علي عبد سلمان
بعد زوال القيح الصدامي ، أتضحت الصورة بكل مقاييسها ، إذ يبدو أن المشكلة في العراق هي ليست الديمقراطية، وليس شكل الحكومة، وليس هي مصلحته العليا ولا هي مصلحة التعايش المشترك فيه ولا وحدته الوطنية، فالعراق يسير على طريق صياغة جديدة وإن كانت مرتبكة بعض الشيء، فهذا هو حال جميع الديمقراطيات الوليدة، ومع ذلك يمكن القول أن صياغته القائمة وإن كانت جديدة لم يمض عليها سوى بضع سنوات، إلا أن الزمن قد عفا عليها، ولم تعد تخدم طموحات قوى بعينها ولا تتسع لحجومها ولا تمتثل لسطوتها، والمعادلة التي بنيت بعيد نيسان 2003 لم تعد تلبي طموحات العديد من القوى السياسية الفاعلة ومن خلفها، وهي طموحات تحتاج الى عراق آخر مبني على معادلة مغايرة تماماً! فهل يسير العراق على طريق التحول السلس نحو أفق جديد، أم أنه محلك سر؟
لابد من الإعتراف بإن تعقيدات العملية السياسية، وتعدد أطرافها، تنبيء بلا واقعية المشهد السياسي من كثير من زوايا النظر اليه، والعملية السياسية الجارية هنا ليست لعبة كما يحلو لبعض الساسة تسميتها، بل إنها منظومة متكاملة من الأفعال المترابطة كترابط حبات المسبحة..هذه المنظومة تنطوي على مواعيد ومهام مرحلية عليها أن تنجزها، وإنجازها يحتاج الى جهد وطني متكامل لتكتمل المسبحة.. وتحتاج الى من يتفهم التوقيتات وأن القفز عليها يربك العملية يجعل الآجال تتصادم..وهي في هذا بحاجة الى عقول أكاديمية تضعها على المسار الآمن على المدى البعيد..ويفترض أن ينحى تناقض المصالح لصالح الأدوار الأيجابية في إنجاز المهام والنهوض بها الى مستوى متطور من العمل..
لقد أنجزنا تجارب مهمة في العمل الديمقراطي ومن يرغب في ان يصل بالعراق الى دولة المؤسسات والقانون، عليه أن يقدم للعملية السياسية كل أسباب النجاح، بعيدا عن الجدل والتنافس السياسي الذي يحصل بين الكتل السياسية التي لها الحق في ان تتحرك في الشارع العراقي، ولها أن تعرض برنامجها لكسب الناخب الى جانبها، شريطة عدم التحشيد السلبي المتمثل بأثارة العواطف الطائفية والعنفية..
إن الشفافية والمصداقية ليست مطلوبة من الدولة فحسب، بل هي مطلوبة من القوى السياسية جميعا، بان تظهر قدر اكبر من التعاون والتعامل الصادق وأن تبتعد عن فرض الآراء بالقوة، وعن التأثيرات غير المشروعة، هذا أذا تريد عملية سياسية لا لعبة سياسية..!
https://telegram.me/buratha