خالد جاسم الفرطوسي||
· سلسلة وهن الإلحاد قراءة سريعة في (٤) حلقات
ممكن أن نستدل بالتالي على بيان إطلاق الأخلاق لا نسبيتها وبنفس الوقت في بيان مصدر الأخلاق:
بحسب التقسيم المنطقي أن علم الإنسان بفضائل الأخلاق ورذائلها، لا يخلو أن يكون أما من العلم الحضوري أو العلم الحصولي..
إن كان من العلم الحصولي الذي هو الكسبي، فهذا يشير إلى أنه يتم كسبها من الخارج، ولو كانت كذلك فهي نسبية، لاختلاف حسنها من رذائلها من مجتمع لآخر، ولو كانت نسبية وتختلف من قوم لقوم ومن مجتمع لآخر، فهي ليست بعلم ولا تحكمها قواعد وأطر علمية، وهذا خلاف ما يشهده ويثبته العلم.
فلا مناص من القول أنها من العلم الحضوري؛ والذي هو حضور نفس الشيء عند النفس؛ أي أن الفضائل والرذائل ملكات موجودة في النفس.
مما يتأكد مع ما بيناه وما سنبينه بعد قليل، من أن مصدر الأخلاق هو الوجدان، أي أنها تُعد من الفطريات والوجدانيات.
وببيان آخر أقول: إن الفضائل والرذائل لما كانتا من الفطريات وأنهما من العلم الحضوري؛ يثبت أن الأخلاق مطلقة وليست نسبية، إذ لما كانتا من الفطريات؛ والتي هي بشكل واحد عند جميع أفراد الإنسانية يثبت أن لا نسبية فيها، فكل أفراد الإنسانية على فطرة واحدة باتفاق الجميع؛ وهذه الفطرة الواحدة تقتضي وتُلزم أن يكون كلهم ذوو إدراك واحد وهو مايثبت أن الاخلاق مطلقة وليست نسبية، لأنها لو كانت كذلك فهذه مخالفة لما اعتمد عليه من قبل القائلين أن الفضائل والرذائل مما تدرك بالفطرة، ويثبت مما تقدم أن من يقول بنسبية الأخلاق قد خالف وجدانه وفطرته وبالتالي القاعدة التي استند عليها في هذا الباب لمصالح أو أهواء أو جهل وفساد من خلال مغالطات وحجج واهية تخالف قاعدته الأساس.
أما الشهيد محمد باقر الصدر رضوان الله عليه فأنه يرى أن مصدر الأخلاق يعتمد على الفكر والإرادة، ويقصد بالفكر هنا العوامل الداخلية للإنسان التي ترشده للحق وتبعده عن الضلالة، وهو يشير بذلك إلى الوجدان أيضاً، ويضع معه شرطاً آخر وهو الإرادة، أي لابد أن يكون الفعل بإرادة الإنسان وليس مرغماً عنه وإلا لن يكون فعلاً أخلاقياً، ثم يكمل رضوان الله تعالى عليه ويقول: (والفكر والإرادة مجتمعتين، لابد أن تكونا مصحوبتين بالعقيدة)، ومن هنا نفهم أنه رحمه الله يحدد العقيدة كمصدر أساسي من مصادر الأخلاق..
فنفهم من كلامه ان الفكر ويقصد به هنا (الوجدان) مضافاً إلى الإرادة هما مصدر الأخلاق، لكنهما غير تامين، فهما بحاجة للعقيدة التي من الممكن ان تجعل الفعل أخلاقياً أو لا، وهو بهذا يتفق مع الشهيد مطهري، إلا أن وسائل الاستدلال أو المصطلحات كانت مختلفة عندهما بعض الشيء، إلا أن النتيجة لكلاهما رضوان الله تعالى عليهما كانت واحدة
ـــــــــــ
https://telegram.me/buratha