بقلم : د.حيدر مجيد رستم الحصونه
وهو من المع رموز العسكرية العراقية ومن قيادات الجيش العراقي البارزة ومن الشخصيات العراقية التي عرفت بوطنيتها واخلاصها وهو اشهر من نار على علم، شارك في قيادة الجيش العراقي ابان حرب تحرير فلسطين عام1948 ثم شغل عدة مناصب في الجيش العراقي وفي عام 1959 تقلد منصب (قائد الفرقة الاولى العراقية)وكان الجيش العراقي انذاك متكون من ثلاثة فرق فقط وكانت الفرقة الاولى منتشرة في مناطق الفرات الاوسط و جنوب العراق وتشرف على المحافظات(كربلاء والنجف والحلة والديوانية والعمارة والناصرية والبصرة)وكان مقرها في محافظة الديوانية
كان سيد حميد رجلآ متدينآ،عادلآ ، مخلصآ، متواضعآ وذو سمعة طيبة يتحدث بها الجميع وذو سيرة تأريخية مشرفة..... كما كانت له علاقات متينة بمراجع وعلماء النجف الاشرف وخاصة المرجع الكبير السيد محسن الحكيم(رحمه الله) بحيث ان سيد حميد(رحمه الله) يعتبر السيد الحكيم اباه الروحي واباه في العقيدة وجندي من جنوده كما يعبر هو عن نفسه في احدى المناسبات والتي يذكرهاالسيدعلي ابن اية الله السيد علي تقي الكشميري كتاباته الموسومة(مع الصادقين_شريف ابن فلاح الكاظمي) واليك النص كاملآ:____
((الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.ومن الصادقين الذين وظفوا عمرهم الثمين لخدمة اهل البيت الشاعر الشهير شريف بن فلاح الكاظمي المشهور بالشريف الكاظمي واقترنت شهرته بشهرة قصيدته المعروفة بالقصيدة الكرارية وقد ذكر السيد العاملي في كتابه الاعيان ان الشريف الكاظمي كان حياً في عام 1166هـ وبلغت شهرته مرتبة عالية بعد ان ذاعت قصيدته المعروفة بالكرارية وهي تبلغ اربعمئة وثلاثين بيتاً وقد قرض هذه القصيدة ثمانية عشر شاعراً بقصائدهم منهم الحاج كاظم الازري رحمه الله كما خمسها عدة شعراء ولم نعثر على شعر آخر له لكن هذه القصيدة تعتبر من القصائد الموفقة وعندي خاطرة مهمة عن هذه القصيدة الكرارية، في عام 1962 م اي قبل واحد واربعين سنة وكنت آنذاك ابن الخمسة عشر عاماً وكانت بدايات تلمذي لممارسة الخطابة وارتقاء المنبر الحسيني وفي تلك السنة توفي والد احد كبار الضباط في الجيش العراقي السيد حميد الحصونة كان قائد الفرقة الاولىفي الجيش ومركزها مدينة الديوانية فحملت جنازة والده المرحوم السيد حسين الحصونة وهو من وجهاء العراق ومن التجار واتذكر ان التشييع كان عسكرياً اكثر مما كان شعبياً، تشييع مهيب وصلى على الجنازة في الصحن الحيدري المرحوم السيد محسن الحكيم رضوان الله عليه والمثير في الامر ان هذا الضابط كان آنذاك منصب قائد الفرقة الاولى وكان شجاع الى درجة انه وقف على جثمان والده في الصحن الشريف وخاطب السيد الحكيم على شكل كلمة ارتجالية قائلاً سماحة السيد اذا كان هذا والدي في النسب فانت والدي في العقيدة والمبدأ وانت ابي الروحي وانا جندي من جنودك، هذا الضابط السيد حميد اقام احتفالاً بهيجاً بمناسبة اربعين والده في النجف وقبل الاربعين بأيام كان قد حضر الى النجف الاشرف واشترك بأحتفالات افتتاح مكتبة المرحوم الاميني اعلى الله مقامه وهناك ساهمت انا في القاء قصيدة بمناسبة ميلاد الامام الحسين فأعجب بها وبعد انتهاء المراسم همس في اذن المرحوم والدي طالباً منه ان القي قصيدة في الامام امير المؤمنين بمهرجان اربعين والده واستجاب والدي وفعلاً اصبح والدي رحمه الله يبحث عن قصيدة مناسبة وفريدة وجديدة على الاذهان في امير المؤمنين وبالخصوص كون المهرجان ذا طابع خاص وذلك لحضور مجموعات كبيرة من كبار الضباط ومن الملحقين العسكريين في السفارات ببغداد وهنا استشار المرحوم والدي الشيخ الاميني في اختيار قصيدة مناسبة وكان المرحوم الاميني كأنه كان يستحضر الامر على الفور اقترح القاء مقطوعة من القصيدة الكرارية للمرحوم الشريف الكاظمي اعلى الله مقامه ولكن بما ان القصيدة اربعمئة وثلاثين بيتاً فأختار منها مقطوعة ذات خمسة وثلاثين بيتاً وكانت القصيدة موجودة ولم تنشر انذاك، موجودة في مخطوط في مكتبة خاصة في مدرسة البخارايي في النجف، فعلاً كتبها المرحوم والدي آية الله السيد علي نقي الكشميري فحفظتها في غضون ساعة او ساعتين لان الوقت كان ضيق وحضرنا المهرجان وكان في يوم الجمعة اقيم المهرجان في المسجد الهندي في النجف الاشرف، حضره اعيان النجف وعلماء الحوزة وابناء المراجع واربعة من الوزراء على ما اتخطر واكثر من اربعمئة ضابط من مختلف الرتب وكان من المهرجانات الفريدة المهمة في ذلك التاريخ وكان عريف الاحتفال عميد الخطباء آنذاك المرحوم الشيخ محمد علي اليعقوبي وغالباً احتفالات من هذا القبيل لا يتخللها شعر في مديح اهل البيت او كذا وانما كلمات بالمناسبة وبالموضوع او كان الموضوع يتطلب كلمات اشادة بالولد الضابط او بالاب فقلت ان هذا الرجل لتعلقه بآل البيت اراد ان وكان يصر على المرحوم والدي اني اريد ان تكون قصيدة في امير المؤمنين ومن الشعر الممتاز عقد المهرجان وعريف الاحتفال والقيت كلمات ومن جملتها للخطيبان الشهيران الشيخ الوائلي والسيد جواد شبر والخطيب السيد مرتضى القزويني، السيد هادي الحكيم وغيرهم ممن لا استحضر اسمائهم وبعد ذلك جاء دوري وقدمني المرحوم اليعقوبي معبراً عني برعم من براعم حوزة النجف العلمية بالنظر لحداثة سني فتقدمت الى المنصة والقيت هذه القصيدة الكرارية للمرحوم الشريف الكاظمي اعلى الله مقامه والقيتها بخلاف الطريقة المؤلوفة وبلحن خاص حتى انه لاحظت وانا خلال الالقاء ان البعض كان يبكي لما سمع فضائل امير المؤمنين والقصيدة في مقدمتها ابيات غزل الى ان ينتهي من الغزل ويعرج ويتخلص رحمه الله:
مغ قسماً به ماشاق قلبي بعده مغنى سوى مغنى بأكناف الغرينى حوى قبراً حوى جسداً حوى صدراً حوى علم النبي الاطهر المرتضى الكرار افضل من مشى فوق البسيطة من قديم الاعصر ذاك الذي بالنور فوق جناحه كتب اسمه الباري بخط انورثم مقطع من القصيدة تبدأ بمن، الى ان يقولقد غدا يوم الفخار اباً لسبطيه شبير ذي الوقار وشبر من خص بالزهراء مَن واخاه من ناجاه سراً والانام بمحضر :
مَنْ ذا الذي بالنور فوق جناحه كتب اسمه الباري بخط انور
ويستمر هكذا يعدد فضائل امير المؤمنين وكنت القي هذه القصائد وفي الواقع المشاعر كانت ملتهبة وقسم من المستمعين يحركون برؤوسهم الى ان وصلت الى هذين البيتين:لولا الولاية لم يبشر احمد خلقاً بما وعد الاله وينذرهي في الحقيقة رأس كل تجارة ترضي الاله غداً فهل من مشتريما ان ناديت هل من مشتري الاّ وصفق الجمع بأدامة وصراخ احسنت احسنت وحين الخروج قال الضابط السيد حميد حصونة لوالدي اني اعتقد ان الذي وصل الى روح المرحوم والدي السيد حسين من هذا الاحتفال هو ثواب هذه القصيدة، نعم وبعد ذلك بأيام هالت عليّ الطلبات لمن هذه القصيدة والبعض كان يسجل منها مقاطع رحم الله المرحوم الشريف الكاظمي على هذا الرصيد الجميل الذي حظي به وهنيئاً له على هذا التوفيق والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.)))) انتهى حديث ابن السيد اية الله الكشميري (وثقت هذه الحادثة بصورة ارفقت مع البحث)..
وبعد صدور فتوى السيد محسن الحكيم:_(الشيوعية كفر والحاد) قام السيد حميد الحصونه بغلق كافة مقرات الحزب الشيوعي في المحافظات التي تحت امرته وهذا ما اكده الكاتب الشيوعي د.عدنان الظاهر في مذكراته تحت عنوان (تأريخ الحلة السياسي_انتخابات نقابة المعلمين في الحلة عام 1961) وقد جاء فيها:_((أنَّ منطقة الفرات الأوسط وجنوب العراق كافّة كانت تحت سيطرة قيادة الفرقة الأولى للجيش العراقي. وأنَّ قائد هذه الفرقة الزعيم سيد حميد الحصونة كان من ألد أعداء قائمتنا ومؤازريها وأنصارها وإنه هو من أصدر الأمر بإغلاق مقرات الحزب الشيوعي ومحلات بيع جريدة إتحاد الشعب في المحافظات السبع التابعة للفرقة الأولى يومذاك (( البصرة والعمارة والكوت والناصرية والديوانية والحلة وكربلاء )). رافق ذلك عمليات إغلاق المقاهي التي كان يرتادها الشيوعيون وأنصارهم وأصدقاؤهم المستقلون.))) انتهى حديث د.عدنانثم قام السيد اللواء حميد الحصونه بمنع تداول الجريدة المتحدثة بأسم الحزب الشيوعي (طريق الشعب) وهذا ما اكده الكاتب الشيوعي عزيز سباهي في كتاباته الموسومة( تأريخ الحزب الشيوعي العراقي)وقد جاء فيها:_(( في عام 1960، أقدم اللواء السيد حميد السيد حسين (الملقب بحميد الحصونة وكان قائد الفرقة الأولى في الديوانية والحاكم العسكري للمنطقة الجنوبية التي كانت تشمل سبعة ألوية) على منع جريدة الحزب العلنية واليومية من الدخول إلى هذه الألوية السبعة بدعوى أن الجريدة تشجع الفلاحين على تأليف الجمعيات الفلاحية وتحث على مكافحة الأمية في الريف، ورفع الحصونة شعاره الشهير: "أمي مخلص خير من مثقف هدام". وراح يطارد باعة الجريدة وموزعيها, ويمنع من تداولها بين الناس ))) انتهى حديث سباهي
عاش اللواء حميد الحصونة لاجئاًسياسياً في مصر بعد الانقلاب البعثي الدموي في العراق في 8 شباط 1963 . وفي بداية حكم البعث برئاسة البكر وصدام حسين راجع السيد حميد الحصونة السفارة العراقية في القاهرة لتنظيم امور تقاعده وبعض القضايا العائلية فاحتجزته السفارة العراقية داخل مبناها لمدة اسبوع مانعة اياه من أي اتصال خارجي . وكانت السفارة تنتظر موعد طيران الطائرة العراقية لنقله مخفوراً الى العراق ( على شكل رزمة دبلوماسية ) غير خاضعة لتفتيش اجهزة الأمن المصرية . وبكيفية ما استخبر الرئيس المصري جمال عبد الناصر بحادث اعتقال السفارة العراقية في القاهرة للضيف العراقي اللاجيء حميد الحصونة في مصر فأمر سلطاته بتطويق السفارة العراقية ومنعها من نقل اللواء المحتجز . وبعد اسبوع من هذا الحجز اضطرت السفارة العراقية وبضغط من جمال عبد الناصر ان تسمح للواء حميد الحصونة للخروج من السفارة ...........
توفي السيد اللواء حميد الحصونه في لندن عام 1987 ونقل جثمانه الشريف(حسب وصيته) الى العراق ليدفن في مقبرة وادي السلام الى جوار جده امير الؤمنين علي ابن ابي طالب ( عليه وعلى نبينا افضل الصلاة والسلام) وقد استقبل جثمانه الشريف (وزير الدفاع انذاك عدنان خير الله) بمراسيم عسكرية واقيم له تشييع عسكري مهيب ثم نقل الى النجف..
بدعوى باطلة من خصوم السيد حميد الحصونه لاسباب سياسية وطائفية اطلقوا اشاعة لاتمت الى الحقيقة بصلة مفادها ان السيد حميد الحصونه لم يمتثل لامر عبد الكريم قاسم في غزو الكويت عام 1961 وهنا اكتفي بتفنيد هذه الاشاعة الباطلة للسيد حميد نفسه وهذا ماجاء في كتا ب الكاتب مرتضى الشيخ حسين والموسوم(عبد الكريم قاسم اسوة بمصدق_بين المطرقة والسندان السوفيتي ) والذي جاء فيه:__
(( ما أشيع ان عبد الكريم قاسم اراد احتلال الكويت وأمر اللواء السيد حميد الحصونة بأن يزحف على الكويت ويحتلها فامتنع حميد الحصونة (1) عن اداء هذه المهمة . هذا القول أصبح ومايزال شأئعاً لدى الشعب العراقي ولدى كثير من الاوساط السياسية والثقافية والصحافية . اما حقيقة عزم عبد الكريم قاسم على احتلال الكويت واناطة امر هذا الاحتلال باللواء حميد الحصونة وامتناعه عن تنفيذ الامر فمجرد فكرة استغلها خصوم قاسم من جميع اطرافهم لتأليب الاحقاد ضده . وما كان عبد الكريم ليغامر في تنفيذ هذه الفكرة خاصة وان مشاكل العراق التي شغلته الى أقصى واعنف حد تحول دون تحقيق هذه الفكرة . كما ان الانجليز استغلوها لأعادة سيطرتهم على الكوبت بحجة حمايتها من عدوان عبد الكريم قاسم المزعوم . واثباتاً لهذه الحقيقة فقد كانت لي صلة صداقة باللواء الس[ف . م.ك1] يد حميد الحصونة وقد زار برلين حيث اقيم عدة مرات وكنا معاً نسافر الى عدة مدن المانية ونلتقي مرات مستمرة في برلين فسألته وكان معنا الشاعر العراقي كاظم جواد عن صحة امتناعه عن تنفيذ امر عبد الكريم قاسم باحتلال الكويت فاجابني ما يلي :
(( لم تكن هناك خطة من قبل الزعيم عبد الكريم قاسم لاحتلال الكويت كما انه لا صحة ابداً لما يقال بانه أمرني باحتلال الكويت وما يقال اني امتنعت عن تنفيذ مهمة الاحتلال. فلو فرضنا من ناحية المنطق انه اراد فعلاً احتلال الكويت أو أنه امرني بذلك فامتنعت لكان من السهل أن يعزلني من منصبي إذ أنه رئيسي الاعلى وهو قائد القوات المسلحة ومن السهل عليه عند مخالفتي امره ان ينيط امر الاحتلال بغيري من القادة العسكريين ليقوم بالتنفيذ ، فما أنا إلا ضابط تحت امره وقيادته ، فقضية محاولة احتلال الكويت واناطة مهمة الاحتلال بي وامتناعي عن الاحتلال مجرد اكاذيب واشاعات باطلة غرضها الاساءة لعبد الكريم قاسم ولي كذلك واثارة الاحقاد ضد سياسة العراق آنذاك .))
https://telegram.me/buratha