د.محمد العبادي ||
قبل الولوج في أصل الموضوع؛ لايستعجلنا القارئ الكريم في (بيت القصيد ) حول ماهية وحقيقة الرسالة التي بعثها الرئيس الأمريكي بايدن إلى السيد خامنئي؛لأننا نقوم بالتوطئة لذلك.
أمريكا كانت ولازالت وستبقى الحامي الأول للكيان الصهيوني،وهي شريكة له بكل جرائمه ضد الشعب الفلسطيني والشعوب العربية ،وكما قال الرئيس بوش (الأب) إن المبدأ الأول لسياسة الولايات المتحدة يظل كما كان يمثل دعماً قوياً لايتزعزع لأمن إسرائيل .
نعم تعهدت أمريكا بحماية إسرائيل بكل قوة ووظفت إمكاناتها وإمكانات الدول الغربية لذلك ؛بل هي مَن عملت على تطويع بعض الدول العربية ودفعتهم إلى التطبيع،وكما قال الرئيس التركي أردوغان: لو رفعت أمريكا حمايتها عن إسرائيل لما إستطاعت أن تصمد ثلاثة أيام.
عندما حطم طوفان الأقصى أسطورة الجيش الذي لايقهر،واحتلوا على قلة عددهم أكثر من (15)قاعدة عسكرية؛هبت أمريكا لنجدت الكيان الصهيوني،وتحرك وزير خارجيتها بلينكن بهويته الأولى وصفته اليهودية،ثم أنطلق وزير الدفاع أوستن هنا وهناك،والرئيس الهرم بايدن هو الآخر تحرك وزار إسرائيل لمؤازرتها ونفخ الروح فيها. لقد أعلنوا جميعاً مساندتهم وحمايتهم المطلقة لإسرائيل في كل ماتفعل. وأيضاً تحركت مع تلك المؤسسات السياسية والأمنية ؛الكارتيلات الرأسمالية وأمبراطوريتهم الإعلامية،ثم إستنفرت أمريكا أكبر حاملة طائرات في العالم المسماة (يو أس أس جيرالد فورد) لتستقر في المنطقة الجنوبية لإسرائيل .ليس هذا فحسب بل أرسلت إلى إسرائيل قوات النخبة ؛مضافاً( إلى إرسال مسؤولين في إسرائيل يساعدونها في قضايا إستخباراتية) حسب ماقال وزير الدفاع الأمريكي ،وأيضاً أعلن البيت الأبيض إرسال مستشارين عسكريين إلى إسرائيل .
طبعاً يشارك الأمريكان في هذا الموقف تلك القوى الإستعمارية التقليدية بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وباقي الدول الغربية ،وربما دفعتهم من خلف الستار للتوجه إلى إسرائيل ودعمهما معنوياً ومادياً.
تستطيع الردارات ذات المدى والشعاع الواسع الروسية والإيرانية أن تعطينا إحداثيات دقيقة عن عدد الطائرات العسكرية التي هبطت في القواعد العسكرية الإسرائيل مثل قاعدة نفطيم في بئر السبع،وحجم المساعدات والذخيرة المتطورة التي وصلت لها خلال (23) يوماً الماضية .
لقد ألقيت على رؤوس الأبرياء في غزة آلاف الأطنان من الذخيرة الأمريكية المصممة للتدمير الكلي ونسفت من القواعد الأبراج والبيوت السكنية. وهُدمت صوامع وبيع وجوامع ،واخرج الناس من ديارهم وقتلوا بغير حق.
لقد وصل عدد الشهداء والمفقودين في غزة إلى اكثر من (10) آلاف إنسان،نصفهم من الأطفال والنساء ناهيك عن أضعافهم من المصابين والجرحي، ولازالت أمريكا تستخدم نفوذها في المؤسسات الدولية وترفض وقف إطلاق النّار ،وتقوم بتبرير أعمال القتل الجماعي في غزة،وصدق محمود درويش بقوله :امريكا هي الطاعون ،والطاعون أمريكا .
من الطبيعي أن يكون لقوى المقاومة في المنطقة ردة فعل على كل تلك الجرائم الصهيوامريكية ،لكن أمريكا بغطرستها وصلفها المعهود تستكثر علينا ذلك ،وتريد منا أن نخضع لإرادتها الشيطانية أو نلتزم الصمت،وهذا مالايقبله الأحرار والشرفاء في العالم وعلى رأسهم محور المقاومة .
وبسبب موقف امريكا وسجلها الإجرامي بحق فلسطين وأبناء المنطقة ؛فقد تلقت قواتها ضربات صاروخية وهجمات بالطائرات المسيرة من رجال المقاومة الأبطال وخاصة في سورية والعراق ،وقد أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون):أن قواتها تعرضت لأكثر من (16)هجوماً في العراق وسورية خلال الأسبوع الماضي .
ولما أعيت أمريكا الحيلة من مواجهة قوى المقاومة الشبحية أخذت تكيل التهم لإيران بأنّها تدير المعركة من الخلف ،وأنّها مسؤولة عن مهاجمة القواعد الأمريكية؛ففي مقابلة أجرتها شبكة (سي بي اس)قال وزير الخارجية الأمريكي :( نشعر بالقلق من زيادة حجم الهجمات من قبل وكلاء إيران ضد موظفينا وأبناء بلدنا ..ولاينبغي لأحد أن يستغل هذا الوقت لزيادة التوتر وتنفيذ المزيد من الهجمات ضد قواتنا وموظفينا أو ضد إسرائيل ).
وزير الدفاع الأمريكي هو الآخر صرح أثناء مقابلة له مع شبكة (اي بي سي) بأن أمريكا :( لن تتردد بالقيام بعمل عسكري ضد أي منظمة أو دولة تحاول توسيع الصراع في الشرق الأوسط).
في يوم الأربعاء الماضي الموافق 25/ 10 / 2023 م قال الرئيس الأمريكي في مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء الإسترالي انتوني ألبانيز:( إن قواتنا تتمركز في المنطقة لمنع تهديد داعش، ولا علاقة لها بإسرائيل.
وأضاف جو بايدن: تحذيري لآية الله كان كالتالي: إذا واصلوا العمل ضد القوات الأمريكية فسنرد وعليه أن يكون مستعدا... وهذا لا علاقة له بإسرائيل.).
الناطق بإسم البيت جون كيربي قام بتحريف الكلم عن مواضعه؛ففي يوم الخميس الماضي الموافق 26/ 10 / 2023 م وأثناء مؤتمره الصحفي سأله أحد المراسلين عن طريقة إرسال الرسالة من قبل الرئيس بايدن للسيد خامنئي وهل تمت بشكل مباشر أم من قبل دولة ثالثة؟
وأجاب جون كيربي قائلاً: (كل مايمكنني قوله هو أنّه تم إرسال رسالة مباشرة).
الناطق بإسم البيت الأبيض بتصريحه هذا قام بالتدليس ولوى عنق الحقيقة في إيهام الإعلاميين بأن هناك رسالة مكتوبة من الرئيس بايدن إلى السيد الخامنئي قائد الثورة الإسلامية في حين لم يكن في البين أية رسالة تُذكر سوى تلك التصريحات التي أطلقوها خلال اللقاءات السياسية والإعلامية المختلفة .
وقد رد محمد جمشيدي المستشار السياسي للرئيس الإيراني على تلك الشائعة في تغريدة له على تويتر قائلاً :( إن الرسائل التي أرسلتها الولايات المتحدة لم تكن موجهة إلى المرشد الأعلى للثورة الإسلامية، ولم تكن سوى تقديم طلب من إيران.. إذا كان بايدن يتصور أنه حذر إيران، فالأفضل له أن يطلب من فريقه أن يطلعه على النص النهائي للرسائل ).
وبناءً على ماتقدم نشاهد لغة الإحتيال والتضليل المتعمد ـ التي إعتمدها الناطق بإسم الأبيض ـ قد روّجت للحديث عن إرسال رسالة تحريرية وتحذيرية من بايدن للسيد الخامنئي،وهو ماتكذبه إيران .
ـــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha