بقلم : سامي جواد كاظم
ما ان تسمع او تقول الغاية تبرر الوسيلة حتى يتبادر الى ذهنك كتاب الامير لميكافللي ، يُقال عن الكتاب (خمسة قرون تمضي وما يزال الامير كتاب العصر انه كتاب السياسة لكل العصور اذ لم يحط كتاب في السياسة بشهرته ولم يذع اسم مؤلف كما ذاع اسم ميكيافللي) ، (لقد كان هذا الكتاب رفيقا للقادة العظام والبعض كان يحمله في جيبه والبعض كان يضعه تحت وسادة نومه ) .
ولكن ماهو الشيء الجديد الذي جاء به ميكافللي في كتابه الامير؟ هنا ساقارن بين المتيسر من فقرات كتاب الامير مع تاريخ يحاول المجتمع البشري تجاهله . لو أتهم معاوية ميكافللي يوم القيامة بسرقة افكاره وتدوينها في كتاب الامير لكسب القضية معاوية ومن غير محام . حكم بني امية هو حكم معاوية فكل موبقات حكام بني امية هي اصلا صادرة من مدرسة معاوية تعالوا لنقارن . ميكافللي ـ على الامير الا يخشى اللوم على الرذائل اللازمة للحفاظ على الدولة؛ و بعض الاشياء التى تبدو شريرة ستجلب له الامن و الرخاء . معاوية ـ يقول ولله جنود من عسل اشارة الى طريقة الانتقام بدس السم في العسل وراح ضحية هذه الدسيسة الكثير من النجباء والشرفاء اولهم البطل مالك الاشتر رضوان الله تعالى عليه .
يقول المطرف مخاطبا ابيه المغيرة بن شعبة : ما لي أراك مغتما منذ الليلة فقال يا بني جئت من عند أكفر الناس وأخبثهم!. قلت: وما ذاك؟ قال: قلت له «لمعاوية» وقد خلوت به إنك قد بلغت سنا يا أمير المؤمنين (؟!) فلو أظهرت عدلا وبسطت خيرا فإنك قد كبرت ولو نظرت إلى إخوتك من بني هاشم فوصلت أرحامهم فقال: هيهات هيهات أي ذكر أرجو بقاءه وإن إبن أبي كبشة ليصاح به كل يوم خمس مرات أشهد أن محمدا رسول الله فأي عمل يبقى وأي ذكر يدوم بعد هذا لا أبا لك لا والله إلا دفنا دفنا "..
ميكافللي ـ على الانسان ان يعرف كيف يضفى الالوان على اعمالة؛وان يكون بارعا فى الكذب و الغش "معاوية ـ رواية ذكرها ابن كثير في تاريخه 8: 77: دخل سعد بن أبي وقاص على معاوية فقال له: مالك لم تقاتل عليا؟ فقال سعد: ما كنت لأقاتل رجلا قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنت مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي. فقال معاوية: من سمع هذا معك؟ فقال: فلان وفلان وأم سلمة. فقال معاوية: أما إني لو سمعته منه صلى الله عليه وسلم لما قاتلت عليا.
(سيد قطب ـ كتب وشخصيات ص242 ـ تعقيبا على خدعة رفع المصاحف وغدر عمرو بن العاص يقول : وحين يركن معاوية وزميله إلى الكذب والغش والخديعة والنفاق والرشوة وشراء الذمم لا يملك علي أن يتدلى إلى هذا الدرك الأسفل.
ميكافللي ـ ينبغي للأمير أن يحافظ على العهد حين يعود ذلك عليه بالفائدة فقط. أما إذا كانت المحافظة على العهد لا تعود عليه بالفائدة فيجب عليه حينئذٍ أن يكون غدارًا معاوية ـ غدر معاوية بخيرة صحابة امير المؤمنين عليه السلام والتاريخ يذكر لنا حجر بن عدي الكندي وولده وهاشم المرقال وميثم التمار ورشيد الهجري وعمرو بن الحمق .
امتثالا لامر معاوية بعث زياد إلى قبيصة بن ضبيعة بن حرملة العبسي صاحب شرطته شداد بن الهيثم فدعا قبيصة في قومه وأخذ سيفه فأتاه ربعي بن حراش بن جحش العبسي ورجال من قومه ليسوا بالكثير فأراد أن يقاتل فقال صاحب الشرطة: أنت آمن على دمك و مالك، فلم تقتل نفسك؟ فقال له أصحابه: قد أومنت فعلام تقتل نفسك وتقتلنا معك؟قال: ويحكم إن هذا الدعي ابن العاهرة والله لئن وقعت في يده لا أفلت منه أبدا أو يقتلني. قالوا: كلا فوضع يده في أيديهم فأقبلوا به إلى زياد فلما دخلوا عليه قال زياد: وحي عسى تعزون على الدين، أما والله لأجعلن لك شاغلا عن تلقيح الفتن والتوثب على الأمراء. قال: إني لم آتك إلا على الأمان. قال: فانطلقوا به إلى السجن وقتل مع من قتل من أصحاب حجر.ميكافللي ـ اما الدولة فانها تضحى بكل شئ حتى الفضيلة نفسها من اجل المحافظة على كيانها ""معاوية ـ نصب ولده الخليع يزيد على رقاب المسلمين لهو خير دليل على الحفاظ على كيان الدولة الاموية ميكافللي ـ لا يلزم الأمير أن يكون متحليًا بفضائل الأخلاق المتعارف عليها، ولكن يجب عليه أن يتظاهر بأنه يتصف بها. وينبغي له أن يبدو فوق كل شيء متدينًامعاوية ـ أخرج إمام الحنابلة أحمد في مسنده 5: 347 من طريق عبد الله بن بريدة قال: دخلت أنا وأبي على معاوية فأجلسنا على الفرش ثم أتينا بالطعام فأكلنا، ثم أتينا بالشراب فشرب معاوية ثم ناول أبي ثم قال: ما شربته منذ حرمه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم قال معاوية: كنت أجمل شباب قريش، وأجودهم ثغرا، وما شيئ كنت أجد له لذة كما كنت أجده وأنا شاب غير اللبن أو إنسان حسن الحديث يحدثني.
أخرج ابن عساكر في تاريخه 7: 211 من طريق عمير بن رفاعة قال: مر على عبادة بن الصامت وهو في الشام قطارة تحمل الخمر فقال: ما هذه؟ أزيت؟ قيل لا، بل: خمر تباع لفلان، فأخذ شفرة من السوق فقام إليها فلم يذر فيها راوية إلا بقرها وأبو هريرة إذ ذاك بالشام، فأرسل فلان إلى أبي هريرة يقول له: أما تمسك عنا أخاك عبادة؟ أما بالغدوات فيغدوا إلى السوق فيفسد على أهل الذمة متاجرهم، وأما بالعشي فيقعد في المسجد ليس له عمل إلا شتم أعراضنا أو عيبنا، فأمسك عنا أخاك، فأقبل أبو هريرة يمشي حتى دخل على عبادة فقال له: يا عبادة! مالك ولمعاوية؟ ذره وما حمل، فإن الله يقول: تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم
وأخرج مسلم وغيره من طريق أبي الأشعث قال: غزونا غزاة وعلى الناس معاوية فغنمنا غنايم كثيرة فكان فيما غنمنا آنية من فضة فأمر معاوية رجلا أن يبيعها في أعطيات الناس فتسارع الناس في ذلك فبلغ عبادة بن الصامت فقام فقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير والتمر بالتمر، والملح بالملح، إلا سواء بسواء عينا بعين فمن زاد أو ازداد فقد أربى،واما اظهار معاوية تمسكه بالدين الاسلامي فانه صلى بجيشه عند مسيرهم إلى صفين صلاة الجمعة في يوم الأربعاء ( مروج الذهب )
ميكافللي ـ تسليط الاراذل و اولاد الزنا على رقاب الناس معاوية ـ استخدامه لعمرو بن العاص على مصر وقتله مالك الاشتر ومحمد بن ابي بكر ، واستعماله زياد ابن سمية والحاقه بنسبه وتسليطه على البصرة ، وتنصيب المغيرة بن شعبة على الكوفة .بعد كل هذا فهل يستحق ميكافيللي الشهرة اكثر من معاوية ؟هذا مع العلم اني لم اذكر الكثير من موبقات معاوية لضيق المجال في هذا المقال ، والا يكفي معاوية موبقة انه امر بسب امير المؤمنين عليه السلام من على المنابر وتسليط زنديقه يزيد على رقاب المسلمين وقتله سيد الشهداء الحسين عليه السلام.ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ينقل السيد رشيد رضا في كتابه الوحي المحمدي أن عالماً ألمانياً كبيراً قال لبعض علماء الأستانة إنه ينبغي أن نقيم لمعاوية تمثالاً من الذهب في برلين لأنه حول نظام الحكم عن قاعدته الديمقراطية ولولا ذلك لعم الإسلام العالم ولكنا نحن الألمان وسائر أوروبا عرباً مسلمين
https://telegram.me/buratha
