الإسلام ومن لا يعرف حكم إرث الجدة

( بقلم : السيد عامر الحسني )

يعيش المواطنون الشيعة الشرفاء في شبه الجزيرة العربية تحت ظل احتلال سعودي لبلادهم منذ أن وطأت أقدام قبيلة بني سعود أرض الجزيرة العربية في ثلاثينات القرن الماضي ليؤسسوا كيان سياسي غاصب ذا نسخة مشوهة من الكيانات التي قدر لها أن تحكم بلاد المسلمين بدءاً من الكيان الصهيوني ومروراً بالكيانات العربية وانتهاءاً بهم , ولقد أذاقوا شعب القطيف والاحساء من شيعة أهل البيت عليهم السلام الويلات لأنهم يمثلون الإسلام المحمدي الأصيل وهذا جعلهم عرضة لجميع مساوئ السلطات الحاكمة منذ شهادة الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله إلى هذا اليوم .

ولقد حاول الكيان السعودي الغاصب وبكل ما أوتي من قوة أن يطفئ شمعة التشيع في ظلام صحراء الجزيرة العربية , إلا أن محاولاته باءت بالفشل , مما جعله يستشيط غضباً , ويشن حرب طائفية عالمية كالتي شنها أبو سفيان على الإسلام في بداية الدعوة الإسلامية وبمعية العديد من الشخصيات المتنفذة والتي دخلت الإسلام نفاقاً لتتبؤ مناصب عليا وصلت إلى سدة الخلافة لتحكم باسم الإسلام .وكان خير ما وصف به استئثارهم بالسلطة هو وصف الإمام علي عليه السلام لهم في خطبته الشقشقية : أما والله . لقد تقمصها ابن أبي قحافة، وإنه ليعلم أن محلى منها محل القطب من الرحا ، ينحدر عنى السيل ، ولا يرقى إلى الطير . فسدلت دونها ثوبا ، وطويت عنها كشحا ، وطفقت أرتئي بين أن أصول بيد جذاء ، أو أصبر على طخية عمياء ، يهرم فيها الكبير ، ويشيب فيها الصغير ، ويكدح فيها مؤمن حتى يلقى ربه ، فرأيت أن الصبر على هاتا أحجى ، فصبرت وفي العين قذى ، وفي الحلق شجا ، أرى تراثي نهبا .

فما الذي يتوقعه المسلم بعدئذ من حكام ساسوا البلاد والعباد وقد وضعوا من الأوصياء من آل محمد خلف ظهورهم , فعلى الإسلام السلام حينما يحكم المسلمين من لا يعرف حكم إرث الجدة ومن لا يعرف حكم الحبلى المجنونة ؟

فعن قبيصة بن ذؤيب قال : ( جاءت الجدة إلى أبي بكر فسألته ميراثها , فقال: مالك في كتاب الله شيء , وما علمت لك في سنة رسول الله (صلى الله عليه وآله) شيء , فارجعي حتى أسأل الناس فسأل الناس , فقال المغيرة بن شعبة : حضرت رسول الله (صلى الله عليه وآله) أعطاها السدس , فقال : هل معك غيرك ؟ فقام محمد بن مسلمة الأنصاري فقال مثل ما قال المغيرة بن شعبة , فأنفذه لها أبو بكر , قال: ثم جاءت الجدة الأخرى إلى عمر فسألته ميراثها فقال : مالك في كتاب الله شيء ولكن هو ذاك السدس فإن اجتمعتما فهو بينكما وأيكما خلت به فهو لها ) ( موطأ مالك 2 / 54 ، وسنن الدارمي 2 / 359 ، وأبي داود 2 / 38 ، وابن ماجة ص 910 وبداية المجتهد 2 / 278 .)

وعن الزمخشري الخوارزمي ، مرفوعاً إلى الحسن ، أن عمر بن الخطاب أتي بامرأة مجنونة حبلى ، قد زنت ، فأراد أن يرجمها ، فقال له علي (عليه السلام): أو ما سمعت ما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: وما قال ؟ قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): رفع القلم عن ثلاثة: عن المجنون حتى يبرأ، وعن الغلام حتى يدرك، وعن النائم حتى يستيقظ، قال: فخلّى عنها . (مناقب الخوارزمي: 80 ح64 ، كشف الغمة باب مناقب علي (عليه السلام) 1:110 ، مسند أحمد 1:140، إرشاد القلوب: 213 )

لقد ابتلي شيعة أهل البيت عليهم السلام بحكام أمثال هؤلاء الذين خرجوا عن ربقة الإسلام ليؤسسوا لإسلام مشوه لا زال يحكم منذ 1400 عام , يعاني منه شيعة الجزيرة العربية , استأثر فيئه بنو سعود .

لقد اقترف بنو سعود العديد من الجرائم بحق شيعة أهل البيت عليهم السلام والذين قال عنهم أمير المؤمنين علي عليه السلام حينما خاطب خادمه قنبر : أبشروا وبشّروا !.. فو الله لقد مات رسول الله صلى الله عليه وآله وهو ساخط على أُمّته إلا الشيعة . ألا وإنّ لكلّ شيءٍ عروةً ، وعروةُ الدّين الشيعة .. ألا وإنّ لكلّ شيءٍ شرفاً ، وشرفُ الدين الشيعة .. ألا وإنّ لكلّ شيءٍ سيّداً ، وسيّدُ المجالس مجالسُ الشيعة .. ألا وإنّ لكلّ شيءٍ إماماً ، وإمامُ الأرض أرضٌ تسكنها الشيعة .. ألا وإنّ لكلّ شيءٍ شهوةً ، وشهوةُ الدنيا سكنى شيعتنا فيها . والله لولا ما في الأرض منكم ما استكمل أهل خلافكم طيّباتٍ مالهم في الآخرة فيها نصيب ، كلّ ناصبٍ وإن تعبّد واجتهد منسوبٌ إلى هذه الآية : { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ , عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ , تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً }. كلّكم في الجنّة فتنافسوا في الصالحات ، والله ما أحد أقرب من عرش الله بعدنا يوم القيامة من شيعتنا ، ما أحسن صنع الله إليهم !.. لولا أن تفتنوا ويشمت بكم عدوّكم ويعظّم الناس ذلك ، لسلّمت عليكم الملائكة قُبلاً .

لقد استاء بنو سعود من قيام شيعة القطيف والاحساء الشرفاء من إقامة المآتم والمجالس الحسينية في شهري محرم وصفر , فقاموا بإغلاق العديد من الحسينيات والجالس , وآخر ما قاموا به هو منعهم للمئات من زائري قبر الرسول صلى الله عليه وآله وأئمة البقيع عليهم السلام ممن قدموا من المنطقة الشرقية لأداء فريضة الزيارة والتي عادة ما يقوم بها المواطنون الشيعة قبل ذكرى استشهاد الرسول صلى الله عليه وآله .

لقد بلغت الوقاحة بأزلام بنو سعود أن يجرؤا من النيل من نساء الشيعة الشريفات حيث وصفوهن بألفاظ بذيئة مثل قولهم لهن بالرافضيات والمشركات وبنات المتعة مما جعل من الزينبيات أن يردن الصاع صاعين ويرمين أزلام الكفر بالأحذية .

لقد استذكرت تقريع مولاتي زينب سلام الله عليها لعبيد الله بن زياد في مسجد الكوفة حينما قال لها : الحمد لله الذي فضحكم وقتلكم وأكذب أحدوثتكم. فقالت زينب عليها السلام : الحمد لله الذي أكرمنا بنبيه محمد ( صلى الله عليه وآله ) وطهرنا من الرجس تطهيرا ، وإنما يفتضح الفاسق ويكذب الفاجر ، وهو غيرنا والحمد لله. فقال ابن زياد : كيف رأيت فعل الله بأهل بيتك ؟! فقالت : ما رأيت إلا جميلاً ، هؤلاء قوم كتب الله عليهم القتل ، فبرزوا إلى مضاجعهم ، وسيجمع الله بينك وبينهم فتحاجون إليه وتختصمون عنده فانظر لمن الفلج يومئذ ، ثكلتك أمك يابن مرجانة !!