كندي الزهيري ||
كانت ولا زالت السياسة الأمريكية تحرص على أمن واستقرار وعلو الكيان الإسرائيلي الغاصب، المعروف بأن أمريكا استخدمت قوة (الترغيب والترهيب) ، من أجل إجبار الدول الشرق الإسلامي الكبير ،بالتنازل لمصلحة الكيان الصهيوني . مما أدى بها إلى أستخدام القوة المفرطة ،لفرض الأمر الواقع على شعوب المنطقة ، لم تنجح في هذا الخِيار ، فتوجهت إلى خِيار آخر وهو (الحصار ) فنقلب ضدها ، من ثم الحرب (الناعمة ) فلم تجني منها شيء ... ومع بروز الصين في السنوات الأخيرة ، كقوة أقتصادية عظمى في العالم ، وتراجع قوة أمريكا وتزعزعها في المنطقة ، خصوصًا ما نشاهده اليوم في السُّعُودية التي ترفض طلب أمريكا بتخفيض أسعار النفط ، وهي تعلم بأن ذلك يجري باتفاق مسبق بين السُّعُودية و روسيا . تحاول مؤسسات الصهيو أمريكية ، أعادت ضبط مصنع بما يتناسب مع مشروعها (الشرق الأوسط الكبير ) ونظامهم الدموي . الصين أطلقت مشروع الحرير ، من الشرق إلى الغرب إلى أفريقيا ، بربط سككي عبر ميناء الفاو الكبير ، واجهها أزمات سياسية واقتصادية ، إذا علمنا بأن هذا المشروع لا يتم إلا من خلال الجزيرة العربية ، وتحديدًا العراق ، نعود قليلًا إلى تصريح رئيس مجلس الوزراء السيد السوداني قال ( أنه كل المشروعين " طريق الحرير و ومشروع الهند " بأن العراق لم يكن على الخارطة! ، والسبب يعود إلى ؛ إنعدام أستقرار سياسي و إنعدام جدية في إتمام مشروع الفاو الكبير) . اليوم تطلق أمريكا عبر قمة العشرين مشروع (الهند الإقتصادي ) ، مما ستدفع بشركات الأوربية والأمريكية بالتوجه إلى الهند ، ولا ننسى بأن الهند منافس شرس للصين اقتصاديا. أين تكمن مصلحة أمريكا في هذا المشروع !...
مصلحة أمريكا تكمن في عده نِقَاط وهي :١_ أن هذا المشروع يجعل يد الكيان الإسرائيلي هي الأقوى ، لكون هذا المشروع يصب اقتصاديا وسياسيًا بمصلحة الكيان مباشرة .
٢_ الربط السككي بين دول الشرق ، سيفتح الأبواب المغلقة بوجه التطبيع مع الكيان ، أقل حد (التطبيق الإقتصادي ) كخطوة أولى ، من ثم يتبعها باقي الخطوات .
٣_ يعطي هذا المشروع قوة كبرى لأمريكا ، مما يؤدي إلى حصار الحلم الصين .
٤_ يجعل من الكيان الإسرائيلي المتحكم الأوحد في المنطقة ، ومتزعمها ، وهذا يعطي الشرعية الدولية للكيان بالتحرك مع الدول المِطْبَعَة ، بضرب أي حركة معارضة أو معرقلة للحركة الإقتصادية ، وهذا ما تبحث عنه أمريكا حرفيًا ،بعدما رأت بأن وجودها في خطر ، وهي لا تستطع أن تواجه هكذا خطر في مفردها . أين يقف العراق. يقف العراق في وجه العاصفة ، والقرار العراقي يواجه ضغط كبير من قبل السِّفَارة الأمريكية ، والإدارة الأمريكية التي رسمت للعراق مشروع ( الشام الكبير ) (طريق التنمية ) ، من ثم (ربط أنابيب النفط) عبر الأرْدُنّ ومصر من ثم للكيان ، وهو المستفيد الأكبر من ذلك .
موقف سياسي :١_ وزير خارجية إيطاليا: مبادرة "طريق الحرير" الصينية لم تحقق الفوائد المتوقعة.
٢_ مستغلًا غياب بوتين وشي .. هذه أجندة بايدن الموسّعة بقمة العشرين ، توسع في مساعي ، ايقاف النفوذ الصيني المتنامي .
٣_ مصادر أوروبية، أن ذلك سيترافق مع إقامة منشآت للطاقة، خصوصًا لإنتاج ونقل الهيدروجين الأخضر، فضلًا عن كابل بحري جديد لتعزيز الاتصالات ونقل البيانات.
٤_ جون فاينر أن هذا المشروع "يتمتّع بقدرات هائلة"، مضيفًا أنه لا يعرف "الوقت الذي سيستغرقه بالضبط".
٥_ مايكل كوغلمان، الخبير في شؤون جنوب آسيا في مركز ويلسون في واشنطن عبر منصة "إكس" ، إنه "إذا تحقق ذلك، فإنه سيغير قواعد اللعبة عبر تعزيز الروابط بين الهند والشرق الأوسط"، مضيفًا أن ذلك "يهدف إلى مواجهة مبادرة الحزام والطريق". لما اختارت أمريكا الهند ؟ ...
١_ عدّ الإقتصاد الهندي من خامس أقوى اقتصاد في العالم، وهي إلى ذلك تستعد لتصبح المصنع الجديد للعالم بعد الصين والسيطرة على سلاسل التوريد العالمية. ٢_ تعاني أمريكا من أزمات اقتصادية ، وكثرة الديون الداخلية والخارجية ، فتعويض لشركاتها ستكون الوجهة المفضلة هي (الهند) .
٣_ وجدت أمريكا مكان لها ،من طريق استغلال الصراع بين الهند والصين بمنطقة في الحدود متنازع عليها، ولعقود من الزمان، كان لدى البلدين العديد من الخلافات على طول حدودهما التي تصل إلى 2100 ميل، وتمتد عبر نطاق جبال الهيمالايا جميعها تقريبًا. تطور هذا الصراع الحدودي شيئا فشيئا ليصبح منافسة اقتصادية مباشرة، تراهن فيه واشنطن على نيودلهي كقوة موازية للصين ، لكون أمريكا ليست قادرة اليوم على فتح جبهات مع الصين بمفردها ،وهنا ينطبق القول (عدو عدوي صديقي ) .
٤_ الحرب في أوكرانيا التي بدأت تستنزف الإقتصاد الغربي ، وهذه التكاليف لا تود أمريكا أن تتحملها بمفردها ،مما ستحاول زج الهند في هذا الصراع .
٥_ كما أسلفنا سابقًا بأن هناك هدف آخر وهو تحقيق حلم الكيان الإسرائيلي ( بالسيطرة على الشرق الأوسط) ، وإيجاد إستقرار يضمن دوام بقائه.
توصية :
١_ العراق لا يستطيع الوقوف بمفرده أمام هذه الأطماع الغربية والأمريكية ،إنما يحتاج إلى إنشاء مجموعة موحدة من معسكر المقاومة، لكي يفرض شروطه بالقوة .
٢_ الحكومة العراقية لا تستطع فرض قرارات لوحدها ،من دون وجود دعم شعبي وإعلامي موحد .
٣_ نحتاج إلى رؤية واضحة ، وتخطيط مبني على أرض واقعية ، تخدم مصالح العراق وشعبه ، بعيد كل البعد عن الانفعالات الشخصية ، إذما نفذ المشروع الأمريكي ، سيصبح العراق بين ضاغطتين هما ( الضغط الشعبي والمقاومة من جهة ، ومن جهة أخرى الضغط الأمريكي ).
يبقى السؤال الذي يكشف عن إجابته الوقت ، وهو ( ميناء الفاو هل سيكون للعراقيين أم هناك رأي آخر ) ...
https://telegram.me/buratha