمح بتطبيع الأوضاع، والقضاء على حالة الجمود السياسي، التي صارت الهاجس اليومي للمواطن العراقي البسيط.
ليس صحيحا ان يتحجج الساسة، بأشتراطات الشارع وضغوطاته، ومثل هذه الحجج أوهى من أن تُصَدَق، فالشارع أداة بيد السياسي، وهو الذي يحركه، والعكس ليس صحيح!
https://telegram.me/buratha