أحمد كامل
تمر علينا هذه الايام ذكرى استشهاد العالم والفيلسوف والمفكر الكبير اية الله السيد محمد باقر الصدر ،وهو احد مراجع الشيعة في اواخر السبعينات ،حيث لوحق كثيرا من قبل ازلام النظام السابق ،واعتبروه مصدرا خطرا في تحقيق اهدافهم الرامية الى استعباد المجتمع والحكم بقبضة الدكتاتورية المقيتة .
كانت افكار السيد الصدر الاول جميعها تثقف نحو التحرر من قيود الظلم والضلال، وطلب العلم والمعرفة ،وتنوير الطريق للمجتمع بصورة عامة، من اجل الوصول الى السبيل الهادي لهم نحو الخلاص من ظلم الدنيا، والفوز بمكتسبات الاخرة .
وبالنظر الى رغبة الناس في الانتماء وتاسيس الاحزاب انذاك ،ومن اجل الحفاظ على المجتمع من الانجراف نحو الهاوية ، من خلال اهداف بعض الاحزاب والتي تخفي نوايا على خلاف ما تظهر.
ألفَ السيد الصدر العديد من الكتب والمجلدات، وفي مختلف الاختصاصات وكان اكثر كتابين يتناولها الناس خلال احاديثهم عن سيرة السيد الشهيد الاول هي ( اقتصادنا وفلسفتنا ) ،وقد وصلت اخبار تلك الكتب الى مختلف البلدان ،وقيل انها ترجمت الى عدة لغات، كذلك فقد تناولتها عدة جامعات عالمية خلال بحوثها التدريسية لما تمتلكه تلك الكتب من افكار ونظريات في غاية الاهمية ،ولها المردودات الايجابية اذا ماطبقت على ارض الواقع .
وكنا في ذلك الوقت نتباهى كثيرا عندما نستمع تلك الاحاديث عن مفكر وعالم عراقي كبير ،الغرب تستمد منه المعرفة على الرغم من استشهاده لكن تبقى افكاره النيرة منارا لطالبيها .
ايضا تزامنت في فترة السبعينات والثمانينات ظهور الكثير من المفكرين العراقيين ،وعلى مختلف الصعد وكنا نطلق الآهات ونمني النفس بالاستفادة من تلك الافكار في تنمية وتقدم البلاد ليضاهي بلدان العالم المتقدمة .
وبعد الفرج الالهي الذي جاء لانقاذ البلاد من الحكم الدكتاتوري الجائر، والذي كبت على صدور العراقيين عشرات السنين ، وفي ايام معدودة انتهت تلك الحقبة وانفتحت ابواب العراق على مصراعيها نحو الديمقراطية والحرية المطلقة ،والتي كان من بينها حرية طلب العلم والمعرفة .
وعاد المفكرين المهجرين والذين لازالوا على قيد الحياة منهم الى ارضهم ،والذين غادروا الحياة ومن ضمنهم السيد الصدر الاول فقد دخلت كتبهم الى العراق وصارت في متناول اليد ، وبدانا نترقب القادم ومع مَنْ من الافكار سوف يسير العراق ويضع اولى خطواته نحو التقدم ،وماذا ستعطي تلك الكتب الكبيرة لطلبة الجامعات خلال دراستهم لتلك الافكار العلمية المختلفة ، ومرت الايام ،ومرت الشهور والسنين، ونحن ننتظر لاجديد يذكر البلاد في صراع مستمر، ويمر بمصاعب تلو المصاعب حتى تكاد تبيد البلاد في لحظة من اللحظات ، فساد وبطالة اهم ما تصدره المشهد العراقي خلال السنوات الاخيرة ،وفي كل استفتاء عالمي يخص الفساد نتربع على المقاعد المتقدمة له ، لا جديد يذكر لا حياء من ساسة العراق مما يحصل من فساد وامور سلبية كثيرة تكاد تفتك بالمجتمع لولا البيئة التي يمتلكها المجتمع العراقي والذي تميزه عن باقي المجتمعات جعلته مترابطا مع بعضه .
والان ونحن بعد ستة عشر عاما من سقوط النظام السابق ،ماذا عملنا بأفكار وعلم مفكرينا ؟هل سرنا على منهج اقتصادنا لنخلص العراق من الازمات الاقتصادية المتلاحقة وغزو المصارف الربوية للشارع العراقي واستغلال فقره وعوزه؟! ، هل عملنا بأفكار فلسفتنا لإنقاذ شبابنا من الآفات الخطيرة التي تلاحقه؟! ، هل عملنا بأفكار العشرات من مفكرينا الراحلين ومن هم على قيد الحياة والذين عادوا ادراجهم ورحلوا بعدما همشوا مع كتبهم ورجعوا الى ديار غربتهم ليبحثوا عن ما يقدر كنوزهم التي في جعبتهم !!
الحديث ذو شجون ،لكنه من واقعنا المرير الذي يدفع الانسان الى تدوين امانيه ورغباته، وهو يرى العراقي لازال يعتاش على اكداس النفايات !!.
https://telegram.me/buratha
