المقالات

الاعلام العراقي ... بين المصداقية والتضليل

1293 16:20:00 2009-04-01

د. كاظم الجنابي

"الاعلام الحر يمكن ان يكون جيدا او سيئا، ولكن المؤكد انه بدون الحرية لن يكون سوى سيئا، الحرية هي فرصة ان تكون افضل والتبعية هي الطريق الى الاسوا" البرت كاموس روائي فرنسي حائز على نوبل للاداب

"الاعلام افضل وسيلة لتنوير عقل الانسان، افاقة رشده،وتهذيب اخلاقياته وكيانه الاجتماعي"

يقصد بالاعلام في اللغة التبليغ او الايصال، ومن الناحيه العلمية يشير الاعلام الى الأسلوب المنظم للدعاية السياسية اوترويج الأفكار. وفي العقود الاخيرة شهد الاعلام نموا هائلا وظهرت وسائل جديدة كالفضائيات والانترنت وغيرهما بعد ان كان مقتصرا على الاعلام المقروء كالصحف و المسموع كالاذاعات. وقد تجاوز الاعلام دوره التقليدي بايصال المعلومة كالاخبار وغيرها الى دور اجتماعي وثقافي وعلمي وغيرها، حتى بات الاعلام قادرا على تشكيل التفكير الاجتماعي والسياسي والثقافي وتوجيهه. وقد بات الاعلام الوسيلة الانجح للترويج للمعتقدات والافكار والتوجهات سواء للدولة او ماعداها.

على مدى عقود من الزمن كان اعلام الدولة في العراق هو الجهة الوحيدة التي تسوق الاخبار والافكار وبما يتلائم مع توجهات السلطة، واصبح الاعلام حكرا على مؤسسات السلطة فبات المواطن يسمع ويقرا ويتابع ماتريده له السلطة وغابت حرية الاعلام والتعبير،وضربت القيود والجدران الحديدية حول الاعلام ووسائله المختلفة، واخذ اعلام الدولة يفقد مصداقيته شيئا فشيئا حتى عاد بلا مصداقية، واخذ المواطن يبحث عن المعلومة الصحيحة في غير اعلام بلده، وليس هناك اصدق من المقولة الشائعة التي كان المواطن العراقي يتداولها في حينه "كلام جرائد" عن اعلام السلطة والدولة. هذا التقنين ادى وبمرور الزمن الى غياب وسيلة ممتازة للتاثير في الراي العام وتطويره واغناءه واقصد هنا الاعلام الحر، الامر الذي حرم مجتمعنا من هذه الوسيلة.

وبعد التغيير الجارف الذي حصل في العراق في نيسان 2003 والذي شمل جميع مناحي الحياة، كان للاعلام حصته من هذا التغيير بل حصل تغيير شامل في ينية واداء هدا القطاع الهام ، انتهى سيف السلطة المسلط على قنوات الاعلام المختلفة بل وانتهى حتى مقص الرقيب كما يقال ، وبات هذا المرفق الحيوي يتمتع بحرية مطلقة، ولا عجب ان نرى ظهور عشرات الفضائيات واكثر من ذلك بكثير الصحف والاف مواقع الانترنت بمجالاتها المختلفة. تمتّع المواطن العراقي بعد عقود طويلة من الحرمان بحرية اختيار مايسمع ويقرا ويرى، وبات الجميع يدلو بدلوه دون خوف او قيد والمواطن هو الفيصل والحكم. ولا عجب ان نرى ثمرة تلك الحرية في الاعلام من التنوع الثري والنتاجات القيمة للعاملين في هذا المجال واستطعنا الوصول الى نتاجات كتابنا ومثقفينا بأيسر الطرق. عادت المصداقية الى وسائل اعلامنا، بدأ المواطن يبحث عن المعلومة الصحيحة من خلال وسائل اعلام بلده، وعاد الدور البنّاء للاعلام. وحسنا فعلت الدولة باختيار الشخصيات المهنية ذات القدرة على مخاطبة الانسان العراقي والتي تتحدث بالوقائع والارقام والحقائق وتبتعد عن التخمينات والتحليلات لتوضيح صورة مايحدث في بلدنا.

وعلى الجانب الاخر من ذلك، سمحت تلك الحرية بظهور قنوات اعلام مختلفة ومتنوعة، فكما ان للدولة قنواتها لايصال ماتريد ايصاله الى المجتمع، ظهرت وبشكل واسع القنوات الاعلامية المضادة والمعارضة، وهذه لابأس بها اذا كان هدفها اظهار العيوب لغرض اصلاحها كتلك التي تلاحق و تنشر اخبار الفساد والجريمة والتقصير بحق المواطن وغيرها، وهذه القنوات ترى فيها الدولة مرآة لعيوبها واخطائها وترى فيها ظهيرا ومساندا لها كوسيلة رقابية فعالة تصل الى مالاتصل اليه ايدي واعين الدولة والمسؤولين. وعلى الضفة الاخرى من هذين النموذجين للاعلام ظهر نوع ثالث من الاعلام لعب ولازال يلعب دورا سلبيا ومعوّقا لبناء الدولة والمجتمع وتكوين وتطوير الثقافة المجتمعية والمساعدة في اعادة اللحمة الى المجتمع العراقي التي تعرض الى هزات عنيفة كادت تؤدي بالعراق الى مشاكل جمة على راسها الحرب الطائفية البغيضة.

ظهرت وسائل الاعلام هذه كنتيجة للتغيير الايجابي الذي حصل في العراق، مستفيدة ومستغلة للحرية المتوفرة ولكنها وللاسف لعبت ولازالت تلعب دورا سلبيا وهدّاما، بل لعب بعضها دورا لتمثيل وتنفيذ اجندات خارجية لاتريد بالعراق خيرا، فليس هناك اسهل من التلاعب بالالفاظ لتحويل الضحية الى جلاد وبالعكس ثم تسويق هذه الفكرة بما هو متاح من وسائل الاعلام. عملت وسائل الاعلام المشبوهة هذه بمبدا "اكذب ثم اكذب ثم اكذب حتى تصدق نفسك" للترويج لاجندتها واهدافها المشبوهة. وليس بعيدا عنا الدور السيء الدي لعبته الكثير من وسائل الاعلام العراقية منها ماياتي من داخل العراق واخرى من خارجه في تاجيج الاصطفاف الطائفي البغيض وتسويق الحج والاعذار للاقتتال بين فئات المجتمع العراقي.

وكما ان لكل مهنة مايعرف باخلاقيات المهنة، فلمهنة الطب اخلاقياتها التي تميزها عن باقي المهن، وللمهندس والمعلم وغيره، كذلك فان للاعلام اخلاقياته، فالكثير من المهن لايتعدى حدود تاثيرها وعملها مكانا وزمانا محددين، يتميز الاعلام باتساع وربما شمولية تاثيره على مديات واسعة وآفاق متنوعة، الامر الذي يجعل هذه المهنة تتحمل مسؤوليات تتجاوز الحدود الشخصية والزمانية والمكانية بل ويمكن ان يتعدى تاثيرها حتى حدود مجتمعها. ومن المفيد ان ندرج في سياق الحديث بعضا من تلك الاخلاقيات التي ارغب برؤيتها كقاريء في صحافتنا خصوصا واعلامنا عموما ومنها التفكير الحر وغير التبعي، المسئولية في نقل الاخبار وغيرها، الاستقلالية وعدم الانحياز، المصداقية والدقة، المحافظة على حقوق الاخرين واحترامها،و النقد الهادف والبناء.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك