عباس البخاتي
حضي العمل المؤسساتي بأهمية كبيرة لدى السيد محمد باقر الحكيم، فقد رأه ضرورة ملحة لإنجاز المهام التي من شأنها تسهيل الوصول للهدف .
إن الوعي الرسالي للشهيد الحكيم وفهمه العميق لمقاصد القرآن الكريم ودقة إدراكه لحركة أهل البيت صلوات الله عليهم، كل ذلك مكنه من إستشعار أهمية (النظم والتنظيم) بإعتبارهما من الصفات اللازمة للعمل .
بعض المهتمين بالشأن الفكري الرسالي,إعتبروا الحكيم من المؤسسين للحراك الآيدلوجي الإسلامي، برغم من قرائته الواعية للواقع الإسلامي العام وتصورة الشامل للحالة العراقية الخاصة لما تنطوي عليه من تعقيدات .. وبناء على ذلك لابد من معرفة التصور الإسلامي عن النظام في حركة الأمة .
من المعلوم إن للإسلام رؤية تنظيمية تخص الشأن الفردي والإجتماعي، من خلال ربطهما بالقيادة الشرعية سواء كانت معصومة (النبي أو الإمام) أوغير معصومة (المرجعية) وإعتمادهما على دور الجماعة الواعية التي تؤمن بلزوم الإنقياد التام وفاعليتها في بناء حالة مؤسساتية تعمل ضمن هذا الإطار.
يرى الحكيم أن الدولة هي المؤسسة الأم، ولها صلاحية نظم الأمور في إطارها إعتماداً على مؤسسات معنية بتنظيم شؤون الناس، وفي حال غيابها فالمرجعية الدينية هي الجهة المؤهلة للقيام بهذا الدور .
التصور الإسلامي ينطلق في فهمه للمؤسسة من إتجاهين، وصف الأول بأنه (المؤسسة الثابتة) المعبرة عن رؤية إسلامية لحاجة المجتمع بصورة ثابتة كالمسجد الذي يكون ثبات الممارسات التي تقام فيه معبرة عن ثباته في الوجدان الإسلامي .
من المؤسسات الثابتة أيضاً ماكان ذو طابعٍ إجتماعيٍ عام يضاف إليه الجانب العبادي كصلاة العيد وفريضة الحج وكل ممارسةٍ تحمل بعداً إجتماعياً عبادي .
تعتبر الحوزة العلمية من أهم المؤسسات الثابتة، حيث يقع على عاتقها مسؤولية التفقه في الدين ومعرفة الحكم الشرعي، والموقف العملي لحركة الأمة، فهي حاجة ملحة من حاجات المجتمع للحفاظ على المنظومة القيمية من خلال الدعوة إلى الله تعالى والامر بالمعروف والنهي عن المنكر وتشخيص المصلحة العامة وقيادة الأمة لمواجهة الأعداء ورعاية الاماكن المقدسة والإشراف على المال العام وتحديد جهات الإنفاق، وكلها تدار بصورة مركزية من قبل القيادة الشرعية . كذلك لابد من الإشارة الى مؤسسة القضاء المعنية بالحفاظ على الحقوق العامة والخاصة .
يوجد نمط آخر من المؤسسات، وهو ماعبر عنه الشهيد الحكبم (بالمؤسسة المتحركة) التي تكون نتاج المتغيرات الإجتماعية والسياسية .
حدد السيد الحكيم مهمة إبتكار مثل هكذا مؤسسات بولي الامر أو الجماعة الواعية العاملة ضمن الإطار الشرعي، بحسب تقديرها وفهمها لطبيعة الظروف القائمة، كالإحتفالات والتظاهرات والجمعيات الخيرية، وإنشاء الأحزاب والحركات السياسية والجهادية بشرط إنسجامها التام مع الأُطر الشرعية وعدم تقاطعها مع إنسيابية عمل المؤسسات الثابتة .
https://telegram.me/buratha
