الدكتور عبد الامير حسن
قال تعالى: {يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} التوبة: 32مرة أخرى يطل علينا وجه كالح من الوجوه القبيحة لوعاظ السلاطين وخدمة البلاط، ومنبع الفتنة في هذه الأمة أتباع الفكر الوهابي المتخلف والمتطرف، يخرج علينا عبر شاشة البي بي سي ليجدد فتاوى التكفير ضد أتباع مذهب أهل البيت (ع)، ليكفر علماء الشيعة هذه المرةلأنهم ـ كما يزعم ـ يكفرون الخليفة أبا بكر ويلعنونه.وللرد على هذه الأصوات النشاز التي تنطلق من منبع الفتنة والتكفير والإرهاب ـ الوهابية ـ نؤكد على الأمور التالية:أولا: أن مراجع الشيعة وعلماءهم يرفضون مبدأ السب واللعن والتكفير، وقد أصدر أكثر من مرجع من مراجع الشيعة فتوى تنهى وتحرم المساس برموز المذاهب الإسلامية الأخرى (الخلفاء على وجه التحديد)، وإن اختلفنا معهم، وخطأنا مواقفهم التي اتخذوها ضد أهل البيت (ع).
ثانيا: إن قيام بعض عوام الشيعة، أو بعض من شذ عن خط العلماء بالتجاوز على بعض رموز أهل السنة، هذا الأمر لا يبرر للكلباني وأمثاله من وعاظ السلاطين تكفير عموم الشيعة أو علمائهم. وبالمقابل هناك من تجرأ على رموز الشيعة، بل وتجرأ على أئمتهم من عوام أهل السنة أو شواذ مشايخهم، ولكن ذلك لم يدع علماء الشيعة إلى إصدار فتاوى تكفر أهل السنة أو تهدر دماءهم.
ثالثا: لا نرى الكلباني وأمثاله من رؤوس الفتنة والتكفير الوهابي يلتزمون بهذه الأحكام التي يصدرونها ضد من سب أحد الخلفاء، ضد من سب خليفة المسلمين وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) على منابر الإسلام لأكثر من سبعين سنة، بل نراهم يترضون عنه ويقدسونه، وتلك قسمة ضيزى؟!!على كل حال هذة هجمة شرسة تشترك فيها كل قوى الشر والتخلف والتطرف ضد مذهب أهل البيت (ع) وأتباعه أينما كانوا. ولكن كما قال الله تعالى: (لا تحسبوه شر لكم بل هو خير) فهذا ينبئ بخير فهو دليل قوة هذا الخط وهذا الفكر الذي عمل الطغاة والظالمون عبر التاريخ على محوه فلم يزدد إلا علوا وارتفاعا، كما تنبأت بذلك السيدة زينب (ع) وهي تخاطب الإمام زين العابدين (ع) يوم عاشوراء: "ان هذا عهد من الله الى جدك رسول الله الى ابيك الحسين ولابد ان يقام في هذا المكان لابيك علماً لا يدرس على كرور الليالي والايام، وليجتهدن أئمة الكفر وأشياع الضلالة في محوه و طمسه، فلا يزداد أثره إلا ظهورا، وأمره إلا علوا".
فقد بدأت محاولات محو هذا الخط الإلهي منذ اللحظة الأولى لانطلاقه في مكة المكرمة على يد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فتصدى له أبو سفيان، واستمر الخط على يد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) فتصدى له معاوية بن أبي سفيان، ثم جاء دور الحسين (عليه السلام) فتصدى له يزيد بن معاوية، ثم حمل الراية شيعة علي والحسين فتصدى لهم أشياع معاوية ويزيد، وسيستمر هذا الصراع حتى يأذن الله لوليه الإمام المهدي المنتظر بالظهور ليملأ الأرض عدلا وقسطا بعدما ملئت ظلما وجورا على يد أعداء الله وأعداء رسوله.
قال تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} النور: 55
إننا لا نستغرب مثل هذه الحملات الظالمة ضد أتباع أهل البيت (عليهم السلام) بعدما تناقلت الأخبار أن أجهزت المخابرات في بعض الدول العربية قد رصدت ملايين الدولارات لنشر الفتنة الطائفية تحت شعار ما يسمى "بمواجهة التمدد الشيعي". وهناك من الوعاظ من هو مستعد أن يبيع دينه ودنياه وآخرته في سبيل الحصول على بعض حطام هذه الدنيا الدنية، ولكننا نقول لهؤلاء جميعا ما قاله الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ * لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَىَ بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ * قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يُغْفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُواْ فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ * وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّه فَإِنِ انتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} الأنفال: 36 ـ 39
https://telegram.me/buratha