مقدمة:يتفق اغلب الباحثين والمهتمين في المجال المالي والاقتصادي على ان الموازنة عبارة عن خطة لسنة قادمة،
وهذه الخطة بطبيعة الحال تعكس وجهة نظر المخطط وفلسفته في مجال ادارة البلد، وفي هذا المجال تتبارى الاحزاب والقوى المختلفة في طرح وجهات نظرها من خلال برامجها الانتخابية، ومن خلال هذه البرامج تختار الناس البرنامج الافضل والذي يُحقق طموحها واحلامها.
الموازنة بطبيعة الحال عبارة عن خطة مفصّلة بحيث يُعرض ويُذكر فيها كل المصروفات والنفقات سواء التشغيلية او الاستثمارية، بل واغلب تفاصيل المصروفات والايرادات، واين تُصرف المصاريف، ومن اين تاتي الايرادات، وبناء على ذلك يقوم البرلمان بمناقشة هذه المصاريف وتلك الايرادات، وبعد اخذ ورد وبعد المناقشات الطويلة، يُقدّم البرلمان وجهة نظره من خلال الموافقة على بعض الفقرات او المناقلة بين مفردات المصروفات المختلفة، او المناقلة بين المؤسسات والوزارات، وغيرها من تفاصيل، واخيرا بعد اجراء التعديلات بين البرلمان والحكومة، يتم التوصل الى صيغة مُرضية ومن ثم يُصوّت البرلمان على قانون الموازنة، وبعد ذلك تصبح الموازنة قابلة للتنفيذ[1].
كل هذه الاجراءات المطوّلة التي تحضى بها الموازنة هو بسبب الفوائد والتحسينات الكثيرة التي سوف تحصل عند تنفيذ هذه الموازنة، باعتبار ان الموازنة تمثل خطة التنمية السنوية التي عن طريقها تُقدّم الخدمات والمشاريع المختلفة للوصول الى اهداف مُحددة متفق عليها سلفا بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، وبالتالي فان اهمية الموازنة متأتي من الاثر المهم الذي تتركه على حياة الناس والشعوب وعلى مستقبلهم ومستقبل بلدانهم.
بالرغم من الاهمية الكبيرة التي تحضى بها عملية وضع الموازنة، فأن عملية تنفيذ الخطة – الموازنة - هو الاخر لايقلُّ اهمية عن عملية وضع الخطة، باعتبار ان التخطيط يُمثل الجانب النظري من الخطة – الموازنة - بينما عملية التنفيذ تُمثل الجانب العملي من الخطة، وبالتالي فان عملية التنفيذ ينبغي ان تحضى هي الاخرى باهمية كبيرة، وبالتالي ايضا ينبغي متابعة عملية التنفيذ عن طريق المراقبة والمتابعة المستمرة وحل اي مشكلة او مُعوّق يعترض عملية التنفيذ، ولعل مايُؤخذ على الحكومات المحلية في العراق انها لم تستطع ان تُنفذ الخطط الموضوعة من قبل مجالسها المحلية – وهذا الامر ينطبق ايضا على الوازرات - ولذلك فاحيانا اكثر من 50% من الخطط لم تُنفذ وهذا الامر أدى الى حدوث نقص كبير في الخدمات والمشاريع المُقامة، وفوق هذا وذاك فان مجلس النواب هو الاخر لايقوم بدوره الرقابي – دور مجلس النواب هو الرقابة على تنفيذ الخطة (الموازنة) ومدى مطابقتها لما خُطط له - بنفس النفس الذي يمارسه عند مناقشة الموازنة والمصادقة عليها.
القسم المُنفذ من الموازنة الموضوعة خلال السنوات الماضية كان يعتوره الكثير من الفساد او التنفيذ غير الجيد، فبالرغم من ان مقدار الموازنات التي رُصدت خلال السنوات القليلة الماضية كان كبيرا، الا انه لم يتمخض عن تلك الموازنات شيء يتناسب مع تلك الارقام الفلكية التي وردت في تلك الموازنات – هذا ماسيتضح لاحقا - وكل هذا مردّه الى التجربة الجديدة لنسبة كبيرة من المتصدين، وهؤلاء المتصدون الجدد اما انهم وقعوا في شباك الفساد ودوائره المتعددة في العراق، او عدم الخبرة، وعدم التخصص، والبعض الاخر اخذته العزة في الاثم وتصوّر ان الامر بسيط وهو لايعدو اكثر من عملية الجلوس خلف المكتب ومقابلة الناس والحديث مع الاعلام. البعض الاخر من المتصدين لم ياخذ بالنصائح التي قُدمت له من قبل الكثير من الناصحين، ووضع له مستشارين غير متخصصين، والبعض من هؤلاء المستشارين ساهم في نفخ المسؤولين او تظليلهم وفي نهاية المطاف سقط الجميع في المستنقع، مستنقع الفساد الاداري والمالي وعدم تلبية حاجة الناس وخدمتهم ووو....
ليس الباحث هنا في معرض مناقشة اخفاق الحكومات المحلية والحكومة المركزية، او بصدد تبيان المفاهيم المتعددة للموازنة، او طرق وضع الموازنات، بقدر مايريد ان يقوم بتحليل مالي للموازنات العراقية للفترة (2007-2011) لكي يتبيّن لنا كم انّ هناك هدر كبير في الاموال والجهود، ولو ان موازنات العراق هذه نُفذّت او صُرفت في بلد اخر غير العراق، لحدث تحسن لاباس به لتلك البلدان في اسوأ التقادير.
الباحث يعتقد ان العراق لم يُحدد حتى اللحظة استراتيجية محددة لادارة ازمته الاقتصادية والاجتماعية والمتمثلة في تخلّف البنى التحتية التي يمتلكها البلد، وفي نسبة الفقر المرتفعة بين ابناء شعبه وفي نسبة البطالة المرتفعة. حتى اللحظة لم تُعالج مشكلة المصانع المتوقفة والتي اذا مااشتغلت – سواء بدعم من الدولة او ببيعها لمستثمر - فانها ستمتص نسبة لاباس بها من البطالة مضافا الى ان المنتجات التي ستنتجها هذه المعامل والمصانع سيساهم في توفير عملة صعبة للبلد لان الكثير من المنتجات المستوردة سيُستغنى عنها سيما وان بعض المنتجات العراقية ذات جودة لاباس بها، وان البضائع البديلة المستوردة رديئة، بل وان نسبة عالية من التجار العراقيين يساهمون في الحاق ابلغ الخسائر بالمستهلك العراقي عن طريق استيراد بضائع رديئة جدا، بل ولاتلبي طموح المستهلك، ولهذا فان استيراد مثل هذه البضائع الرديئة يمثل خسارة للبلد وهدر لعملته الصعبة، وفوق هذا وذاك تمثل هذه البضائع عبارة عن " ازبال " يشتريها التاجر العراقي، وهذا مالانراه في اي بلد اخر ان يستورد التجار" ازبال " مقابل ثمن، ومن ثم ستتحمل الدولة والمجتمع كلفة اخرى للتخلص من هذه المخلفات. هذا الامر يحتم على الحكومة من الاسراع في التشديد على وزارة التخطيط للمباشرة باقامة مختبرات ودوائر مختصة في مجال فحص البضائع، اي في مجال التقييس والسيطرة النوعية وتوزيع هذه المخبترات والافراد المختصين على كافة منافذ الحدود العراقية، واصدار التعليمات بمنع ادخال اي سلعة لاتحضى بالمواصفات العالمية المقبولة.
نحن – كدولة عراقية - بحاجة الى اعادة نظر كاملة بجهازنا الاداري المترهل وغير المنتج، ولسنا مجانبين الحقيقة اذا قلنا ان جهازنا الاداري يُمثل عبئا ثقيلا على الدولة العراقية وهو يستنزف اموالا كبيرة جدا بحيث ان اكثر من 60% من موازنة العراق يستنزفها هذا الجهاز العقيم. هناك بطالة مقنعة واضحة وينبغي المباشرة بترشيق الدوائر التي تعاني من هذه الظاهرة.
هناك توزيع سيء للثروة بين ابناء المجتمع العراقي وهو الاخر بحاجة الى اعادة نظر كاملة، فهناك الكثير من الاشخاص الذين يستلمون اكثر من راتب واكثر من اعانة من مؤسسات الدولة المختلفة، في حين ان البعض الاخر لم يحصل على شيء ويعيش في ظروف صعبة جدا، والسبب في ذلك يعود الى ان الوثائق العراقية وثائق سهلة التزوير، هذا من جهة ومن جهة اخرى لاتوجد قاعدة بيانات في وزارات الدولة، ولايوجد هناك ربط بين هذه الوزارات، وبالتالي يمكن تشبيه الدولة العراقية عبارة عن جزر متباعدة وتعمل كل جزيرة لوحدها، ولعل هذا الامر هو احد مشاكل العراق الكبيرة، وحل هذه المعضلة سيساهم في تقليل الارهاب والفساد والروتين الممل واختصار زمن انجاز المعاملات وحل الكثير من المشاكل، بل وسيساهم حل هذه المشكلة في المباشرة في التخطيط العلمي والسليم للبلد، ولاندري لم هذا التاخير في هذا الملف – ملف اعداد قاعدة بيانات للعراقيين واصدار وثائق الكترونية - حتى اللحظة بالرغم من المطالبات الكثيرة من قبل الكثير من الباحثين والمختصين، والباحث ممن كتب عن هذا الموضوع اكثر من مرة ومنذ عام 2006.
ان التاخير في انشاء قاعدة بيانات ووثائق تعتمد المعلوماتية في العراق يثير اكثر من علامة استفهام وتساؤل، ولايخلو هذا الملف من تعمد او فساد او تقصير واضح.
الباحث في هذا البحث سيحاول القيام بالتحليل المالي بين موازنات العراق للفترة (2007-2011) وسيحاول ان يستقريء ويستنطق هذه الموازنات من خلال المقارنة بين مفردات هذه الموازنات المختلفة من اجل تسليط الضوء على الكثير من الجوانب التي يغفل عنها البعض.
اهمية البحث:
تاتي اهمية البحث من حيث ان كل عملية بحاجة الى متابعة وتدقيق وتحليل من اجل تقييم الاعمال، وبالتالي معرفة النقاط الايجابية والسلبية، وبعد ذلك الاستزادة من النواحي الايجابية اذا ماكانت هناك ايجابيات، اما اذا كانت هناك سلبيات فينبغي اولا تحديد الاسباب التي ادت الى حصول هذه السلبيات، ومن ثم تصحيح الاخطاء في المستقبل من اجل تفادي الهدر الحاصل وتقليله الى اقل قدر ممكن.
ان كل عملية تحتاج الى عملية تقييم ومتابعة ورقابة، لذا فان عملية تقييم ومتابعة الموازنة – الخطة – من ناحية التنفيذ او ما تمّ انجازه فعليا ومقارنته بالمخطط، تحضى باهمية كبيرة لدى جميع المؤسسات والدول وذلك من اجل تقليل الهدر والخسائر الحاصلة وايضا من اجل ادارة موارد البلد –المادية والبشرية- بافضل صورة ممكنة، ولهذه الاسباب فان البحث يحضى باهمية كبيرة.
مشكلة الدراسة:
هناك نقص كبير في الخدمات المُقدّمة للناس في العراق، بل وهناك مشاريع متلكئة وغير جيدة بالرغم من ان الموازنات العراقية التي خُصصت كبيرة جدا مقارنة مع دول كثيرة. الباحث يعتقد ان هناك قصورا وتقصيرا واضحا من قبل القائمين على الدولة العراقية، فمن جهة هناك سوء في التوزيع، ومن جهة اخرى هناك فسادا واضحا وقد اشارت له المنضمات الدولية المختصة، والعراق يحتل بل ويقع ترتيبه في ذيل القائمة حسب التصنيف الدولي.
وفوق كل هذا فان الاجراءات المُتخذة في مجال مكافحة الفساد غير جدّية وغير فعالة، ومع ذلك فان بعض المسؤولين يُصرّح على ان الفساد في العراق مبالغ فيه كثيرا.
المشكلة الاخرى هو وجود الكثير من مؤسسات الرقابة والمتابعة ومكافحة الفساد في العراق، الا ان النتائج المتمخضة – المخرجات - عن تلك المؤسسات قليلة جدا مقارنة بعدد هذه الدوائر او المصاريف والتكاليف التي تصرف على هذه الدوائر.
هناك مشكلة اخرى مهمة جدا، الا وهي عدم وجود استراتيجية واضحة لدى الحكومة والبرلمان فيما يخص معالجة مشاكل البلد المزمنة والمتمثلة بوجود نسبة بطالة عالية، مضافا الى ذلك فان نسبة اللذين هم تحت خط الفقر يمثلون نسبة كبيرة، ومالوحظ على الموازنة ان الجانب التشغيلي – المصروفات التشغيلية – كبيرة جدا بحيث ان هذه المصروفات تستنزف نسبة كبيرة من الموازنة، ويمكن القول بان الدولة العراقية عبارة عن شركة خدمات ذات عدد مستخدمين كبير جدا، بل يمكن تصنيف هذه الشركة على انها الاكبر في المنطقة.
يمكن تسجيل مشكلة اخرى وهي ان موازنة الدفاع والداخلية بدأت تكبر وتكبر وهي تستنزف مبالغ كبيرة من الموازنة بسبب ازدياد اعداد منتسبي هذه الوزارات الامنية وبسبب عقود الاسلحة التي يشوبها الكثير من الشكوك، ويكفي مثلا هنا هو اجهزة فحص الاسلحة والمتفجرات، ولحد هذه اللحظة لم نسمع نتائج لجنة التحقيق التي شُكلت قبل عدة اشهر ويبدو قد سُوّف التحقيق هو الاخر.
هدف الدراسة:
الدراسة تهدف الى اجراء تحليل مالي لموازنات العراق للفترة (2007-2011) وقراءة لبعض المفردات التي تحتوي عليها هذه الموازنات، ومحاولة استنطاق هذه المفردات والارقام وربما اجراء مقارنة لهذه الموازنات مع بعض دول الجوار.
ايضا الدراسة تحاول بيان كم صُرف من اموال خلال هذه الفترة، وتبيان ومناقشة النتائج المترتبة على هذه الاموال المصروفة.
بصورة عامة الدراسة تريد ان تُظهر للناس وللشعب العراقي كم رُصدت من اموال وهل هناك هدر او تجاوز على حقوقه وثروته، واذا ما كانت هناك شكوك في هذا المجال فينبغي على الدولة المبادرة فورا الى تصحيح هذا الواقع المرير من خلال كافة السبل المتاحة.
المبحث الاول: مفهوم التلحليل المالي مع بيانات موازنات الاعوام (2007-2011):
1- مفهوم التحليل المالي:
لسنا هنا بصدد التعمق في تبيان مفهوم التحليل المالي، بقدر مانريد ان نبين مفهوما مُبسطا للتحليل المالي دون الغوص في تاريخ التحليل المالي والمفاهيم المتعددة التي طرأت عليه.
التحليل المالي هو (عملية يتم من خلالها استكشاف أو اشتقاق مجموعة من المؤشرات الكمية والنوعية حول نشاط المشروع، تساهم في تحديد أهمية وخواص الأنشطة التشغيلية والمالية للمشروع، وذلك من خلال معلومات تستخرج من القوائم المالية ومصادر أخرى، لكي يتم استخدام هذه المؤشرات من ذلك في تقييم أداء المشروع بقصد اتخاذ القرار المناسب) [2] .
البعض الاخر من المختصين يرى أن التحليل المالي [3] (هو حساب النسب التحليلية من القوائم المالية وتفسير هذه النسب لمعرفة اتجاهاتها كأساس للقرارات الإدارية.)
مختصون آخرون [4] يرون أن التحليل المالي (عبارة عن عملية معالجة منظمة للبيانات المالية المتاحة عن مؤسسة ما للحصول على معلومات تستعمل في عملية اتخاذ قرارات وتقييم أداء المؤسسات التجارية والصناعية في الماضي والحاضر وكذلك في تشخيص أية مشكلة موجودة – مالية أو تشغيلية – وتوقع ما سيكون عليه الوضع في المستقبل).
هؤلاء المختصون واخرون [5] يرون أن التحليل المالي هو عملية معالجة للبيانات وهو إقرار بان التحليل المالي هو في حقيقته نظام معلومات وان لم يصرَحوا عن ذلك، وبالتالي نصل الى نتيجة مهمة وهي ان التحليل المالي عبارة عن نظام معلومات يتم من خلاله تحليل اداء المنظمات والمؤسسات بل والدول، باعتبار ان اية دولة هي في الحقيقة عبارة عن مجموعة من المؤسسات او هي – الدولة – عبارة عن مؤسسة كبيرة، وبالتالي فان اية مؤسسة بحاجة الى دراسة واقعها وتحليل عملياتها والوقوف على اداءها، ومن ثم اجراء تقييم شامل لهذه المؤسسة. بناء على ذلك فان باستطاعة الباحث ان يستفيد من ادوات التحليل المالي المختلفة لتقييم اداء مؤسسات الدولة، لذا فان الباحث سيستفيد من ادوات التحليل المالي لتحليل مؤسسات الدولة، وهذا ماسيتم فعلا في هذا البحث المقتضب.
يود الباحث ان ينوّه الى ان ادوات التحليل المالي مختلفة ومتعددة، وهي متمثلة بتحليل قائمة المركز المالي وقائمة الدخل وقائمة التدفق النقدي وادوات قياس الفشل المالي وغيرها من ادوات، الا ان ادوات تحليل الموازنات مختلفة عن ماتم التطرق له بالنسبة الى ادوات التحليل المالي، فادوات تحليل الموازنات تعتمد على المحلل المالي ومدى خبرته ورؤيته لاستخدام الادوات المناسبة كاستخدام الارقام القياسية والمقارنة بين مفردات الموازنة الواحدة او عن طريق المقارنة مع موازنات دول اقليمية او استخدام بعض المعدلات والنسب المئوية وسواها من اساليب.
الباحث سيحاول قراءة الموازنات العراقية للفترة (2007-2011) وسيحاول قراءة اغلب مفردات هذه الموازنات، فمثلا سيحاول معرفة موازنات الدفاع والامن ومدى زيادتها او كم تم صرف اموال على قطاعات الصحة والتربية والتعليم والزراعة والكهرباء وسواها.
الباحث يُريد ان يوضح للقاريء الكريم بان هناك فرقا جوهريا بين مفردتي الموازنة والميزانية، فالموازنة ارقامها ارقام مستقبلية بينما ارقام الميزانية ارقام تاريخية اي ان ارقام الميزانية ارقام تعبّر عن فترة تاريخية ماضية، ولهذا يُكتب أعلى الميزانية عبارة " الميزانية العمومية س كما هي عليه في 31-12-2011" وهنا التاريخ مجرد مثال، فالميزانية هنا كما هي عليه في ذلك اليوم باعتبار ان العملة بصورة عامة تتعرض للصعود والهبوط، فظاهرة التضخم اصبحت ظاهرة عالمية تعاني منها اغلب الدول، لذا فان وجود وحدة نقدية ثابتة يُعدُّ امرا مستحيلا، ولهذا السبب فان الميزانية تعبر عن هذه المؤسسة او تلك في تلك الفترة وذلك اليوم والتاريخ.
الفرق الاخر بين الموازنة والميزانية هو ان ارقام الميزانية ارقام حقيقية وواقعية بينما ارقام الموازنة ارقام تخطيطية تخمينية يعتمد امر تحققها على الادارة التنفيذية ومدى امكانيتها على تطبيق تلك الارقام، خاصة فيما يخص امر الموازنة الاستثمارية، فالكثير من المشاريع الاستثمارية ربما تتعرض للتلكؤ، لذا فالباحث كان يتمنى ان يعتمد على الحسابات الختامية - في بحثه هذا - باعتبارها تمثل ارقام واقعية، لكنّ هذا لايمنع الباحث من القيام بتحليل مالي اعتمادا على ارقام الموازنة باعتبار ان نسبة كبيرة من موازنة العراق تمثل مصاريف تشغيلية والمصاريف التشغيلية في الواقع وُضعت عن حاجة فعلية وواقعية، لان المصاريف التشغيلية تمثل رواتب واجور وغيرها من المصروفات الاخرى التي يُحتاج لها بالفعل، وبالتالي فان نسبة كبيرة من الموازنة سيتم صرفها بالفعل.
..........
1.جرت العادة في الدول الديمقراطية على ان الحكومة ممثلة في وزارة المالية هي التي تضع الموازنة طبقا لوجهة نظر الحزب الحاكم او الائتلاف الحاكم، الا ان ما يجري في العراق مختلف تماما بحيث ان التصديق على قانون الموازنة غالبا ما يتاخر في البرلمان، بل ويخضع للمساومات السياسية، وهذا الامر يعتبر من المحرمات في الدول الغربية باعتبار ان مصالح الشعوب لاتخضع للمساومات السياسية، هذا من جهة ومن جهة اخرى فان وضع الموازنات عادة ما يحتاج الى خبرة فنية وهذا ما لايمكن توفره عند نسبة كبيرة من اعضاء البرلمان، او عند احزابنا التي تفتقر الى المختصين والمخططين ومراكز البحوث والدراسات.
. الحيالي، وليد (2004). الاتجاهات المعاصرة في التحليل المالي، عمان، مؤسسة الوراق للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، ص21. [2]
3. جولدبرج، مايكل وجريس، لورنا وهلمس، بريجيت، وآخرون (2002). التحليل المالي، المجموعة الاستشارية لمساعدة الفقراء
CGAP
، ترجمة شبكة التمويل الأصغر في البلدان العربية- سنابل وبتمويل من مؤسسة روكديل، ص4. وتوجد نسخة من الكتاب على شبكة الانترنيت وعلى العنوان التالي:
www.cgap.org
4. عقل، مفلح محمد (2006). مقدمة في الإدارة المالية والتحليل المالي، عمان، مكتبة المجتمع العربي للنشر والتوزيع، ط1، ص232.
5. النعيمي، عدنان تايه والساقي، سعدون مهدي وآخرين (2007). الإدارة المالية، عمان، دار المسيرة، ط1، ص99. انظر ايضا الجمعية السعودية للمحاسبة، (2005). المعلومات المحاسبية ودورها في أسواق الأسهم، جامعة الملك سعود، المملكة العربية السعودية، ص6.
5/5/13211
https://telegram.me/buratha