* بقلم خليل الفائزي
بعد يوم واحد من الزيارة التآمرية التي قام بها ملك السعودية إلى لبنان، شهد الجنوب اللبناني زيارة حاكم عربي آخر ألا و هو أمير دولة قطر الشيخ حمد آل ثاني التي وصفها الأعلام الرسمي بأنها زيارة تاريخية لان "سموه دخل لبنان كبطل محرر و فاتح من الفاتحين و نثر الهبات المالية على الجميع في لبنان و استقبله كبار المسئولين بحفاوة بالغة لانه شارك في إعمار ما هدمته إسرائيل في جنوب لبنان عام 2006!".
كلام جميل و خطوة محمودة إذا كانت النوايا صادقة و الهبات لم تذهب بالأساس إلى المسئولين الحكوميين في لبنان الذين صاروا ينافسون الحكام الأمراء في مدخراتهم و تتصدر أسماؤهم لوائح أغنى أغنياء العالم.
وفقاً لتقرير رسمي لحكومة قطر فان مجموع ما أنفقته قطر من مساعدات و هبات و مشاريع في لبنان بلغ مجموعه 300 مليون دولار. و كانت قطر قد قدمت مبلغ مئة دولار لمساعدة منكوبي إعصار سلطنة عمان و 100 مليون أخرى لمنكوبي إعصار كاترينا في أمريكا و حوالي المبلغ ذاته لمساعدة اللاجئين والمنكوبين في دارفور (جنوب السودان) و زلزال هايتي و دول أخرى اي ان مجموع المساعدات التي أقامت بها قطر الدنيا و لم تقعدها لم تزد عن 600 او 700 مليون دولار في افضل الحالات، في حين ان امير قطر كان قد اشترى من ماله الخاص قبل اشهر مجموعة متاجر (هاروز) العائدة للمصري (محمد الفايد) في لندن بمبلغ 23000 مليون دولار (يا بلاش).
لا نريد ان ننتقد سياسة دولة قطر الداعية لإنفاق الهبات او بالأحرى إرسال المساعدات المالية لمسئولين في أمريكا تحت غطاء مساعدة منكوبي إعصار كاترينا خاصة وان اقتصاد أمريكا أقوى من اقتصاد قطر بمليون مرة. و لا ننوي ان ننتقد مساعدات دولة قطر لدولة عربية نفطية هي في الواقع أغنى من قطر عدة مرات. ولا نفكر في انتقاد دولة قطر بشأن إقامة مشاريع استثمارية او شراء متاجر في نيويورك و لندن و باريس و جنيف لان هذا من حقها و ان كل دولة او كل شخص مسئول عن إنفاق ماله حيثما يريد و يشاء، لكن دولة قطر و للأسف الشديد لم تذكر ضحايا الشعب العراقي بأي مساعدات مالية و لا إنسانية ولم تواس المواطنين في العراق حتى ببرقية تعزية او رثاء على ما تعرضوا و يتعرضون له يومياً من قتل و تفجير و إرهاب على يد الجماعات الإجرامية بل و إن قطر و لحد الآن تتفاخر بمساعدة و دعم المسئولين في النظام السابق في العراق برغم درايتها واطلاعها على فداحة الجرائم التي قام بها هؤلاء و معظمهم مطلوبين للمحاكمة و العدالة في العراق الجديد.
و الأهم في هذه التطورات و المواقف اتضح من خلال البحث الدقيق و المعلومات الأكيدة ان أمير دولة قطر لا ينفق اي مساعدات و هبات مالية من جيوبه المنتفخة بل ان قطر و منذ اكثر من 3 عقود و حتى الآن تسرق و بكل صلافة و علانية الغاز من حقلها المشترك بالمناصفة مع إيران المسمى في إيران (بارس الجنوبي) و في قطر (غاز الشمال) .
و وفقاً تقرير وكالة الطاقة الدولية يحوي حقلي بارس الجنوبي الإيراني والشمال القطري ما يقدر بنحو 50.97 تريليون متر مكعب من الغاز وحوالي 50 مليار برميل من المكثفات. ويغطي الحقل مساحة 9700 كيلومتر مربع من (بارس الجنوبي) في المياه الإقليمية الإيرانية و (حقل الشمال) في المياه الإقليمية القطرية.
و تسحب قطر يومياً من هذا الحقل اكثر من 300 مليون متر مكعب من الغاز اي سبعة أضعاف مما تحصل عليه إيران و تخطط قطر لسحب 710 مليون متر مكعب من هذا الحقل في العام 2012. و تخطط قطر أيضا لامتلاك طاقة تسييل 77 مليون طن من الغاز الطبيعي سنويا بنهاية العام الجاري في إطار خطة توسع ضخمة جعلت منها أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم.
تقرير رسمي لمجلس الشورى الإيراني (البرلمان) كشف النقاب مؤخراً ان قطر و بدون موافقة إيران سحبت حتى العام الماضي ما قيمته حوالي 45 مليار دولار من الحقل الغازي المشترك اكثر مما سحبته إيران، الا ان تقارير صحفية نشرت في طهران أكدت ان مجموع عائدات قطر من حقل (بارس الجنوبي) وصل حتى الآن أكثر من 62 مليار دولار بينما لم تتجاوز عائدات إيران من هذا الحقل سوى 6 مليارات دولار ، اي ان قطر و بحساب الأعداد و الأرقام سرقت من عائدات الشعب الإيراني 28 مليار دولار إذا كانت قطر ملتزمة وفقاً للقانوني الدولي بتوزيع عائدات حقل الغاز مناصفة و بصورة مشتركة.
و تزعم قطر ان من حقها سحب و إنتاج الغاز من الحقل المشترك بالشكل المناسب لها و وفقا لمصالحها و إنها خولت هذا الأمر لشركات عالمية عملاقة قادرة للإنتاج الهائل من الغاز بينما إيران بسبب الضغوط الأمريكية لم تتمكن من استقطاب استثمارات أجنبية لازمة لمنافسة قطر او الوصول إلى مستوى إنتاجها لسحب الغاز من الحقل المشترك.
الزعم القطري هذا قطعاً ليس له أي مبررات قانونية و لا مستندات شرعية و ان جميع الدول التي تملك حقول نفط وغاز أو حتى مياه مشتركة عليها الالتزام بالإنتاج المتساوي و الاستفادة بالمناصفة من هذه الحقول و ليس الاعتماد فقط على منح شركات عالمية حق الإنتاج و الحصول على عائدات هائلة لطرف على حساب انتهاك حقوق الطرف الآخر، حتى و ان كان الطرق المستفيد اكثر يعتمد على دعم و مساندة قوى عسكرية كبرى.
و بعبارة أوضح ان ملف الحساب مع قطر لم و لن يغلق، و على أمراء هذه الدولة الإدراك جيدا من ان عليهم إنفاق الأموال لتحسين صورتهم او نعتهم بالأبطال و الفاتحين والمانحين للهبات من جيوبهم الخاصة بهم و ليس من جيوب شعوب و دول أخرى، كما يفعل الآن الكثير من حكام المنطقة أيضا أسوة بأمراء قطر.
و ربما ان حكام قطر يتصورون الآن ان فرض المزيد من العقوبات على إيران و منع الشركات الأجنبية من الاستثمار في قطاعي الغاز و النفط سيمنحهم فرصة ذهبية أخرى لسحب المزيد من الغاز من الحقل المشترك و الحصول على عائدات كبرى لإنفاقها ببذخ في دول غربية او لشراء الذمم السياسية والواجهات الإعلامية في المنطقة الا ان عليهم ان يدركوا من ان الحكومات و لأسباب طارئة و ضغوط مفروضة اذا لم تحاسبهم على أفعالهم المشينة وغير القانونية في الوقت الراهن خاصة ما يتعلق مع إيران و العراق فان الشعوب سوف تقتص منهم و تطالبهم باستعادة حقوقها مهما طال الزمن و حتى وان اضطر أمير قطر التخلي عن زوجاته الخمسة و بيع دشداشته التي تصلح لصنع خيمة لخمسة أشخاص في سوق النخاسة!.
* كاتب و إعلامي مستقل
https://telegram.me/buratha