المقالات

أنا اولاً.. والآخرين من ورائي..!

1851 2019-05-10

حلا الكناني

 

حُبّ الذاتِ فطرةً يولدُ بها معظمُ الناسِ، إذ يتضح حب الانسان لذاته منذ طفولته، ويظهر ذلك من خلال كثرة استعماله لضمير الأنا، وحبّه لتملك الأشياء التي تقع تحتَ يديّه، والاستحواذ عليها، فضلاً عن ميلهِ إلى أن يحظى بالتفضيل، والمديح دون غيره، وكلّما لاقى تعزيزاً على سلوكياتهِ، كلّما أصبحَ أكثرَ أنانيةً، وتفرّداً بذاتهِ، ويكبرُ، وهو حاملاً معه ذكرياتُ مشحونةٍ لطفولتهِ تقبعُ في لا وعيهِ وتتسربُ الى وعيّه عنوةً دون وجود أي برزخٍ يمنعهما من أن يبغي أحدهما على الآخر في بعض الأحيان.

ينمو و يتزايد حب الأنا في داخلنِا، وقد يطغى أحياناً ليُصبحَ كحبّةِ الفاصولياء العجيبة التي نبتت، وكبرت حتى وصلت الى عنانِ السماء، وصارتْ أمانيّ صاحبها أوسع من ذي قبل، فأراد حينها أن يبلغَ الجبال طولاً، وأوجدَ لنفسه عظمةٍ دون الآخرين، دون أن يُدرك أنها سرعان ما ستختفي كرذاذِ العطر الذي ما إن يملأ أنحاء المكانِ، حتى تجدهُ يتلاشى وكأنه لم يكن.

أوصانا نبيّنا محمد عليه وآلهِ أفضل وأتمّ التسليم بأنفسنا وإخوتنا المسلمين خيراً حين قال:" لايؤمنُ المرء حتى يحبّ لأخيهِ ما يُحبّ لنفسه"، فتَرَكنا تلك النصيحةُ جانباً، والتزمنا المثلُ القائل: "كلمن يحود النار لكَرصته"، فصار همّنا أنفسنا، ولا يهمنّا من افتقرَ إن اغتنينا، فآثرنا مصالحَنا على الآخرين، وسابقنا الموجَ لنكون أول الراكبين، وزيّفنا السباق لنصيرَ من الفائزين، وتمادينا في غيّنا حتى صرنا كنَهمٍ لا يشبع، وإن مُلئت أوانيّه بما لذّ وطاب، وبات جارنا جائعاً، ونحن متخمين، وأصبحتْ أيدينا إلى الأعناق مغلولتين، وشاختْ أجسادنا وما زلنا طامعين، وانطوى في ذواتنا سجّل الرحمة، ورُفع الى ارحم الراحمين .

ما الذي نطمحُ إليه بعد كلّ هذا ياتُرى؟وهل من سبيلٍ نرجوه للخلود؟
"إنّك ميّتٌ وإنّهم لميّتون" هكذا خاطب عزّ وجل نبيّه الأعظم عليه وآله أفضل الصلاة وأتمّ التسليم، فهل إن أموالنا التي سلبناها الفقراء بالتي تُقرّبنا الى الخالقِ زُلفى؟ وهل سنبقى قادةً يُخلّدنا، ومن معنا التاريخ بمنجزاتنا؟ أم سيُقضى علينا،و ستُطاردنا اللعنة أينما حلّ ذكرنا، وسنقدِم من اتبعونا يوم القيامةِ نوردهمُ النار؟
تساؤلاتٍ لم نوجهها يوماً لذواتنا، ولعبنا دورَ الأصنامِ التي تخللّتها أرواح الشياطين، واتخذنا أنفسنا إلهاً متعطشّاً لقرابينَ بشرية، كلّما جيء بها إلينا، طلبْنا المزيد، وكممّنا آهاتُ الأمهات، وصَرَخاتِ الأيتامِ، وصارَت زمجرةُ نعيقُنا تملأُ الأرجاءَ عنوةً، وزرعنا الحقدَ، فأنبتَ طائفيةً سوداء، وحصدنا كنوزاً، وحصد الفقراء أبناءاً شهداء.

ذلك هو (الأنا) ربيّناه صغيراً في داخلنا، فأصبح كلّنا، واحتلّ جميع انحائنا، وصار لايرى إلا إيّاه، وكبُرت مطامعهِ من لعبةٍ صغيرةٍ، إلى بلدٍ بأكمله، ليبسطَ ذراعيه على كلّ شِبرٍ منه، وليقتات على دماءٍ بريئة راح يملأ منها الكؤوس.
ترى هل من نهايةٍ لذلك البربري الأنويّ الذي استشرى ظلمه في الناس، وأخذ منهم مأخذه؟ 
تساؤلٌ ستُجيب عنه صراعاتُ الأيام، فلنرتقب، ونكن من المنتظرين.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك