المقالات

العراق ، أزمة قيادة ؟؟ أم أزمة قادة ؟؟

1889 01:27:00 2007-05-29

قصي محبوبة متخصص بالأدارة الدولية وأنظمة القيادة

_1_

القائد يولد أم يصنع ؟؟ مدرستان متناقظتان و لكل مدرسة مفكريها وكتابها .. حتى تبلورت في أواسط القرن السابع عشر الى مدرستين ، ألأولى تؤمن بأن القائد يـولد ، والثانية تؤمن بأن القائد يـُصنع

ولكل مدرسة أدلتها وبراهينها وامثلتها الواقعية ، ومع بداية القرن المنصرم ظهرت مدرسة ثالثة وسطية تؤمن بأن القائد يجب أن يتمتع بالحد الأدنى من صفات القيادة ، ثم تصقل هذه الصفات بحرفية عالية وتدريب، بعدها يتم صنع القائد .

كما أن هناك فرق كبير بين القائد وبين القيادة .

فالقائد هو الشخص أو الفرد أو المسؤل الذي يعتلي مركب القيادة،أما القيادة فهي البوتقة التي ينصهر بها ومعها القادة ، ولتوضيح الأمر على من تتداخل عليه المصطلحات نسوق أمثلة واقعية، قديمة وحديثة بدون الحكم على التجربة لهذه الامثلة .

فأن الرسول الكريم محمد (ص) كان قائد .. وأن الأسلام كان هو القيادة .

وأن ابو بكر وعمر (رض) كانوا قادة .. وكانت الخلافة هي مركب القيادة .

وأن علي ابن ابي طالب (ع) كان قائد .. وأن الأمامة هي بوصلة " القيادة"

وغاندي كان قائد .. وكانت الأمة الهندية هي معترك القيادة.

وأن ستالين كان قائد .. وكانت عظمة الأتحاد السوفيتي هي مصهر القيادة ، وليس الفكر الشيوعي كما يظن الكثيرين !!

وأن الملك عبد العزيز أبن سعود كان قائد .. وكانت مهمة توحيد القبائل البدوية تحت قيادة واحدة .. هي مركب القيادة الذي أوصله للملك وتوحيد الجزيرة وأنشاء دولة .

وأن الامام الخميني كان قائد.. وأن نظرية ولاية الولي الفقيه هي المحرك الاول للقيادة وأنشاء دولة تمهد لظهور دولة الحق والعدل المطلق، من منظور الفكر الشيعي للدولة والقيادة .

ولهذا فأن العلاقة وثيقة بين القائد وبين مشروعه القيادي ، فكلما كان المشروع واظحآ وأهدافه محددة في ذهن القائد ، كلما أستطاع أن يصقل الادوات الشخصية والعامة والظروف التي تحيط به كي يبلور منهجا واضحآ لما يريد أن يكون عليه ، والوسائل التي توصله الى غايته ومبتغاه.

وأذا اردنا أن نطرح سؤال بسيط في شكله وعميق في معناه فسوف يكون :

مـــاهي وظيفـــــة القائـــــد ؟؟؟

ويكون التعريف بأن وظيفة القائد هي: أن يخلق رؤيا ويكون قادرآ على ايصالها الى تابعيه بصورة واضحة ، وأن يخلق في نفسية تابعيه الثقافة المتنفذة التي تجعلهم يؤمنون بهذه الرؤيا ويعملون على أساسها ، ومنها يأتي الأخلاص للقائد والوصول الى تحقيق المشروع القيادي . والرؤيا هنا هي بكل بساطة مشروعة القيادي .

ونعود الى موضوعنا المركزي ، هل يوجد الأن في العـراق قادة ؟ وهل لدى هؤلاء القـــادة أن وجدوا ؟ مشروع للقـيـادة ؟ و أذا كان لديهم (مشروع للقيادة) هل لديهم القدرة على التعامل مع الأدوات الخاصة والعامة والظروف المحيطة للوصول الى مشروعهم القيادي وتحقيق أهدافه ؟؟؟

فلم ولن تستقيم مصائر الأمم بدون مشروع قيادة واضح ومحدد ،وبدون قائد قادر على أيصال رؤياه ( مشروعة القيادي ) بصورة سلسة وذكية ومبسطة في طرحها عميقة في اهدافها .

أن تأريخ العراق الحديث لا يختلف في تحديد معاناته أثنان ، وهو أنه كان وما زال مشكلته قيادية أكثر من أي مشكلة أخرى يواجهها هذا البلد ، وأن الذين يروجون لكذبه شائعة من أن العراقيين صعبين الأنقياد ودائمي التمرد أنما كي يذروا الرماد في العيون فلا يرى أحد القصور والتقصير في الشخصيات التي تصدت لمنصب القيادة في العراق .

فقيادة الحزب لم ولن تكون مقدمة لقيادة أمة ، وقيادة المذهب لم ولن تكون بوصلة واضحة في كيفية أيجاد المشروع القيادي أو صقل شخصية القائد ، وقيادة العشيرة سوف تنقل كل محدودية الثقافه العشائرية الى صدر ألأمة الواسع فتخنقه وتقتله .

أن تجانس مفردات الشخصية العراقية هي التي كونت ألأمة العراقية ، وليس الشعب العراقي ومابين تعريف ألأمة والشعب حديث يطول ليس هذا مكانه .

وبالتحديد فأن الاختلاف بين مفردة ألأمة ومفردة الشعب هو مقتل كل من يتصدى لقيادة العراق ، فعليه أن يجسم أفكاره ورؤياه بهذا المفصل بالذات ، فهل سيكون قائدآ للأمة ؟؟؟ أم سيكون قائدآ للشعب ؟؟؟

وأعتقد و أتمنى أن أكون خاطئا ان كل من تولى منصبا قيادياً على مدى تأريخ العراق الحديث لم يواجه نفسه بهذا السؤال ، بل ولم يخطر على فكره أو فكر مستشاريه أن يحددوا موقفهم من هذه الجزئية التي لابد من حسمها وتحديد الياتها قبل أن يشرع في ألف باء مشروعه القيادي .

في العراق اليوم تتلازم الأزمتين معاً ، مما يعقد اشكالية الصورة ويغرق الجميع في طوفان الفوضى

حيث أزمة القيادة ، ومشروعها المبهم او التوافقي الأجباري وليس الأختياري تسير جنبا الى جنب مع أزمة القادة وعدم أدراكهم لكيفية صنع خارطة طريق لمشروعهم القيادي .

واذا أردنا أن نسلط الضوء ونركزه على مساحة العراق السياسية في الوقت الراهن ، نجد أن المعادلات قد ركبت بطريقة لا تؤدي الى أي حــــــــــــل .

-2-

القيادة الجماعية طوق نجاة أم رصاصة الرحمة .

أن مبدأ القيادة الجماعية المتبع حاليا بتركيبة الدولة العراقية لا يتماشى مع بديهيات نظريات علم القيادة، حيث أن مبدأ القيادة الجماعية ينجح بحال واحد فقط ، حينما يكون المشروع القيادي متجانس و واضح الاهداف لكل زوايا تركيبة القيادة الجماعية ، للأن القادة قد يختلفون ولكن المشروع القيادي يوحدهم وهنا نرى أن مبدأ القيادة الجماعية يعمل بشكل جيد في الصين وفي الولايات المتحدة وفي أوربا وحتى في أيران والسبب أن المشروع القيادي مفروغ منه ومحدد وواضح ويبقى ألأختلاف في الأساليب وترتيب الأولويات ليس الا .

ولكن في العراق، فأن واقع الحال يخبرنا أن الاحزاب والتيارات والقوميات والطوائف التي يتشكل منها هذا المجتمع القيادي ، لا تتفق على هدف او مشروع قيادي واحد ، وأذا كان هناك من يتصور أن العراق الجمهوري الفيدرالي هو المشروع القيادي فهو واهم وجاهل في علم السياسة والأمم وتكوين الدول ، ان العراق الجمهوري الفيدرالي هو ألاطار للامة وهو العنوان للدولة ولكن ليس هو المشروع القيادي .

ولكي تكون الصورة أوضح، فأن الحركات والأحزاب الأسلامية مشروعها القيادي هو الاسلام .. وهو حق مشروع لها وبعكسه تكون قد ناقضت وجودها ، في نفس الوقت فأن الاحزاب الليبرالية مشروعها القيادي هو الدولة الحديثة بالمعايير الغربية .. مع الأندماج الكامل مع المنظومة العالمية وهذا هو صميم ليبراليتها ، يأتي عامل التنوع القومي في منظومة القيادة الجماعية ليظيف الى السريالية بعدآ أخر ، وهو البعد القومي الكـــردي الذي له مشروعه القيادي الفطري والبديهي ، وهو الأمــــة الكرديــــة ، فالقادة الكرد متفهمين تماما لمشروعهم القيادي والخطوط والاتجاهات واضحة لهم الا ما تشوبها بعض الأختلاف في الجزئيات البسيطة ولكنهم وجودوا أنفسهم محشورين بمشروع قيادي لم يكونوا مستعدين له ، بل لم يتخيلوا يوما أن يكونوا مسؤلين عنه وجزء من قيادته وهو مشروع القيادة للأمة العراقية ووجدوا أنفسهم مجبورين على المشاركة بتحديد اتجاهات البوصلة لهذا المشروع ، وهم لم يتدربوا يوما على كيفية الاشتراك بمشروعين قياديين احدهما يحتوي الاخر أو أحدهما ينفر من ألأخر؟؟

وداخل هذا التناقض يتوالد تناقظآ آخر وكأنها سلسلة من التفاعلات التناقظية التي لا تنتهي ،

فبداخل منظومة القيادة الجماعية في العراق السياسي الان ومن داخل المنظومة القيادية لكل ركيزة من هذه المنظومة توجد مشاريع قيادية تتفق بالخط العام ، وتختلف بالتفسير لهذا الخط ، فبداخل الركن ألأسلامي في مشروع القيادة الجماعية نجد مشروعين متعارضين ، ألأول يمثله الاسلام الشــــيعي الذي يؤمن بقيادة الاسلام ألأمـمي ، والثأني يمثله ألأسلام الســـني الذي يؤمن بقيادة الاسلام القومــي ، هذا بالأضافة الى تقاطعهما من ناحية ومفهوم القيادة عن طريق ألأمامة ومفهوم القيادة عن طريق الخلافة ، ومابين ألأمامة والخلافة الف واربعمائة سنة من ألأختلاف وألأجتهاد والفتاوى والحروب ، فأي عاقل منصف سوف يشطح به الخيال حتى يتصور أن الاختلاف الذي أرهق الامة الاسلامية منذ نشئتها والى اليوم سوف يتم تجاوزه بكل بساطة وأريحيه في عراق اليوم ؟؟؟

وهنا نجد علامات الاستفهام تتزاحم كلما أوغلنا بالتحليل والتدقيق وكلما أقتربنا من التشخيص الصحيح ، وهي تقودنا شئنا ام أبينا للأستكشاف حالة معقدة جدا ومتداخلة جدا ودقيقة جدا ، وتشخيصنا لهذه الحالة أنه وبكل أسف توجد أزمة قيادة في العراق ، وأزمة حادة، تضع الجميع عند مفترق الطرق . أن تأريخ العراق الحديث والقديم لم يجرب وصفة القيادة الجماعية ... ولم يكتشف أسرارها أو يتحسس مخارجها ، بل أن الصراع كان دائما يحسم لطرف فيقود السفينة بأتجاه ريحه’ هو وعلى مايؤمن به هو ، وما عداه يكون اما مغيب أو محاصر أو ثائرا !!!!

فمشروع القيادة لايمكن أن يكون توافقيا ولايمكن أن يقسم محاصصة، وأذا كنا لانريد أن نعود لمعادلات الماضي ونترك الصراع يأخذ مجراه حتى يصل الى نهاياته، فعلينا أن نؤمن بمشروع قيادي للعراق تتغير أتجاهاته مع تغير قياداته وهنا يخرج العراق كدولة من منظومة " النظام المتحكم فيه" الى منظومة "النظام المسير" والذي يسيره في هذه الحالة هو العملية الديمقراطية مع تقبل كل ما يأتي منها من أنعطافات حادة في أحيان أو سلسة في أحيان أخرى ، أو يكون الخيار الاخير هو جعل الشعوب المنصهره في بودقة هذة ألامة أن تختار مشروعها القيادي ضمن فيدرالية فضاضه الى أبعد الحدود تسمح لها بالحركة وتجنبها التصادم مع الاخر أو أجبار الاخر على تبني مشروعها القيادي .

-3-

القادة يخلقون رنينا .

وأذا كنا قد حاولنا أن نبين أزمة القيادة في العراق فمن رحم هذة الازمة تولد لدينا أزمة القادة .

يقال أن ( القادة الكفوئين يخلقون رنينا) ، وكلما كان الرنين متواصلآ كلما تداخلت موجاته في عقول المستمعين والتابعين ، فهل لدينا ألان بالعراق قادة يخلقون رنينا ؟ وهل لدينا قادة يدركون مشروعهم القيادي ؟؟ وهل لدينا قادة بالفطرة أما قادة تمت صناعتهم وصقلهم كي يكونوا مهيئين لهذا الدور وبهذا الوقت وبهذة الظروف ؟؟؟

من منَ ألأسماء المتصدرة للعمل القيادي ألان بالعراق وعلى مختلف ألأوجه والأتجاهات من تنطبق عليه صفات القيادة الألهامية !! ومن تنطبق عليه صفات القيادة الأقطاعية او البيروقراطية او العائلية الوراثية ؟؟.

لو نظرنا بتمعن لوجدنا كل صفات القادة المتشابه والمتناقضة تجلس حول الطاولة المستديرة وتحاول أن تنتج مفهومها القاتل، وهو القائد التوافقي كما هو مشروع القيادة التوافقية، أن دور القادة يتظاعف في الأزمات وفي المنعطفات الخطيرة بعمر ألأمم وألأوطان ، فهناك قادة قد ثبتوا حدود لدول من العدم وهناك قادة اظاعوا امبراطوريات !!! فمن أي النوعين هم قادة العراق اليوم؟؟

وهل يدرك كلاً منهم صفات زميله القائد ويحلل توجهاته وبيئته كي يصل معه الى لغة يفهمها الطرفان ويتفق عليها الاخرون من حولهم ، ومن منهم يؤمن أن العراق أمة تنضوي تحت لوائها شعوب وليس شعب ينضوي تحت لوائة أمم ؟ فالجزء لايمكن أن يشمل الكل ، وأن فعلت فأنك تدخل في متاهة الترقيع التي لاتنتهي خصوصا أن التمزق سوف يكون سيفاً مسلطاً على رقبة القائد ومشروعة القيادي .

أن أجتماع القادة على طاولة واحدة وعلى أختلاف صفاتهم القيادية وجذورهم التلقيدية لهي بحق تجربة مميزة وخطرة في نفس الوقت ، تميزها يأتي من أن هذا المزيج قد ينتهي بنوع دقيق وحاد ومميز من القيادات يشكل أوكسترا متكاملة مما يعطي سيمفونية رائعة تطرب المنطقة والعالم ،

أما خطورتها فتنشئ من تقاطع الصفات القيادية لكل منهما مع الاخر مما يجعل من هذة الاوكسترا وكأنها درساً للمبتدئين يتعلمون به كيفية المسك بآلاتهم الموسيقية ليس الا ، ناهيك عن العزف عليها ،ويجعل من هيكل الدولة حلبه للصراع المفتوح والغير قابل للحسم ومنه ينتشر الصراع الى كل مفاصل الدولة والامة ، ودولة يقودها قانون الصراع لن تستمر طويلا .

أن تناولي في هذا الجزء لتحليل الصفات القيادية للمتصدين لموقع المسؤلية في العراق الأن هو من باب التحليل الاكاديمي الخالص من دون أن يكون لمواقفهم السياسية ومشاريعهم القيادية دور في تحليل الصفات القيادية التي يحملونها او التي تنقصهم .

لقد ميز عالم ألاجتماع الالماني : ماكس فيبر في العشرينيات من القرن المنصرم ثلاث أنواع مثالية من القيادة ،والسيطرة ، والسلطة والممارسة وهي :

سيطرة ساحرة : وهي العائلية الوراثية والدينية.

أقطاعية ، سيطرة تقليدية : وهي البطاريق ، الموروث ، الاقطاعية الاجتماعية والاقطاعية المالية.

بيروقراطية ، سيطرة شرعية : وهي القانون الحديث والدولة ، البيروقراطية ، الاحزاب والتاريخ النضالي .

وأذا اسقطنا نظرية ماكس فيبر على قيادات العراق الحالية نجد أن الأنواع الثلاثة المعتمدة بالتصنيف متواجدة سواء كانوا يدركون هذا التمايز ام لا، أو أنهم يدركوه بحسهم الفطري والمعرفي وليس التحليلي العلمي ، ويظهر التمايز واضحاً بالجزء والكل بنفس الوقت فمكون القيادة الجماعية متمايز الى الأنواع الثلاثة .

في النوع الاول نجد مفهوم السيطرة الساحرة ، يتمثل بقيادات مثل السيد مسعود البرزاني رئيس أقليم كردستان والسيد عبد العزيز الحكيم رئيس قائمة الأتلاف وهما كلاهما يتصدان للقيادة من أرث عائلي كبير بشقيه العشائري والديني وهما يستندان على هذا الارث ويطورانه كي يكون متواصلاً للمستقبل ويثبتان دعائمه لقيادات الصف الثاني ، ونتيجة هذا "الجين" المشترك في نوعية الخلفية القيادية يكون التقارب بالافكار والمشاريع القيادية وأن اختلفة الأسباب والنوايا والسبب هو أن التقارب نفسي قبل أن يكون سياسي !!!

والنوع الاول من القيادة الساحرة ينطبق كذلك على السيد مقتدا الصدر الذي أستطاع أن يثبت التسلسل العائلي بالقيادة رغم توقعات الجميع بأنقطاعه بأستشهاد السيد محمد الصدر وما أظافه السيد مقتدى وبعكس توقعات الكثيرين هو أن يكون أقرب مايمكن الى اتباعة حتى يكاد يصل الى درجة التلاحم ، وهنا نجد صفة أكد عليها" فرانكلين روزفلت" حينما قال ( القائد الجيد لايمكن أن يذهب بعيدا متقدما عن التابعين له ) بغض النظر عن تقييم ألأخرين لهؤلاء الاتباع ،فالقائد موسوم بتابعيه .

وهذا يقودنا الى موضوع أخر وهو ما مدى المسافة التي يجب أن تكون بين القائد وألأتباع وهذا موضوع اخر ليس هنا مكانه .

أما في النوع الثاني من أنواع القيادة وهي أقطاعية ، سيطرة تقليدية : نجد أن الدكتور أحمد الجلبي ينفرد بأن يكون هو الوحيد الذي ينضوي تحت هذة الفئة وهو أبن الفئة الأقطاعية المالية الواعية وهي فئة لها مريدوها واتباعها ولكن الدكتور أحمد الجلبي وأن كان مدرك فطريا لهذه الصفة ، فأنه لم يويلها الاهتمام الكافي ولم يبلور منها قاعدة أتباع مهمة وبنفس الوقت كانت أمامه فرصة ذهبيه بأن يكون من الفئة الثالثة بالموروث النظالي لو استطاع أن يحول المؤتمر الوطني الى تيار حقيقي له توجهاته وهيكلته التنظيميه وهي نفس الفرصة التي اتيحت للشهيد محمد باقر الحكيم بترأس المجلس ألأعلى ومن ثم تحويله من مجرد مجلس جامع للتيارات الى تيار قائم بذاته وبهيكليه وتوجهات واضحة . وأن شخصية الدكتور احمد الجلبي ومشروعه القيادي أن وجد وبخصوصية عالية يحتاج الى الكثير من التحليل والدراسة.

وفي الجانب الموازي نجد النوع الثالث من أنواع القيادة وهو البيرقراطية ،السيطرة الشرعية : وهنا نجد أن السيد جلال الطلباني رئيس جمهورية العراق يكون من هذة الفئة التي تأتي للقيادة من الموروث النضالي داخل الاحزاب أو الحكومات والأنظمة ، يشاطرة في هذا الجانب كلاً من السيد أياد علاوي والسيد عادل عبد المهدي والسيد نوري المالكي رئيس الوزراء والسيد أبراهيم الجعفري وسامي العسكري ومثال الالوسي وهادي العامري ، وبدرجة ما يشق السيد طارق الهاشمي طريقة وبسرعة كي ينطبق عليه العامل الثالث من عوامل القيادة بتركيز تأريخ نضالي داخل الحزب الاسلامي بمرحلة صعبة جدا يمر بها الحزب في تكوين اتجاهات واضحة ترافقها صعوبة أكبر بدخول الحزب في مشروع قيادة العراق بظروفه المتداخلة المعقدة .

-4-

القائد هو عاقد صفقات ألأمل .

يقول نابليون بونابرت ( أن القائد هو عاقد صفقات ألأمل ) وبترجمة اخرى يقول أن القائد هو تاجر ألأمل !!!! ( (The Leader is the Dealer of Hope

وهو كلام أذا ما ركزنا بمعناه يحتوي على الكثير من الدقة، أن الامم تقاد نحو الاهداف بأمل تحقيق ألأمل، وهذة نظرية برع بها كثيرون في العالم العربي ، منهم من كان صادقاً بها ومنهم من استغلها ومنهم من مارسها بدون معرفة بحقيقتها ، فبدون ألأمل لايكون هناك قائد ولا أتباع ولاقضية ولا هدف .

أن على قادة العراق ألأن او من يهيئ نفسة أن يكون من ضمن قادة العراق ألأن أو في المستقبل أن يتعلم فن القيادة وأن يدرب روحة وعقله على القيادة وأن يستلهم العبر من قادة سبقوة بكل سلبياتهم وايجابياتهم، يقول د. بيتر دركر ( القيادة يمكن تعلمها ويجب تعلمها ) وعليهم أن يدركوا أن القيادة حركة وفعل وردة فعل وليست موقع ومن منهم يظن أن الموقع هو من سيمنحة صفة قائد فأنه واهم، فالموقع سيمنحة صفة مسؤل فقط وليس قائد ، وأن القادة الجيدون يتطورن من خلال عملية لامنتهية من مراجعة الذات والتعلم والتدريب وألأستفادة من اخفاقات الخبرة بشكل صحيح ، وهناك الكثير من المميزات التي على القائد أن تتوافر به ، فأذا كانت موجودة فعليه تطويرها وصقلها وأظهارها للعيان، وأذا كانت مفقودة عليه أن يوجدها و يتعلمها ويتدرب عليها .

أن الميزة الوحيدة التي تجمع قادة العراق ألأن هي أن أغلبهم لايتقن لغة مخاطبة الجمهور بل أن كثيرون منهم لا يرى أنه شئ ظروري ومهم أن يجيد لغة المخاطبة مع الجمهور وأغلبهم يترك مهمة المخاطبة الى مستشاريه وفريق عمله أو حزبه أو المقربين له وهو هنا لايضيف أي رصيد ولا يبني أي جسر تصل عليه أفكاره الى أذهان أتباعة ومريديه والجمهور ألأعم . وكمتابع لما يصدر من قادة العراق ألأن من كلمات وخطب أستطيع أن أورد كلمات وجمل قاتله لم ينتبه اليها القائد أو مستشاريه ولم يدققوا بمعانيها وهو جانب في غاية ألأهميه ولكنه مهمل الى درجة الغرابه وألأستغراب!!! وخصوصا أن ثمن هذة الهفوات الخطابيه هو رصيدهم من الزعامة ومن ألأتباع . فالقائد عليه أن يختار الكلمة التي تخترق مسامع المتلقي وتأثر به وتستفزة بطريقة ايجابيه لما يريد أن يوصله ، أن للكلمة سلطان لو أجيد أستخامها وتوظيفها بالطريقة الصحيحة .

على من يتصدون لمناصب القيادة أن يفهموا جيداً أن ( القائد لايأخذ طرف بل هو القادر على أن يجمع الاطراف) كما يقول جيسي جاكسون ، أو على أقل تقدير يحاول أن يجمع ألاطراف حتى وأن كان هو نفسة يؤمن برأي احد هذة ألاطراف فهنا تبرز الصفات القيادية بأن يكون قادراً على أن يتعامل مع الاخرين عكس هواه الشخصي كي يمتلك فرصة يكون بها الجامع، وعندما يتم له ذلك يكون لديه قدره أكبر على تقريب وجهات النظر والدفع بالأتجاه الذي هو أقرب الى هواه .

أن العلاقة بين القائد وألاتباع يحمكها عاملان هما الظروف والثقة ، والظروف ليست دائما مواتية للقائد وهي بطيبعتها متقلبه وصعب التحكم بها وهذا من طبيعة الاشياء، ولكن عامل الثقة هو بيد القائد وعليه أن يجيد أستخدامه ويجيد أساليب زرع الثقة وأن يكون لديه مسشارين قادرين على أستخلاص أحداث سواء كانت بسيطة أو معقدة وتلخيصها وتهذيبها وتقديمها للقائد كي يقوم بدوره بطرحها للجمهور كي يقوي عامل الثقة ، ولكن الذي يحدث ألأن هو العكس تماما حيث أن أغلب من يتصدى للقيادة ليس لديه مستشارون ذو خلفية أكاديمية بهذا المجال فنرى القائد يتخبط نتيجة تخبط مستشاريه أنفسهم والنتيجة أن عامل الثقة ألأن وصل الى درجة الصفر بين القيادات وبين الجمهور بل حتى بين القواعد القريبه والمظمونه بالفطرة لهذا القائد . وهناك مقولة رائعة بهذا المجال تقول ( أن القائد الجيد هو الذي يلهم الاخرين كي يثقوا به ، ولكن القائد العظيم هو الذي يلهم الاخرين كي يثقو بأنفسهم ) وهي مقولة بحق رائعة وعميقة حيث من البديهي أنه أذا لم تكن لديك القدرة أن تجعل الاخرين يثقون بك فكيف سوف تجعلهم يثقون بأنفسهم ، وخصوصا أنه حين يثق التابعين بأنفسهم فهذا سوف يكون دافع القائد الاكبر كي يجعلهم يثقون باهدافهم والتي هي بالأساس اهدافه هو .

على من يتصدوا لموقع القيادة في العراق أن يكونوا اكثر حساسية تجاه الواقع فهم موجودين ألأن بسبب هذا الواقع يقول د. ماكس فيبر ( أن أول مسؤلية للقائد هو أن يعرف الواقع ) فمعرفة الواقع ودراسته دراسة دقيقة وصحيحة هي أول وأعظم المسؤوليات، ولو تسنى لنا السؤال لسئلنا الدكتور احمد الجلبي والدكتور اياد علاوي والدكتور ابراهيم الجعفري، كم كلفهم من فرص معرفة الواقع الذي كانوا يتحركون به؟؟؟ مع الاحتفاظ بخصوصية كل منهم بتجربته ونتائجها مع الواقع ؟؟

أن أهم ميزة من ميزات معرفة الواقع هي أنها تمنح القائد الفرصة كي يطور قابلياته على تشخيص المشاكل قبل أن تتحول الى أزمات !!!!!!

فليس من مهمة القائد أن يدير أزمة، ولكن من أهم مهامه أن يتجنب الأزمة ويفتت مكوناتها قبل أن تتبلور ، فحينما قام بعض العسكر المتحالفين مع الطبقة الارستقراطية في فنزولا بأنقلابهم على شافيز ، كان شافيز في السجن وكانت الدولة في أزمة ولكن أتباع شافيز هم من أدار ألازمة وارجع شافيز للحكم !!!

أن على قادة العراق الجديد أن يميزوا بين ألأدارة والقيادة!!! فألأداري الجيد ليس بالضرورة أن يكون قيادي جيد ، والقيادي الجيد ليس من مهامه أن يكون أداري جيد ولكن من صميم مهامه أن يختار ألأداريين الجيدين ويمنحهم الفرصة كي يطورا أفكارهم ويعطيهم الغطاء كي يمارسوا اساليبهم ألأدارية بحرية من دون أن يفرض عليهم ما يراه هو مناسب ، فقائد السفينه يختار البحارة ويعطيهم الوجه والهدف ولكن لايقوم بقرائة العددات التي أمامهم بالنيابه عنهم أو يفرض عليهم قراءاة يراها هو .

وعليهم أن يستوعبوا أن الاداري الجيد هو الذي يفعل الاشياء بصورة صحيحة ولكن القائد الجيد هو من يبحث عن الشيئ الصحيح لكي يفعله !!

وكذلك عليهم أن يميزوا أن ألأدارة للدولة وليس للشعب ! فالشعوب تقاد وليس تدار !!

أن العراق اليوم هو ضحية ازمتين متلازمتين وما يثمر منهما من أزمات أخرى تختلف عنوانيها وتختلف صفاتها ولكن ألأزمة الحقيقية في العراق ألأن هي أزمة قيادة وأزمة قادة .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك