* د. إسماعيل النجار ||
لا شَك أن العالم الإسلامي المترامي ألأطراف والمتباعد إسلامياََ وسياسياََ، قد أثرت فيهم وبينهم على التآلف والوحدَة،
وإذا كان للجغرافيا دورٌ فيما بدا من بُعد؟ نتيجة بُعد المسافات، فإنه لا مانع من أن تتَكوَّن بينهم علاقات دبلوماسية وسياسية تكون هيَ جسر العبور للإلتقاء حول ما يجمعهم من دين وقضايا مصيرية على مستوى العالم المتقدِم لكي يشكلوا قوَّة سياسية وإقتصادية ولتكون لهم كلمتهم الفصل فيما يخص قضاياهم المشتركة.
[لكن في ظل وجود دُوَل كُبرَى مسيطرة على المشهد السياسي والعسكري من خلال التطوُر التكنولوجي والصناعي والقوة الإقتصادية ونتيجة انصياع وخنوع وخيانة بعض هؤلاء الحُكام بقيت هذه الدُوَل تُشكلُ تجمعاتٍ سكانية هائلة مترامية في وسط وأطراف المعمورة من دون أي وزن سياسي أو دولي، تتحَكم في مصيرها وقراراتها بالأغلب دوائر القرار العالمي والغُرَف السوداء وبالأغلب الولايات المتحدة الأميركية.
[الجمهورية الإسلامية الإيرانية نجحت لتكون صاحبة الدور والموقف المختلف في هذا العالم الإسلامي المُشَتَّت، وحاولت جاهدة لتشكل وحدة إسلامية مع جيرانها العرب والمسلمين، إلَّا أن سياستها المعادية للكيان الصهيوني والإدارة الأميركية كانآ السَد المنيع في وجه رغباتها وطموحاتها هذه وبوجه مشروعها الوحدوي الإسلامي،
[لَم تُترَك إيران تتحسَر على أمنياتها بالوحدة الإسلامية فقط، بل حرضوا عليها نظام صدام حسين ودُوَل مجلس التعاون الخليجي (الصهيوني) الست وخاضَ صدام ضدها حرباََ لثماني سنوات كانت نتائجها مُدَمِرة على كافة المستويات الإقتصادية والبشرية والنفسية لكِلا شعوب البلدين.
[السعودية تحديداََ كانت رأس حربَة في الدعم المالي والعسكري لنظام صدَّام التكريتي آنذاك،
هذا الدعم المنطلق من مبدأ حقد عقائدي للمذهب الوهابي الذي فتَك بالعالمين العربي والإسلامي ولم يُطلق على العدو الصهيوني طلقة واحدة،
[في وقتها كانت العلاقات السعودية الباكستانية في أوَج مجدها، الغزَل والتعاون الإستخباراتي يجري على مستوياتٍ رفيعه وبأشكالٍ عدَة وكانت مملكة آل سعود تدعم هذا البلد الإسلامي بالنفط، في مقابل عدم التقارب مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية ولأسباب سياسية وعقائدية بدفعٍ صهيوني أميركي تنطحَت للعب دورهِ مملكة الرمال الذهبية كموظف نشيط ومخلص لتدمير الأمة الإسلامية.
[ باكستان النووية المأزومة داخلياََ إقتصادياََ وأمنياََ وإجتماعياََ، تعيش حالة حرب مع جارتها الهند بسبب ولاية كشمير، وسط مخاوف دولية من نشوب حرب نووية بين البلدين بينما هيَ ممسوكة ضمنياََ من الولايات المتحدة الأميركية ومُسيطَر أمنياََ على قسم من أراضيها في مناطق الشمال المحاذية لأفغانستان والتي تسكنها قبائل البشتون الموالية لحركة طالبان،
باكستان هذه تحتاج الى حليف قوي بعدما فشلت في بناء علاقات مميزة مع روسيا القيصر وسط ضغوطات أميركية عليها لتنفيذ مهمات استخبارية مع دوَل الجوار تسببت لها في الكثير من المتاعب،
[إلى جانبها تقع إيران التي تربطها معها حدود جغرافية على طول 900 كلم، تشتكي من تسلل الإرهابيين من باكستان الى اراضيها، وكانت إيران الجار الأفضل والأصدق في التعامل معها من باقي دُوَل الجيران المحاذية لها.
**بعد وصول عمران خآن الى سُدَّة السُلطَة والحُكم في باكستان بدءَ التقارب الباكستاني الإيراني يأخذُ منحىََ جديداََ وبدءَ يكبر ويتطوَّر بين البلدين وفي مجالآتٍ شَتَّىَ، وخصوصاََ بعد سحب الوديعه السعودية التي تُقَدَّر ب أربعة مليارات دولار من المصرف المركزي الباكستاني أثر خلاف نشب بين البلدين بسبب رفض إسلام آباد لعب أي دور معادي لإيران على حدودها من خلال غض الطرف عن تسلل الإرهابيين الذين ترسلهم الرياض للقيام بأعمال ارهابية وللتخريب داخل الأراضي الإيرانية،
[الإتصالات تكثفت بعدها واللقاءآت بين مسؤولي البلدين كانَ آخرها لقاء وزيرَي الدفاع اللذآن قررآ إجراء مناورات عسكرية بَحرِية مشتركة في المستقبل القريب في محاولة إيرانية جديدة للتقارب مع الجارة الإسلامية السُنِّية(220)مليون نسمة ذات الثلث السكاني الشيعي بهدف التعويض عن تركيا ذات الفكر الإخواني وصاحبة الدور المشبوه ضد إيران التي تربطها بها علاقات تجارية وصلَ حجم التبادل فيها الى ما يزيد عن ثلاثين مليار دولار سنوياََ، بينما لا يزيد حجم التبادل التجاري مع باكستان الى أكثر من مليار ونصف المليار دولار أميركي،
إلَّا أن هذا التقارب شكَّلَ هاجساََ لواشنطن وأنقرة وتل أبيب وخصوصاََ أن ما يجمع إيران مع الهند العدو اللدود لباكستان هوَ أكثر ما يجمع إيران معها الأمر الذي يعطي دوراََ في المستقبل القريب لطهران من الممكن أن تلعبه لإنهاء العداوة الكبيرة التي تأسست بين البلدين منذ إستقلال باكستان ويُقَرِّبها من الصين أكثر فأكثر، الأمر الذي يثير مخاوف واشنطن وإسرائيل.
[على الصعيد التجاري في حال تطورت العلاقات الباكستانية الإيرانية في المستقبل القريب إيجاباََ فإن معدلات التبادل التجاري ستزداد وعمليات تصدير النفط والغاز سترتفع ولكن تبقى مخاوف واشنطن وتل أبيب من تكرار ما فعله أبو القنبلة النووية الباكستانية الراحل عبدالقدير خآن الهندي الأصل والبريطاني المنشأ حين باعَ إيران وكوريا الشمالية خرائط تقنية نووية ساعدتهما بتأسيس ما هم عليه اليوم.
[إذاََ تبادل التقنيات العسكرية والنووية هو الرعب الذي يوشك أن يقتل واشنطن وتل أبيب وخصوصاََ في مجال الصواريخ العابرة للقارات التي تستطيع حمل رؤوس نووية والتي تشكل عماد الصناعة العسكرية الباكستانية ناهيك عن أسرار القنبلة الذرية،
[هنا يبقى لدينا سؤال بديهي الى أي مدى ستصل آفاق العلاقات الإيرانية الباكستانية؟
[وهل ستسمح واشنطن لإسلام آباد في تخطي المحظور أميركياََ إتجاه إيران؟
[وماذا سيكون رد فعلها هيَ وربيبتها تل أبيب؟
[أسئلة مهمة قادم الأيام ستجيب عليها بنفسها والسلام.
*د. إسماعيل النجار / لبنان ـ بيروت