14 عاماً ولا زال سجناء شبه الجزيرة العربية المنسيون خلف القضبان
السيد عامر الحسني
27 يونيو 2010
اتفقت جميع المنظمات الحقوقية الدولية والإقليمية على إدانة سجل الكيان السعودي لحقوق الإنسان بما في ذلك الحكومة الأمريكية المتمثل بوزارة خارجيتها والتي تربطها بالكيان السعودي علاقات ستراتيجية تتجاوز المصالح الاقتصادية كما هو شائع .
ولقد عبرت جميع التقارير الحقوقية بوصف سجل الكيان السعودي بأنه سجل بائس يعامل المواطنين وبالخصوص منهم شيعة أهل البيت عليهم السلام على أساس سياسة التمييز الطائفي , باعتبار ان الفكر الديني الذي قام عليه حكم سلالة بني سعود اتخذ من مفردة الطائفية أساساً لتقييم الأسس والأيدلوجيات الدينية الموجودة في شبه الجزيرة العربية والتي تتعارض مع الأطروحات الغربية والدخيلة على الإسلام .
وبالرغم من رفض أتباع المذاهب الإسلامية الأخرى للفكر الوهابي والذي أخذ طابع التسلط والمبادرة في تبوء مجال الزعامة للمذاهب الأخرى ما عدا الشيعة وبمساعدة الآلة الإعلامية الكبيرة والثروة الخرافية المستحصلة من موارد النفط التي استحوذ عليها القائمين على حكومة الكيان السعودي , إلا ان هذا الفكر استطاع أن يجد له موطئ قدم في الخريطة المذهبية العالمية التي تديرها دوائر مشبوهة لا تبتعد كثيرا عن الفكر الماسوني الذي حدد خطوط ومسارات الأفكار الظلامية التي اتخذت من الدين ستاراً لها , أو الأحزاب السياسية التي رسم لها خط موازي على خريطة الماسونية .
وبين هذا وذاك , سقطت العديد من الأفكار والشخصيات , التي كان من المقدر لها أن تنهض بأعباء الاستقلال من إخطبوط الغرب , في شرك الماسونية .
لقد كان أتباع أهل البيت عليهم السلام في شبه الجزيرة العربية إحدى ضحايا هذا المخطط الإجرامي الذي لا يرحم والذي سهل الطريق لاستهدافهم , نظام محترف بالتضليل والخداع زاوج ما بين الأفكار الماسونية التي صاغها أساطين اليهود , وبين فكر منحرف كان دخيلا على الإسلام استمد أفكاره من شخصية مجهولة النسب عاش قبل ثلاثة قرون وهو محمد عبد الوهاب والذي بدوره اعتمد على ابن تيمية التي رفضت أطروحاته من قبل جميع المذاهب الإسلامية بما فيها المذهب ألاثني عشري.
لقد شاء القدر أن يكون أتباع أهل البيت عليهم السلام أن يعيشوا في ضل حكومة كيان سياسي وصل إلى سدة الحكم بمساعدة الاستعمار البريطاني في عام 1913 مستبيحاً أرضهم (القطيف والإحساء) ووضعها تحت وصايته إلى أن تم دمجهما في دولة الكيان السعودي عام 1932 ليصبحوا تحت رحمة القبيلة السعودية يتجرعون الظلم والطغيان والحرمان مع التهميش والإقصاء.
وبالرغم من بعض المحاولات المحدودة لبعض أتباع أهل البيت عليهم السلام لبلورة معارضة سياسية لهذا الكيان الغاصب، إلا أنها لم تجد طريق لوضع أسس واضحة وأرضية ليقف عليها بناء نداً سياسياً للمارد السعودي الوهمي الذي نسج حوله جداراً مانعا لا يتعدى سمكه سوى دعايات فارغة سطرها في وسائل إعلامه متنامية والتي وجدت لها صدى لدى البعض القليل ممن تصورا بأنهم يحملون أفكاراً إصلاحية وهمية تحاول أن تقربهم من الطرف النقيض.
إن بروز معارضة سياسية ضعيفة من جانب أتباع المذاهب الأخرى غير الشيعية، اصطدمت هي الأخرى بالنظام السعودي الذي جيش الشارع السعودي ضدها مستغلا ضعف الفكر الديني لدى المواطنين الذين ينظرون بشبه قدسية لشيوخ الوهابية التي ساعدت الوسيلة الإعلامية السعودية على إظهارهم على إنهم الزعماء الدينيون البعيدون على الوقوع في الخطأ والأقرب إلى العصمة .
في وسط هذا الوضع المرتبك تفاجأ الكيان السعودي بجرأة غير معتادة استطاعت أن تصل إلى أخطر الأماكن الأمنية على الإطلاق في شبه الجزيرة العربية وذلك عندما هز انفجار مريع موقع إسكان القوات الأمريكية في مدينة الخبر عام 1996.
لقد أذهل الانفجار حكومة الكيان السعودي والقادة العسكريين الأمريكيين في المنطقة ليس في قوة تدميره فقط، وإنما بالجهة التي نفذت الانفجار.
لقد فاجأ الانفجار كتاب سيناريو السياسة الأمريكية وذلك بسبب دقة وإحكام التنفيذ، والغياب التام لمنفذيه حتى هذه اللحظة، وأفقد دوي الانفجار توازن حتى الرئيس الأمريكي وخروجه عن النص عندما صرح بمرارة بأنه سيلاحق المنفذين ويجلبهم للعدالة، وبقيت أصداء تهديداته كلمات يتذكرها كاتبوا التاريخ ولم تجدي فائدة ولم تصنع نصرا على فكرة الإرهاب المزعوم.
لقد حاولت الإدارة الأمريكية إيجاد مخرج من الموقف المحرج لدوائرها الاستخباراتية بإلصاق التهمة بمنفذين وهميين لذلك الانفجار المذل، فأناطت المهمة بمكتب التحقيقات الفدرالي الذي مال بكل ثقله على مخابرات الكيان السعودي الذي هو الآخر وجد نفسه عاجزاً عن اكتشاف المنفذ الحقيقي للانفجار، فالصق التهمة ظلماً بتسعة من المواطنين الشيعة لا زالوا رهن الاعتقال بدون توجيه تهمة وعدم إجراء محاكمة رسمية لهم في الوقت الذي تخلت فيه الإدارة الأمريكية عن اتهامها المزعوم والذي صدر بتقرير فاشل بكل المقاييس الاستخباراتية والذي أصدره رئيس مكتب التحقيقات الفدرالي آنذاك (لويس فريه) عام 2005 وذلك لينأى بنفسه وبمكتبه عن شبهة الفشل في الحصول على نتيجة تذكر , وظهرت الحقيقة التي طالما كتب وقال عنها خبراء السياسة والمخابرات بان منفذي الانفجار سوف لن يتم التعرف عليهم إلى الأبد .
لقد أظهر تقرير وكالة أخبار ( IPS ) الأمريكية الصادر عام 2009 والذي كشف المؤامرة التي اشترك فيها مكتب التحقيقات الفدرالي ومخابرات الكيان السعودي لإبعاد التهمة من تريد إبعاده من حلفاء الكيان من تنظيم القاعدة أو غيرهم مما يسموهم بالإرهابيين , زيف الادعاء السعودي بإلصاق التهمة الباطلة بالسجناء الذين نساهم العالم المتحضر , ولم ينسوا أنفسهم , ولم ينساهم أحبتهم الأحرار من أتباع أهل البيت عليهم السلام .
وكانت صفقة أقل ما يقال عنها أنها سيناريو فاشل تم إعداده في مختبرات وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية حاولت فيه إقناع الرأي العام العالمي الموهوم , وكان حال هذه الخطة الفاشلة حال سيناريو الهجوم المرتب على برجي التجارة العالمي عام 2001 .
لا زال السجناء الشيعة الذين اتهموا زوراً وبهتاناً بتدبير الانفجار يقبعون في سجن الحائر منذ ما يقرب من أربعة عشر عاماً , يلتمسون الرحمة من الله سبحانه وتعالى , والدعوة من أخوانهم المؤمنين من شيعة أهل البيت عليهم السلام أن يثيروا قضيتهم المنسية في كل المحافل , وعدم الانجرار وراء دعوات وهمية يطلقها سلفيي الفكر الوهابي الظلامي لإجراء حوارات ونقاشات عقيمة مع البعض من (مفكري الشيعة) لا طائل منها سوى النيل من مذهب أهل البيت عليهم السلام , وما دعوات التكريم والاستضافة لمتشددي الفكر الوهابي الا محاولات يائسة وعقيمة لجر ماء النهر إلى سفح جبل أصم لا يعيد سوى صدى التكفير .
https://telegram.me/buratha