محمود الهاشمي
تحاول الولايات المتحدة ،ان تعبر عن قلقها اتجاه وضعها في منطقة الشرق ،حيث وفقاً لتصريحات المسؤولين الاميركان وعلى رأسهم
الرئيس ترامب الذي قال(لم تعد منطقة الشرق الأوسط من أولوياتنا،كما لم نعد بحاجة الى نفط الخليج) فان الولايات المتحدة غير راغبة
بوجودها العسكري في منطقة الشرق الأوسط ،وهي في مواجهة (صعبة)الى حيث المحيط الهادي وخطر التنين الصيني الصاعد .
هذه التوجهات تؤكدها بعض الوقائع على الارض ومنها الانسحاب من سوريا ،وتولية الأمر الى تركيا ،ودعوة حلف الناتو ان يتولى الملف العسكري بديلا عنها في العراق وبدء الانسحاب من أفغانستان وغيرها .
لاشك ان القضية الاقتصادية وما تمر به امريكا من ظروف بهذا الشأن يطول الحديث بها ينعكس على مجمل الأوضاع الأخرى السياسية والأمنية ايضا .
ان الدول الصديقة لأمريكا باتت قلقة ايضا على مصير علاقتها معها ،حيث ان ترامب رفع شعار (امريكا أولًا ) وبات يرى مصلحة امريكا فوق كل المصالح الأخرى ،بل ويهزأ من القادة والأمراء للدول الصديقة ومنها دول الخليج ،كما ان فترة ترامب تنصلت فيها امريكا عن عشر اتفاقيات مهمة وفي مجالات مختلفة ،وهذا يؤكد ان امريكا ذاهبة الى المزيد من فض الارتباطات مع العالم !
هذا الأمر يجعل (أصدقاء اميركا )يفكرون بالبحث عن بدائل مثلما توجهت بعض الدول الى روسيا مثلا !
امريكا من جهتها تحاول ان (تناور) في هذا الموضوع فعمدت الى سلسلة من القرارات تخص القدس والجولان والضفة الغربية وغور الأردن وصفقة القرن وغيرها لغرض طمأنة الأصدقاء انها تقف الى جانبهم من اي خطر
قادم سواء من ايران او من فصائل المقاومة .
الوقائع على الارض تقول ان امريكا لاتريد اي منازلة في الشرق الأوسط وترغب بالانسحاب دون (جلبة)،بما في ذلك ايجاد فرصة للتفاوض مع ايران ،تضمن من خلالها مصالحها ومصالح (الأصدقاء)!
المناورات الاميركية الاماراتية اخيرا فتحت نوافذ جديدة للحديث عن مشروع (انقلاب عسكري )مزمع بالعراق ،وكيف يتم من خلاله
السيطرة على الوضع الأمني والاستفادة من خزين عملاء امريكا سواء من الشارع او القوى السياسية المشاركة بالسلطة ،وفي خطة تم شرحها بالتفصيل والى دقائق الامور ولم يبق سوى اعلان ساعة الصفر !
وسائل الاعلام تداولتها في ثلاثة اتجاهات
1-جهات موالية لأمريكا اعتبرتها حقيقة وعبأت الشارع بذلك .
2-جهات تناولتها بحذر عال .
3-جهات كذبتها واعتبرت ان ذلك جزء من الوهم الاميركي .
الخبراء الأمنيون العراقيون تناولوا الموضوع من زاويتين .
1-ان التحركات الاميركية الاخيرة موضع ريبة في انسحابها من القائم وانسحاب القوات الفرنسية والبلجيكية ،وإعلان امريكا بسعيها الى نشر بطاريات باتريوت الدفاعية .
2-آخرون رؤوا ان المناورة مجرد لإشعار أصدقاء امريكا ان امريكا لاترغب بالانسحاب وانها مازالت حامية لأصدقائها خاصة وان هذه المناورة جاءت بعد خلافات جادة بين السعودية والإمارات في اليمن والخسائر التي مني بها الجيش الإماراتي هناك ،مثلما سبب الانسحاب الاميركي من أفغانستان صدمة للجميع .
اما بشأن المناورة وعلاقتها بالعراق فان السيناريو المفترض عن هجوم على منطقة صحراوية حيث المدن والشوارع وكما تقول احدى القنوات الاميركية التي رافقت المناورة (عبارة عن تسابق القوات فوق الكثبان الرملية بقاعدة الحمرا العسكرية من أجل السيطرة على نموذج المدينة الكاملة التي ضمَّت مبان ذات طوابق متعددة، وبرج مراقبة جوي، ومصفاة للنفط، ومسجدًا مركزيًا، ودوَّت أصوات الانفجارات المُخطَّطة، في حين هبطت القوات الإماراتية من المروحيات المُحلِّقة، ومشَّطت قوات المارينز الشوارع الضيقة المُطِلّة على الخليج بحثاً عن قوات العدو)
وليس هنالك ادنى إيماء على ان (المناورة) تستهدف (العراق)!!
الاستخبارات الاميركية سربت مباشرة بعد (المناورة) سيناريو يتضمن احتلال العراق وراح (أصدقاء اميركا)يخططون وفق اهوائهم كيف سيتم فرض (الزرفي)رئيسا للوزراء .
في كل الأحوال ،فان السيناريو وبهذا التفصيل مدعاة لشكوك لاتعد ،فالولايات المتحدة لاتريد ان تخلط الأوراق وتدخل في حرب داخلية ليس لها رأس ولا قدم ،وهي تعلم ان كل الذي تعرضه لايساوي قيد انملة امام خطر داعش الذي احتل ثلث ارض العراق فحول رجال الحشد ارض العراق مقبرة لهم .فيما رغم ذلك فان الاستعدادات جرت لاي طاريء بما في ذلك تأمين الاتصالات عبر الأقمار الروسية والصينية والإيرانية وغيرها من الحلول ،كما ان القطعات العسكرية العراقية ابدت استعدادها لمواجهة اي سيناريو .اما أجهزت الأمن فقد عملت بما يضمن سلامة البلد .
الجميع يعلم ان العمق الايراني يعد مشكلة لأمريكا سواء في العراق او اي منطقة أخرى في الشرق الأوسط ،واذا هم عولوا على وباء الكورونا فان ضرره على امريكا ايضا كثير ورغم ذلك حاول الاميركان طمأنة ايران أنكم غير مستهدفين بهذه المناورة حيث قال السفير الأميركي جون راكولتا جونيور الذي حضر التدريبات بالإمارات. : "لا أعتقد أنَّ الهدف من التدريبات هو إظهار أي عمل استفزازي للإيرانيين ليقولوا إنَّنا هناك لنهاجمهم؛ بل نحمي أنفسنا، ونريد الجلوس على الطاولة ونتفاوض على تسوية سلمية دائمة.)
الجهة المعترضة على تكليف الزرفي قرأت المشهد
ان هذه المناورة رغم انه لابد ان تؤخذ تداعياتها موضع الجد على الارض ،فان مخطط
(الانقلاب العسكري) ينظر له على انه عملية دعم ل(تكليف الزرفي)من قبل الاميركان لانهم علموا وامام المواقف الصلبة التي أبدتها كتلة البناء وما تملك من عمق سياسي واجتماعي وامني لن تستسلم امام الضغوط والمخططات والتجاوز على حقوقها المشروعة كونها الكتلة الأكبر وهي أولى بترشيح من تراه مناسبًا لمنصب رئاسة الوزراء وقد أعدت نفسها لكل الاحتمالات .فيما ترى ان مخطط (انقلاب عسكري) مجرد وسيلة (تهديد) غير ممكنة الوقوع لاسباب معلومة ،لكنها رسالة من قبل الأميركان لجميع الأطراف العراقية في عدم القلق في حال حدوث اي مواجهات عند فرض الزرفي رئيسا للوزراء والذي يرى فيه العراقيون
(عميلا اميركيا)!
ــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha