الدكتور علي زناد كلش البيضاني ||
يُعدّ مصطلح (الجندر) الأكثر شيوعاً الآن في الأدبيات النسوية، ويترجمه البعض إلى النوع الاجتماعي أو "الجنسوية"، وقد تم تعريب هذا المصطلح في الآونة الأخيرة ، وهو يشير إلى الخصائص النوعية وإلى الإقرار والقبول المتبادل لأدوار الرجل والمرأة داخل المجتمع ، ومعناه كما عرفته الموسوعة البريطانية " هو شعور الإنسان بنفسه كذكر أو أنثى " ثم ظهرت اتجاهات أخرى لتعريف الجندر منها إنّه "يرجع إلى الخصائص المتعلقة بالرجال والنساء والتي تتشكل اجتماعياً مقابل الخصائص التي تتأسس بيولوجياً ، أمّا تعريف الجندر في منظمة الصحة العالمية:هو المصطلح الذي يفيد استعماله وصف الخصائص التي يحملها الرجل والمرأة كصفات مركبة اجتماعية لا علاقة لها بالاختلافات العضوية فهو يدعو إلى تبادل الأدوار ( الحقوق والواجبات والالتزامات ) والعلاقات والمسؤوليات ، بمعنى آخر أن الأدوار المُناطة بالرجل ممكن أن تتقمصها المرأة والعكس بالعكس ، لأن وفق مفهوم الجندرية أن المهام التي يقوم بها كل من الجنسين ( الذكر والأنثى ) هي مهام تُشكّلها الظروف الاجتماعية وليس الاختلاف البيولوجي ، فالعمل المنزلي الذي ارتبط تقليدياً وعرفياً بالمرأة ليس له علاقة بتكوينها البيولوجي ، بل يمكن للرجل القيام بها ، لكن العُرف يوزّع العمل بين الرجل والمرأة على وفق تصورات وقيم سائدة ، والذي نفهمه إن الجندرية تسعى إلى تماثل تام بين الرجل والمرأة وترفض الاعتراف بوجود الفوارق ، كما ترفض التقسيمات ، حتى تلك التي تستند إلى أصل الخلق والفطرة ، فهذه الفلسفة لا تقبل المساواة التي تراعي الفروقات بين الجنسين ، بل تدعو إلى التماثل بينهما في كل شيء ، وهذا التماثل هو نتاج نظرية الجندر ، ألا وهي إلغاء كل الفروق الطبيعية أو المختصة بالأدوار الحياتية بين الرجال والنساء، والادعاء بأن أي اختلاف في الخصائص والأدوار، إنما هو من صنع المجتمع ، إذ ترى فلسفة الجندر أن التقسيمات والأدوار المنوطة بالرجل والمرأة، وكذلك الفروق بينهما من ثقافة المجتمع وأفكاره السائدة، ويمكن تغيير هذه الأدوار وإلغاؤها تماماً، بحيث يمكن للمرأة أن تقوم بأدوار الرجل، ويمكن للرجل أن يقوم بأدوار المرأة، وهذا يعني أن فلسفة الجندر تتنكر لتأثير الفروق البيولوجية الفطرية في تحديد أدوار الرجال والنساء.
وهناك رد جميل وعلمي من الدكتورة فرح الفاضلي في كتابها القيّم ( الذكورة والأنوثة في القرآن الكريم ) إذ قالت : " نجد أن تلك الفلسفة تسير مترنحة أمام الفطرة الإنسانية ، وأمام الطبيعة السائدة ، فالفراق الفزيولوجي بين الرجل والمرأة واقع علمي حقيقي لا يمكن أن يُنكر ولا يمكن ألاّ أن يكون له أثر في التكوين ".
ونقول إن القران الكريم قد فرّق بين الذكر والأنثى في آيات كثيرة لا مجال لذكرها إذ جعل لكل منهما خصائصهما وحقوقهما وواجباتهما المحددة.