المقالات

إلى متى المحاصصة والبلد يحترق؟!

1064 15:39:00 2009-05-21

حسن الهاشمي

أهم الإخفاقات التي واجهت العملية السياسية الديمقراطية في العراق بعد سقوط الصنم هي الاصطفافات الطائفية والقومية والحزبية التي تخندقت إزاءها الأحزاب المتنفذة في البلاد، ما جعل ميول الوزير والنائب والمدير وجميع المسؤولين إلى حزبه وجماعته وآخر من يفكرون به المواطن والوطن، وما الصفقات التي تجرى في مجلس النواب والمماحكات التي تظهر بين الكتل الكبيرة والتي تنتهي غالبا بالتغطية مقابل التغطية والتمشية مقابل التمشية إلا دليل بسيط على ذلك، ونتيجة هذه السياسات الخاطئة نجد أن البعض ممن ثبتت عليهم جرائم قتل وتهجير وتلاعب بالمال العام يصولون ويجولون في أروقة مجلس الوزراء والنواب والرئاسة ولا أحد يتجرأ أن ينبس ببنت شفة حيالهم.

وهذا بطبيعة الحال يولد مجلس وزراء متهرأ ومجلس نواب مضحك للثكلى لا يحل ولا يربط ولا يتحرك إلا لتعزير مواقع ومواقف الأحزاب الرئيسية! وتكون حصة الأسد في القرار والصولات والجولات لكل كتلة لها امتدادات إقليمية ودولية وخصوصا ارتباطها بدول القرار العالمي والاقليمي، وهذه الارتباطات هي التي جعلت الأقلية أكثرية والأكثرية مفككة ومتشرذمة لا حول لها ولا قوة، وأخذ البعض ممن يحسب نفسه وطنيا وأنه مشارك بالفعل في العملية السياسية يمارس الإرهاب ضد الأبرياء العزل للحصول على مكاسب سياسية، وهو في غاية الخسة والدناءة!!

ومما زاد الطين بلة فإن إخطبوطا مهولا قد فغر فاه لالتهام منجزات النظام الديمقراطي ألا وهو إخطبوط الفساد المالي المستشري في الكثير من مرافق الدولة، وإحدى المواد التي تشجع على الفساد المالي والإداري والموجودة في الدستور وهي المادة 136 والتي تنص على عبارة: ( لا يجوز إحالة أو تقديم أي موظف إلى المحاكم إلا بعد موافقة الوزير المعني أو رؤساء الدوائر غير المرتبطة بوزارة) وهذا النص معمول به الآن، ولا يعلم خلفية هذه المادة وما الفائدة من ذلك وماذا ولدّت؟ ولدت حالة من الاحتقان الشعبي إزاء المفسدين وفي نفس الوقت المواطن يشعر إن هناك فسادا لكنه لا يملك الأدلة!! وإذا وجدت هذه الأدلة فإنها ستصطدم بموافقة الوزير المحترم!! وهذه المادة وضعت لحصانة المسؤولين وانسيابية عملهم ولكنها في الوقت نفسه أعطت في الجانب الآخر المجال لضعاف النفوس سلوك الطرق المعوجة في الإرهاب والسرقة بغطاء الحصانة التي يمتلكها!! والحال إن في جميع دول العالم إذا ما ارتبطت قضية ما بأمن البلاد والعباد وبالأموال العامة فإن صاحبها يحاكم ويجازى ويلقى القبض عليه حتى لو كان في جحر ضب، ولكن في العراق الجديد المسألة تختلف فالمخالف يسرح ويمرح وإذا ما أزكمت رائحته الأنوف فإنه يصار التفكير برفع الحصانة عنه وفي هذه المعمعة وبعد مد وجزر نسمع بأنه غادر البلاد وهو يعيش في إحدى الدول الإقليمية أو الأوربية من دون ملاحقة قانونية لا من الإنتربول ولا هم يحزنون!!.

ولابد من اتخاذ إجراءات ميدانية تجعل المفسد غير مسنود من الكتل السياسية ومكشوف الرأس حتى يأخذ مجراه إلى المحاكم المختصة، لاسيما بعد الحملة التي تطلقها الحكومة اليوم للقضاء على الفساد المالي والإداري، ويبدو أن رئيس الوزراء نوري المالكي وقف عند هذه المنغصات معزيا إن سبب هذه الإخفاقات هي الديمقراطية التوافقية التي أثبتت فشلها ولابد من تبني ديمقراطية حكم الأكثرية، وأبدى رأيه بأن النظام الرئاسي هو أنجع من النظام البرلماني للقضاء على حالات التسيب والتشرذم التي تضرب بأطنابها في كافة مؤسسات الدولة الديمقراطية التوافقية، وهي ديمقراطية فريدة من نوعها ولا يجنى منها سوى الخلاف والعرقلة والخراب والدمار حيث أن رضا الناس غاية لا تدرك، ولا يمكن لا لرئيس الوزراء ولا لغيره التوفيق لجمع الاتجاهات المتقاطعة لأحزاب وميول متقاطعة أصلا في البرامج والمعتقدات والأهداف.

والبرلمان العراقي وبدلا من مساعيه لسن القوانين التي من شأنها تقويم المسيرة وتنشيطها وجعلها أكثر انسيابية لتثبيت دعائم الديمقراطية في العراق الجديد نراه يخوض إما بقوانين ثانوية لا تغني ولا تسمن من جوع تاركا القوانين المهمة كقانون النفط والغاز وراء ظهره أو يخوض بقانون امتيازات أعضاء البرلمان وهو الذي ذكر انه لكل عضو في البرلمان أن يتملك قطعة ارض ٍ لا تزيد عن 600 متر مربع مستثنين مسقط الرأس أي في أية منطقة من المناطق يشاؤون، ناهيك عن رواتبهم الضخمة التي قد تصل راتب بعض المسؤولين في الدولة إلى أكثر من 40 ألف دولار شهريا وهو ما لا يتقاضاه مسؤولون كبار حتى في الدول المتقدمة والتي انعم الله عليهم بالرفاه والأمان والتطور.

نحن لسنا ضد تحصيل المنافع للمسؤولين ولكن ينبغي أن تكون بقدر وأن توازي حالة العطاء مع هذه المشاكل الجمة التي تعصف بالبلاد، وأملنا من أعضاء مجلس النواب والوزراء والرئاسة أن يكون العطاء اكبر والنفس والفكر أوضح لان الشعب العراقي يتطلع إلى هؤلاء المسؤولين لحل مشاكله وترتيب أمره، فعليهم أن يديروا الملفات الساخنة التي تعصف بالبلاد بشكل دقيق بعيدا عن المحاصصة والمصالح الحزبية والفئوية الضيقة، وأخيرا وليس آخرا نقول للمسؤولين رأفة بالشعب الذي يئن تحت وطأة الإرهاب والفقر وانعدام الخدمات وقليلا من الوطنية... قليلا من الشعور بالمسؤولية!!.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
احمد الربيعي
2009-05-22
الى ان يأكلنا الحزب الاسلامي وطارق الهاشمي من هالفج الى هالفج
Army
2009-05-21
الى متى يبقى البعير على التل الى المساء. لكن في العراق يبقى الى الابد هذا من حيث الواقع . ان الموروث الذي اوجدته الانظمة السابقة هو السبب في عدم استقرار العراق اضافة الى المؤامرات التي تدار في وضح النهار لابقاء العراق متخلف عن الركب الحضاري .ناهيك عن الاحزاب المتنفذه في السلطة والقيادات الغير نزيهه او مخلصة للعراق كدولة ومستقبل . اما المواطن فهو في اخر قائمة العمل لديها ان وجدت تلك الاحزاب مجال لاضافته الى اجندتها السياسية وبرنامجها السياسي.
الدكتور شريف العراقي
2009-05-21
الحكومات في العقود السابقة هي التي خلقت الطائفية وليست حكومات ما بعد 2003
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك