كاظم الخطيب
مرارة الخذلان، وسنوات الهوان، التي عانى منها شعب العراق، بطوائفه، ومذاهبه، وقومياته، وأطيافه كافة، والتي لازمت الفكر السياسي، لعشر سنوات مضين، حتى نكبة نينوى.
لم تك تلك النكبة وليدة الساعة حينها، ولم تك من المفاجئة بشيء؛ بل كانت نتيجة متوقعة، ونهاية حتمية، لما كان يقوم به الجمهور السياسي- بمستوياته كافة- من الأفعال المشينة، والممارسات المخزية، وما كان يعانيه أغلب السياسيون من أمراض الجهل السياسي، والجشع، والعمالة، والفقروطنية.
سنوات عشر.. تحمل فيها المواطن تفاهات لا تمت للسياسة بصلة، ولا تكاد تنتمي لأي من مفرداتها مطلقاً، ماخلا أسماءها، فتارة تجد التصريحات تهلل وتمجد بالشراكة الحقيقية وأخرى تدعو إلى أغلبية سياسية، وثالثة تطمح إلى حكومة إنقاذ وطني- إنقاذ من ممن؟- وأخيرها وليس بآخرها، التآمر والخيانة وفرض واقع الحال.
إن جهل السياسي العراقي بماهية مواطنيه، يعد السبب الحقيقي وراء حالة التخبط، والإرباك، والفشل في بناء دولة مدنية عادلة قوية رغم وجود الدستور والنظام الديمقراطي وآلية الوصول إلى المراكز القيادية، وتسنم المناصب السيادية.
المواطن العراقي متدين بالفطرة، وقبلي(عشائري) من النطفة، وقد فشل الأعم الأغلب من أرباب السياسة من تطويع هاتان الخصلتان لصالح الفرد والمجتمع والدولة. بل على العكس حرص كثير منهم على الإستخفاف بالوازع (الإلتزام) الديني والإنتماء القبلي، رهاناً منهم، على بساطة وسماحة المواطن وصبره.
فكان نتيجة ذلك أن تمزقت الوحدة الوطنية، وفقد ت الثقة بالآخر، وإتسعت مساحات الفراغ المجتمعي، وتفككت عرى التلاحم الشعبي، وتقطعت أوصال الجسد العراقي، حتى غدى حلم الأعداء على مسافة رمية رمح من أن يتحقق؛ بإعلان دويلات الذل، والضعف، والإستكانة- كردستان، سنستان، شيعستان- ليكون ذلك حصيلة عشرٍ من سنوات حكم التخبط والأنا والتحزب.
إستغل التكفيريون، والعملاء، والخونة، فترة الإرباك السياسي، في مرحلة الإنتقال الفوضوي للسلطة، والفراغ التشريعي، لتوجيه ضربتهم إلى ماتبقى من العراق، بإنقلاب أبيض، وإجتياح دموي.
لم تنجح معالجة السياسيين للأوضاع، ولم يتوصلوا إلى حل لهذه المعضلة، التي كانوا هم أنفسهم من أهم أسبابها.
وكما هو شأنها دائما ..تصدرت المرجعية الجموع، وأمسكت بدفة القيادة، وسارت بمركب البلاد، في موج متلاطم من الملاحم والفتن، ورسمت خارطة للطريق؛ كان من شأنها، أن هدَأت الأوضاع، وإستوعبت الصدمة، وأشارة إلى مواطن الخلل، وقدمت الحل الأمثل، إنطلاقأ من المواطن وإعتماداً على خصلتيه - التدين والإنتماء- التين زهد فيهما أهل الحل والعقد من السياسيين، وفي غضون أسابيع ثلاث أنجزت مالم ينجز في السنوات العشر.
ماضرنا لو إستمعنا لقول مراجعنا، وما كان حالنا لو أهتدينا بهداهم وكما قال شهيد المحراب- قدس سره- في خطبة الجمعة العاشرة..(المراجع قادة الأمة، يمارسون دورهم في إخراجها من حيرتها).
هل سيكون ذلك دافعاً لأن يستوعب الساسة الدرس،؟وهل لمس الضالون حكمة المرجعية وصبر شعبهم عليهم؟
https://telegram.me/buratha