علي عبد سلمان
قال أحد المقربين من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وهومدير التحالف الأميركي الشرق الاوسطي توم حرب في تصريحات متلفزة، إن “هناك اصواتا عراقية تطالب برحيل القوات الأميركية من العراق”، مؤكدا أن “من حق العراقيين المطالبة برحيل القوات الأميركية”.
وأضاف حرب، أن “الانسحاب الأميركي من العراق ينبغي ان يتم عبر مجلس النواب العراقي والحكومة”، مشيرا إلى أن “ترامب سيسحب قواته من العراق اذا طُلب منه رسميا ذلك”.
تأتي هذه التصريحات مع عزم أكبر كتلتين في مجلس النواب؛ وهما تحالفا سائرون والفتح التصويت على قانون، يقضي باخراج كافة القوات الأجنبية من العراق؛ بداية الفصل التشريعي المقبل.
عقيب إحتلال الدواعش الأشرار في حزيران 2014، قرابة ثلث مساحة العراق، وحينما باتوا يطرقون أبواب بغداد، تشكل ما يسمى بالتحالف الدولي لمحاربة داعش، من قرابة ستين دولة، تقوده الولايات المتحدة الأمريكية، البلد الذي كان يحتل العراق، والذي تربطه به معاهدة إطار ستراتيجي، أنهت الإحتلال في أواخر عام 2011، ونظمت العلاقة بين البلدين، خصوصا في الجوانب الأمنية، التي حتمت على الأمريكان، تجهيز وتدريب وتسليح القوات المسلحة العراقية..والى أن يقوى عودها، فإن هناك إلتزامات بشأن حماية العراق، يتحملها الجانب الأمريكي..
إتفاقية الإطار كما قيل وقت إبرامها، عقدت بين بلدين متكافئين سياديا، وقد بذل المفاوض العراقي جهودا مؤشرة، كي يصل الى صيغة تحفظ سيادة وكرامة العراقيين، ولو بحدها الأدنى المتعارف عليه دوليا.
عندما أبرمت الأتفاقية؛ عرضت هنا في العراق، على مجلس النواب وصادق عليها، لكن الطرف المقابل، أكتفى بتوقيع الرئيس الأمريكي أوباما، دون أن يجري عرضها على الكونكرس الأمريكي!
لقد كانت هذه هي بداية تملص الأمريكان، من إلتزاماتهم تجاه العراق، لأن الأتفاقات التي يبرمها رئيس أمريكا، دون عرضها على المشرعين في بلادده، لا تكون ملزمة للدولة الأمريكية، بنفس القدر؛ فيما لو صادق عليها مجلسي الشيوخ والنواب الأمريكيين..
لقد ألزم الساسة العراقيون أنفسهم، بموجب هذه الأتفاقية، بما لم يلتزم به الأمريكان، وبقي الجزء الأمني من الأتفاقية مشوشا ومعطلا، فقد ماطل الطرف المقابل بتسليح الجيش العراقي، وما تم تجهيزه لم يكن يتعدى، البنادق التي تباع علنا، في محلات تجارة الأسلحة الشخصية، في معظم الولايات الأمريكية، حيث بإمكان اي بالغ أمريكي، أن يقتني بنادق جي سي وأم 16 وذخيرتها!
الطائرات الـ أف 16 التي قبلوا بيعها لنا، هي أشبه ما تكون بالطائرات الإستعراضية، بعد أن خلعوا منها أنيابها، ومعظم تجهيزاتها الدقيقة..ومع ذلك ماطلوا بتسليمها حتى بعد أن وقع ثلث أرض العراق بيد الدواعش، برغم أننا دفعنا ثمنها عدا ونقدا، وبسعر أعلى مما بيعت به الى مصر والسعودية وإسرائيل!
إن التسويف والمماطلة؛ منهج أمريكي معروف، وكان على القيادة العراقية، أن تضع العقلية الأمريكية في حسابها، ولا تنساق وراء سراب الأمريكان.
إننا الآن بالحقيقة؛ أمام نقطة مفصلية من حياتنا كشعب، وما لم نتعامل مع الوقت بعقل، فإننا سنخسر صفحة مهمة، من صفحات معركتنا مع الإرهاب الداعشي.
في نهاية المطاف لا يمكن لنا أن ننتصر، إلا بعد أن نتخلص؛ من عبيء العلاقة مع الأمريكان وتحالفهم المشبوه، الذي يضم فيما يضم السعودية العدو العلني؛الذي يكن ضدنا حقدا طائفيا ليس له مدى!
الوقت قد حان؛ لأن يتخذ المشرعين العراقيين قرارا جريئا، بإلغاء المعاهدات والأتفاقات مع الأمريكان، العلني منها والسري، فالتحالف الدولي لمحاربة داعش، كذبة أمريكية كبيرة، بلعها ساستنا، برغبتهم وبكامل قواهم العقلية!
اليوم يقوم الأمريكان بعمليات تدريب وتسليح في قاعدة عين الأسد، ليس للقوات العراقية كما هو مثبت في الأتفاقية سيئة الصيت معهم، بل هم يدربون قوة عسكرية منتقاة من الدواعش الهاربين من سوريا، وسيكون هؤلاء المنتج الأمريكي الجديد، بعدما سبق لهم وأن أنتجوا داعش ذاتها!
....................
https://telegram.me/buratha