علي عبد سلمان
هل يمكننا ان نتخيل السلطة، على أنها مورد عام؟! الحقيقة نعم هي كذلك، إذ أنها وفقا لهذا المفهوم، لا تختلف عن الموارد الأخرى، مادام المال العام بيدها.
السلطة بالحقيقة؛ مورد عام يملكه الشعب بالتساوي، بحيث لا يجوز لمن يمتلك زمام السلطة، التصرف به أو إستغلاله دون الآخرين، بلا.. ولا يمكنه أن يتصرف بمخرجات السلطة، بمقام من يضطلع بدور تقسيم تلك المخرجات والتحكم بها، ما لم يفوضه الشعب برضاه، تفويضا واضحا صريحا، مقيدا بالكيفية والأسلوب ولمدة محددة!
هذه هي فلسفة تحديد ولايات المجالس التمثيلية، والوظائف العامة السيادية، كرئاسة الجمهورية والوزراء، بل والقضاء أيضا، بآجال محددة؛، مع توصيف تلك الوظائف، من حيث الصلاحيات وبما يمنع الاستئثار بالسلطة.
إن الصلاحيات هي البيئة الحاضنة للفساد، وكلما أتسع نطاق الصلاحيات، واقتربت الى الإطلاق، عشش الفساد بين ظهراني السلطة، ولعل من أهم آثار الصلاحيات المفرطة، هو مصادرة القرار ، وإضعاف الديمقراطية، ونهب إرادة الشعب، وذلك هو الفساد الأكبر.
إتساع نطاق الصلاحيات، سيؤدي الى تمركزها بإيد ينزع اصحابها الى الإستبداد، لأن من لا يعف عن نهب السلطة، فلن يعف عن نهب المال العام، بل وأي موارد أخرى أقل أهمية، وستضعف الرقابة العامة، وستختل منظومتها الرسمية، وسيتنمر المسؤولين الحكوميين على الشعب، لغياب الرقباء والشركاء، ولأن كل شيء تحت سيطرتهم!
بخلاف من يعتقدون أن توسيع صلاحيات المراكز العليا، سيمكن أصحاب تلك المراكز، من محاربة الفساد والقضاء عليه، فإن هذا التصور منقوض من أساسه، على قاعدة أن فاقد الشيء لا يعطيه، لأنهم ونتيجة لصلاحياتهم المفرطة، وهي البيئة المنتجة للفساد، فإن محيطهم سيكون فاسدا، وستلتف حولهم اسراب الفاسدين، ويتفسد القيادات العليا بالتأكيد.
الفاسد لا يمكنه أن يحارب الفاسدين، وما دام وجوده في السلطة مبنيا على الصلاحيات الواسعة، وسيتحول الكبار الى حالات فساد كبرى، لأن الفساد بالنسبة لهكذا شكل من أشكال السلطة، هو من مغذيات استمرارها، وهو وقود حركتها وبقائها، لذا فرعاية الفساد هي جزء من منهج الدولة!
إن المسؤول الواسع الصلاحيات، لا يستطيع ممارسة صلاحياته الواسعة ، ولا يمكنه البقاء بمنصبه، ما لم يفسد، ويرعى الفساد بكافة أشكاله، حتى وان تظاهر بمحاربة حالة هنا أوهناك، لذر الرماد في العيون، وكجزء من منهج الفساد ذاته!
https://telegram.me/buratha