تفاعل الشارع العراقي مع موجة الحر الأخيرة التي تجاوزت الـ “50” درجة مئوية باهتمام بالغ بسبب ما عاناه المواطنون من شدة الحر التي رافقها انقطاع التيار الكهربائي في العديد من المناطق السكنية.
ذيول تلك الموجة مازالت قائمة ونحن في شهر آب الذي "يشلع المسمار من الباب" وهناك سؤال بات متداولا وهو: لماذا لم تعطل الدوائر الرسمية في أيام الحر الشديد أسوة بدول عديدة وطبقا للنظام العالمي المعمول به؟، فكما هو معروف لم يأت قرار تعطيل الدوام للمدارس والجامعات أثناء تجاوز درجة الحرارة الى 50 مئوية الا وفق تخطيط مسبق وضع في اولوياته ارتفاع درجات الحرارة خلال هذه الاشهر، وتأثيرها على صحة الانسان لاسيما الاطفال والمسنون والمرضى، فما بالك بوصول درجة الحرارة في بغداد وبعض المحافظات الجنوبية والبصرة على وجه الخصوص الى اكثر من خمسين درجة حسب ماصرح به بعض المعنيين في الانواء الجوية ورغم ذلك لم يعطل الدوام بل استعيض عنه بتقليل ساعاته الى ست بدلا من ثمان وهو اجراء تباينت حوله ردود افعال شرائح مختلفة من المواطنين.
عمال المصانع
منعم عبد الصاحب فني في معمل الزيوت النباتية قال : المفروض ان يعطل الدوام خلال الايام التي ترتفع فيها درجات الحرارة الى اكثر من خمسين درجة مئوية اذ من غير المعقول ان نعمل في ظروف صعبة نعاني فيها من انعدام اجهزة التكييف والتبريد وانقطاع التيار الكهربائي بشكل مستمر، فدرجات الحرارة المرتفعة تسبب الضجر والعصبية وتؤثر على الاداء وحتى على السلوك والتعامل بين المواطنين، ثم ان أننا لو جمعنا فترة التوقفات ما بين ساعات العمل بسبب الارهاق لوجدناها تصل الى ساعتين او ثلاث مع التقليص الى ست ساعات نجد ان الحصيلة هي ثلاث ساعات عمل فقط ، فهل تستوجب هذه الفترة الزمنية القصيرة مشاكل العمل ومخاطر الحر؟، وأضاف: القضية الثانية هي في نهاية الدوام والانتظار في الشارع او البحث عن سيارة اجرة تحت اشعة الشمس اللاهبة ، حيث أصيب اكثر من اربعة اشخاص من العاملين معنا بضربة شمس خطيرة سببت لهم تداعيات صحية وهم في اجازة مرضية حاليا.
سواق الأجرة
محمد مهدي القيسي سائق سيارة اجرة تحدث عن معاناته اثناء العمل خلال الايام الحارة، قال: منذ الصباح الباكر اجوب الشوارع والمناطق المختلفة في مدينة بغداد وما ان تشير عقارب الساعة الى العاشرة صباحا حتى يبدأ الناس بالاختفاء في بيوتهم ويصبح العثور على راكب (عبري) امرا فيه شيء من الصعوبة، فالجميع يفضلون البقاء على الخروج الى الشارع الا من كان مضطرا لعمل ما، ولذلك اضطر الى الرجوع الى البيت حفاظا على السيارة واستهلاك البانزين من دون مردود مالي، علما انني امتلك سيارة حديثة و لااستطيع المجازفة باستخدامها طوال النهار خوفا عليها من الحرارة الكبيرة التي قد تصيبها بالضرر، واذا كانت الحرارة قبل بدء التشغيل هي خمسة وخمسون درجة فلنا ان نتخيل الحرارة بعد ساعتين او ثلاث خلال فترة الظهيرة.
الانواء الجوية
الدكتور حازم حمود مستشار هيئة الصحة والبيئة في مجلس النواب سابقا والتدريسي في قسم علوم الجو في الجامعة المستنصرية تحدث عن ارتفاع درجات الحرارة في عموم المحافظات العراقية وتداعياتها على الاوضاع الصحية والبيئة قائلا: نظام تعطيل الدوام في المؤسسات الحكومية عند بلوغ درجات الحرارة خمسين درجة مئوية هو جزء من قانون هيئة الامم المتحدة وحقوق الانسان ، فهناك عامل الراحة الذي يجب ان ينسجم مع درجة حرارة الانسان الطبيعية (37) مئوية، وكلما زادت الدرجة اكثر من ذلك قل العطاء في العمل وزادت فرص التعرض الى اصابات صحية يشكل البعض منها خطرا على الحياة، وأضاف: في اغلب دول العالم يطبق هذا القانون ، لكن في العراق لا نعرف سبب عدم تطبيقه علما ان حرارة الجو لدينا اكثر من تلك الدول ، وفي الاسابيع الاخيرة وصلت الحرارة الى 52 و53 درجة مئوية ولذلك قررت الحكومة تقليص ساعات العمل وهو اجراء غير مجد ولايفيد في شيء اذ ما الفائدة من التقليص اذا كان الضرر واقعا من خلال تعرض العاملين لاشعة الشمس الحارقة،
الدكتور حمود بين ان من واجب منظمات العمال ومنظمات المجتمع المدني وبقية النقابات الاخرى ان تدافع عن حقوق العاملين لديها لان المسألة تتعلق بحقوق الانسان، أما عن دور الانواء الجوية في هذا الموضوع فأشار الى ان دائرة الانواء الجوية هي دائرة خدمية تابعة الى وزارة النقل والمواصلات والمفروض ان تكون هذه الدائرة تابعة الى وزارة البيئة لانها تتعامل مع معطيات وارقام تخص الجو وتؤثر على البيئة وتستفيد منها جميع الوزارات وليس النقل فقط، والمعروف أن هذه الدائرة تعطي نشرات بارقام الدرجات العظمى والصغرى وتنشر جداول تحذيرية تضعها امام الجهات المسؤولة لتبدي الرأي فيها وليس من مسؤوليتها فرض اي شيء على الوزارات او اتخاذ قرار بتعطيل الدوام الرسمي.
https://telegram.me/buratha