حازم أحمد فضالة ||
اللغة العربية بها أساليب كثيرة، وبعض الأساليب لا تجتمع في السياق نفسه لجملة ما، وهنا نتكلم في دائرة ضيقة جدًا، إذ نحاول تقديم فائدة للكاتب من خلال تناولنا ما يلامس أسلوبه واستعمالاته اليومية، وباختصار:
١- استعمال كلمة (سَوَاءٌ)
هذه الكلمة عند استعمالها بصفتها (خبرًا مقدمًا)؛ فإنها، لا تفارقها همزة التسوية (أ)، ولا تجتمع مع حرف العطف (أو).
وللإيضاح نقول:
يستعملها الكاتب بهذه الصورة، نحو: حضرَ أعضاءُ المؤتمر، وسواء حضروا جميعهم أو بعضهم فإنَّ المؤتمر سيُعقَد.
هذا الأسلوب خطأ، والاستعمالات المماثلة له خطأ كلها، أمّا الصواب فهو:
حضرَ أعضاءُ المؤتمر، وسواءٌ أحَضروا جميعهم أم بعضهم فإنَّ المؤتمر سيُعقَد.
لاحظ كيف كان أسلوب استعمال (سَواءٌ):
سواءٌ + همزة التسوية (أ) عند زيادتها على حضروا + حرف العطف (أم).
النتيجة: سَواءٌ أحَضروا أم...
نلاحظ الاستعمال القرآني:
﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ [البقرة: 6].
هنا التركيبة نفسها، وهي:
١- سَوَاءٌ.
٢- همزة التسوية (أ) أَأَنذَرْتَهُمْ.
٣- أَمْ.
أما حالتها الإعرابية فهي:
١- سَوَاءٌ: خبر مقدم مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
٢- أَأَنذَرْتَهُمْ: الهمزة للتسوية.
٣- أَمْ: حرف عطف لا محل له.
وهذه الكلمة لم تفارق هذه التركيبة والأسلوب في القرآن الكريم في هذا الاستعمال تحديدا.
ولأجل ذلك لا تستعملها دون همزة التسوية التي تأتي بعدها، ولا تستعملها مع حرف العطف (أو)، بل استعملها مع حرف العطف (أم).
٢- قد + نفي.
وهذا استعمال خطأ كذلك، وللإيضاح نقول:
الكاتب يستعمل الأسلوب، نحو:
أريد كتابةَ المقال اليوم، وقد لا أُكمله إلا بعد جمع المصادر.
فهذا أسلوب واستعمال خطأ؛ السبب في ذلك أنه جمع بين (قد) التي تفيد (التحقيق، التقليل)، والنفي.
أما الأسلوب والاستعمال الصحيح في هذا السياق فهو:
أريد كتابةَ المقال، وربما لا أكمله إلا بعد جمع المصادر.
فهذا هو الأسلوب الصحيح.
ولأجل ذلك، لا تجمع بين (قد) و(النفي)، وهذا الحرف (قد) يأتي بعده إمّا فعلٌ مضارعٌ، وإمّا فعلٌ ماضٍ، ولا يأتي بعده حرف نفي.
ظهورها في القرآن الكريم:
أ- مع المضارع:
﴿قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ ۖ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا... ﴾ [البقرة: 144].
ب- مع الماضي:
﴿... فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا ۖ قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ... ﴾ [البقرة: 60].
٣- استعمال: قَط، أبدا.
أ- قط: لا تُستَعمَل إلا مع الماضي، إذ نقول: لم يفعل ذلك قط.
ولا نقول: لا يفعل ذلك قط.
لأنَّ النفي بحرف النفي (لم) يأتي مع صيغة الماضي، والنفي بحرف النفي (لا) يأتي حاضرًا ومستقبلًا، وهو أقوى حروف النفي.
ولأجل ذلك، فإنها لا تجتمع حروف الاستقبال.
ب- أبدًا: لا تُستَعمَل مع الماضي، فهي تفيد الاستمرار للمستقبل، لذلك نقول: لا يفعل ذلك أبدا.
وهكذا ظهورها في القرآن الكريم:
﴿... سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا... ﴾ [النساء: 122].
ولا نقول: لم يفعل ذلك أبدا.
لكن، تجتمع (أبدًا) مع (لن) في سياق واحد؛ لأنَّ (لن) حرف نفي ونصب واستقبال.
﴿قَالُوا يَا مُوسَىٰ إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَدًا مَّا دَامُوا فِيهَا... ﴾ [المائدة: 24].
والحمدُ لله رَبِّ العالمين
https://telegram.me/buratha