نورية الإثنى عشر - باحثة من البحرين
للكلمةِ مفهومها ومنطوقها ودلالاتها وإعتباراتها ومصاديقها التي تفسرُ معناها وصولاً لإيضاح مقاصدها فمن أصغر وحدة بُنيت عليها اللغة [الكلمة] ومنها كان نتاج المعرفة البشرية بمختلف رؤيتها زمانياً ومكانياً فتمثل بذلك إنطلاق مبدأ أي فكر أو رؤى أو منهج أو مذهب لكل جماعة من الجماعات البشرية فتجدُ صداها بالحقية والباطلية والإيمانية والشيطانية والنورانية والظلامية وفي السلمية والحربية والدفاعية والهجومية والجدية والهزلية
وهنا يكمنُ دور العقل المائز بإتخاذ أنجع الطرق وفق شرعية الإسلام لمعرفة أصداء هذه الكلمة.
الكلمة بمحضر طريق الحق
من دلائل وعلامات طريق الحق إنه بائن وواضح لا غموض ولا إشكال ولا زعزعة فيه... تستشري صلابة الإيمان في عروقه ممهد للخير والصلاح والبناء والتجديد مُتحركاً لمجابهة أي من حركات الإنحراف والتضليل بكافة مستوياته من أن يدب في الأوساط الإجتماعية بين الناس فكان هذا ديدن الرسالات السماوية التي حملت النور لإضاءة عقول وقلوب هذه الأنفس وحملها إلى غرف الهداية والصلاح والإرشاد...
فكانت كلمة الأنبياء لأقوامهم قائمة على أسس إلهية نورانية يتجلى فيها الصدق وقوة الدليل على أنها آتية من مولى حكيم فطريق الحق لا إعوجاج فيه ولا ميل تارة لليمين وتارة لليسار ولا الأخذ به يوم وتركه شهر أو سنة ولا به ميل للهوى والنزعات الأنفسية الشيطانية بل به ميل للثبات على الحق وقول الكلمة بمحضر من لا يعي أنها مجلجلة "فللباطلِ جولة و للحقِ دولة".
هُنا كَمُن لُب الموضوع بقوة وتأثير وفاعلية كلمات الشهيد محمد باقر الصدر قدس سره الشريف فلقد عاش رسالياً حمل هموم الأمة الإسلامية في إيطار نضال جهادي لا نظير له مُتخِذاً من منهل الشريعة الإسلامية الحقة نبعاً صافياً لا شائبة فيه إذ أن الحالة الإيمانية الإسلامية ليست بمعزل ينعزل فيه الإنسان عن أحداث الحياة وأوضاعها وأطوارها بل عاشت كلماته متحركة بالمجتمعات على الدوام هدفها الوصول إلى أعلى الكمالات الممكنة بعيداً عن الثوابت والجمود الذي يؤدي بنهايتهِ إلى التأخر.
كلمتهُ حملت بُعداً رسالياً أخلاقياً صادقاً على كافة النواحي فلقد خط نهجاً إيمانياً راسخاً على الثبات [بمبدأ الكلمة] والتصعيد لها إن تطلب الأمر فتماثلت مع مبدأ [الكلمة الإيمانية] التي فطر الله الناس عليها وتحريك الضمائر الراقدة.
كلمته قُدس سره الشريف كانت مفردة لجمعٍ مُتكثر مُتشعب حملت بين جنباتها [وحدة الصف] فعاش أُممياً بإنسان واحد أظهر بخطاباته أناقة فكرية أصيلة تبين هدفية مصير الأمة بالحاضر و المستقبل فكرر كلمة توحيد الكلمة من باب التلاحم والتآزر تحت راية الإسلام لنيل الكرامة والعزة الإنسانية فتلاحمت كلماته وتناغمت بهدفية الفعل الرسالي فالمؤمن الرسالي هدفهُ لا حد ونظير له هدفهُ تحقيق أسمى درجات التبليغ بخط لا يحيد عن نهج الرسالات السماوية في قِبال (الكلمة بمحضر طريق الباطل) فبتوحيدها يكون عكوس المعادلة ضد من لا يبتغي الوحدة ومصير الصف.
وكما يقول روح الله الخُميني قدس سره الشريف [الشعب الذي له صوت واحد لا يستطيع أحد أن يفرض شيئاً عليه] فالميدان اليوم هو ميدان الكلمة وسلاحهُ الإيمان فالتعبئة الإيمانية مطلوبة لرؤية الواجهة الصحيحة...
وهذا ما مثلهُ الشهيد محمد باقر الصدر بإعلاء صوته ضد المتجبر (فالجماهيرُ أقوى) بكلمة الحق في ميدانها فالمواجهة الجدية اليوم هي بقوة الكلمة والإتحاد. فلقد ترك بصمة كبيرة في وعي الناس وفكرهم لأن روح الرسالي تمثل روح الجندية التي تجعل من الإنسان قوة لا تملك نفسها بل تشعر بأنها ملك لهذه الرسالة بتوظيفها وتمثيلها سلوكياً تسير وفقها و تقف عند حدها فكان الشهيد سيد الكلمة وسيد العِمة فقال: "ليست حياة أي إنسان إلا بقدر ما يعطي لأمتهِ من وجوده وحياته وفكره".
فنتأمل كلمته لنجد روح الرسالي المعطاء الذائب بكل كيانه لله فكان صورة متحركة لجميع بني الإنسان ولكل الرازحين تحت نير الظلم والمستضعفين في أرجاء العالم وهنا تكمن الفرادة بشخصه والمثال.
https://telegram.me/buratha
