كان ناظم محمود الجبوري من الاعضاء الستة في قيادة شبكة القاعدة في العراق لكنه اليوم انتقل الى الجانب الاخر مع الاميركيين في بلدته الضلوعية، احد معاقل المتطرفين في وسط العراق. ويجسد رجل الدين الشاب المهاب الجانب كل التباسات مجالس الصحوة التي تحارب اتباع القاعدة في غرب العراق والوسط والشمال بدعم وتمويل اميركي. وبمعية 650 مسلحا كان بعضهم يقاتل في صفوف القاعدة، يتولى الجبوري منذ خمسة اشهر مسؤولية الامن في الضلوعية (90 كلم شمال بغداد) الى جانب الشرطة العراقية. وكانت البلدة الزراعية، البالغ عدد سكانها 62 الف نسمة بمنازلها القديمة المبنية من الاجر على جانبي شارع ترابي طويل والقابعةوسط بساتين النخل، خاضغة لسيطرة شبكة القاعدة طوال اشهر مديدة.
ويقول الجبوري (30 عاما) صاحب القسمات الصارمة "كنت واحدا من ستة اعضاء في 'مجلس شورى المجاهدين'". وكان مسؤولا عن الدعاية في المجلس الذي يضم القاعدة وحلفاءها قبل اعلان انصار اسامة بن لادن عن قيام "دولة العراق الاسلامية" في تشرين الاول/اكتوبر 2006. ويضيف "التقيت ابو مصعب الزرقاوي في حزيران/يونيو 2005 عندما تم تصويره وهو يطلق النار من رشاش كبير في الصحراء". وقتل الزرقاوي في غارة اميركية في حزيران/يونيو 2006 قرب بلدة هبهب في شمال محافظة ديالى. والجبوري ينتمي الى عائلة دينية تتمتع بالاحترام في الضلوعية. وبعد دراسات اسلامية، تم تعيينه العام 1998 اماما للمسجد الرئيسي في البلدة بفضل موهبته في الخطابة.
واختار رجل الدين "طريق السلفية الجهادية" فور وصول الاميركيين وانخرط في صفوف "الجيش الاسلامي"، احد اكبر فصائل المسلحين من العرب السنة. لكنه سرعان ما انتقل الى القاعدة بعد لقائه مقاتلين اسلاميين متطرفين اثناء اعتقاله مرتين على ايدي الاميركيين. ويشرح الجبوري من وراء مكتبه في مجلس الصحوة الذي يتخذ من مقر حزب البعث السابق مكانا له "لقد حاربنا القوات الاميركية اربع سنوات فقدنا خلالها مئة من افضل الشبان لدينا. لم يكن بوسعنا ان نربح المعركة".
ويؤكد تخليه عن اقتناعه بقيام دولة اسلامية "ترفضها الغالبية العظمى من العراقيين. فالقاعدة تخسر بسبب الشبان العرب الذين لم يفعلوا شيئا سوى الاعتداء على المدنيين بحيث انهم قتلوا خلال سنة واحدة فقط من وجودهم في البلدة 197 شخصا ما ادى الى فقدانهم دعم السكان".
من جهته، يقول قائد الشرطة في البلدة العقيد محمد خالد عبد الحميد "كان ناظم احد الاشخاص الطيبين قام بعمل جيد ضد الاميركيين لكنه لم يستهدف الشرطة". ويعرف الاثنان بعضمهما منذ ايام الطفولة. ويضيف العقيد ضاحكا "عندما توليت قيادة الشرطة في البلدة في تموز/يوليو 2007، كان هو في طور الانتقال (...) نكسب الكثير بوقوفهم معنا". ويقول الجبوري ان قائد القاعدة في العراق المصري "ابو حمزة المهاجر" وضع جائزة "لقتلي قيمتها مئة الف دولار".
ونجا رجل الدين الذي يتمتع بحماية دائمة من محاولات عديدة لاغتياله كان آخرها متفجرة وضعت تحت منبره في المسجد تركت اثارها ندبا في ساقه اليسرى. ويواصل رجل الدين الذي ما يزال موهوبا في مجال الدعاية توزيع شرائط فيديو على القرويين تتضمن خطبه الشديدة اللهجة ضد القاعدة. ويقول الجبوري "اعمل مع الاميركيين من اجل ترسيخ الامن في البلدة وتعاوني معهم يقف عند هذا الحد". ويضيف "ما يزال رجالي يعتبرون انفسهم مقاتلين اسلاميين لكنني لا اعتقد انهم سيعودون الى صفوف القاعدة مجددا بعد شعورهم بالامن". ويختم الجبوري قائلا "طموحي الوحيد هو ادماجهم في الشرطة والجيش اما بالنسبة لي فانني اريد شيئا واحدا هو عودتي الى المسجد".
الناشر جريدة حوارات الالكترونية
https://telegram.me/buratha
